حزب الـله سييموِّل المحكمة!

يقول العارفون إنّ الرئيس نجيب ميقاتي لم يكن يبادر إلى التعهّد أمام المجتمع الدولي بتمويل المحكمة، لولا ثقته في أنّ ذلك متيسّر، وأنّ الحكومة ستحني رأسها مرّة جديدة ليمرّ "قطوع" التمويل، كما حَنَت رأسها لتمرير "قطوع" الكهرباء.

ولذلك سيتوجّه رئيس الجمهورية الى نيويورك في 19 الجاري، مستنداً الى إقرار التمويل، أو إلى اتّجاه حاسم لإقراره، بما يقدّم إثباتاً حسّيا على التزام لبنان القرار 1757. ومن ثمّ يقوم الرئيس ميقاتي باختتام "أيلول اللبناني" في رئاسة مجلس الأمن، وفي رصيد حكومته ما يعوّض الثغرة التي تعانيها، نتيجة عدم قدرتها على تلبية متطلبات المحكمة في "إبلاغ" المتّهمين الأربعة الواردة أسماؤهم في القرار الاتّهامي وجلبهم الى المحاكمة، مع ما رافق ذلك من أسئلة في لاهاي ونيويورك.

لم تأتِ ساعة الحكومة بعد!

ومن هذه الأسئلة: هل "عجِزَ" لبنان فعلاً عن العثور عن المتّهمين، أم إنّه انصاع للرفض المعلن والعنيف الذي صدر عن "حزب الله"؟ وتالياً، كيف ستتعاطى الحكومة اللبنانية مع المراحل الداهمة من عمل المحكمة، بدءاً بصدور مستتبعات للقرار الاتّهامي، وصولاً الى انطلاق المحاكمات غيابيّا؟ وهل ستضطرّ المحكمة الى إشعار مجلس الأمن بشكوكها إزاء تجاوب لبنان جدّياً مع القرار 1757؟ وما هي احتمالات اللجوء الى الفصل السابع من نظام الأمم المتحدة في هذه الحال؟

وتوضح أوساط سياسية مبرّرات اقتناع ميقاتي بأنّ التمويل سيُنجز على رغم الانتقادات. وأبرز المبرّرات هو أنّ ملفّ المحكمة نوقش بينه وبين " حزب الله " مراراً. وهو كان المحور الأساسي في اللقاءات التي جمعته ومسؤولي "الحزب" عند تكليفه رئاسة الحكومة. فهذا الملفّ كان السبب في إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، على خلفيّة أزمة الشهود الزور. وتضمّن البحث يومذاك بين الطرفين إمكان سحب القضاة اللبنانيين، إضافة الى كيفية التعاطي مع القرار الاتّهامي والتمويل وتمديد بروتوكول التعاون لثلاث سنوات مقبلة في آذار المقبل. وعلى رغم عدم التوافق بين ميقاتي و"الحزب" على مخارج حاسمة، فإنّهما على الأقلّ توافقا على مراعاة كلّ منهما لخصوصيّات الآخر، وهما يلتقيان على أنّ بقاء الحكومة مصلحة مشتركة، إلى أن يظهر العكس لأحدهما فيعمد إلى إسقاطها.

ومن هذا المنطلق، سيتمّ ابتداع المخارج لاستحقاق التمويل المتعثّر عمداً منذ عهد الحكومة السابقة. فـ"الحزب"، حتى اليوم، لم يبلغ بانزعاجه من ميقاتي حدودَ القرار بإسقاط حكومته وتحويلها حكومة تصريف للأعمال. ويخشى "الحزب" أن يقوم بذلك فيفتح باباً خطراً عليه، وهو احتمال فقدانه الفريق الوسطيّ الذي جعل 8 آذار جزءاً من الغالبيّة. فيذهب هذا الفريق، بتأثير التطوّرات السورية، الى تموضع آخر، وتعود السراي وساحة النجمة الى توازن مختلف.

واتّجاه "حزب الله" الى تمريرعاصفة التمويل يدعمه اقتناعه بأنّ تمويل المحكمة متيسّر، سواء أقرّت الحكومة أم لم تقرّ مساهمتها البالغة 49 % من أصل الـ 65 مليون دولار، وهو حجم التمويل السنويّ للعام 2011. فهناك في نظام المحكمة بدائل يمكن تحصيلها من مصادر مختلفة، وهي متوافرة في جزء وافٍ اليوم.

ولذلك، سيكون تعطيل "الحزب" للتمويل- إذا حصل- حركة ذات طابع رمزيّ، ولكن لا مردود عمليّا لها، لأنّ المحكمة ستستمرّ الى أن تواجه استحقاق التمديد في آذار، إذا بقيت الحكومة حتى ذلك الموعد.

المخرج برلمانيّ

ولأنّ "حزب الله" لم يتّخذ بعد قرار التخلّص من "حكومته"، فإنّه سيجهد لتمرير العاصفة، لكنّه لن يسجّل أنّه اعترف بالمحكمة. والمخارج في هذا المجال ليست معدومة.

فالفشل في إقرار التمويل في مجلس الوزراء يمكن ان يستعاض عنه ببند خاص في الموازنة. والخيار الأرجح، وفق مصادر معنيّة، هو ان يغضّ "حزب الله" الطرف عن نقل الملفّ الى المجلس النيابي. ويتحقّق ذلك بمشروع قانون تحيله الحكومة أو اقتراح قانون يتقدّم به أحد النوّاب.

وقد يعمد فريق 8 آذار الى التصعيد ضدّ إقرار الملفّ ضمن حدود معيّنة، ليسجّل ردّاً على تصعيد 14 آذار والوسطيّين في ملفّ الكهرباء. لكنه سيترك المجال لمروره في المجلس، حيث ميزان القوى يختلف عمّا هو عليه في الحكومة. فهناك تصبح أصوات 14 آذار، إذا تضامن معها نوّاب "جبهة النضال" و"التكتل الطرابلسي" هي الغالبية. ولا بأس لـ"الحزب" من مخرج من هذا النوع إذا كان يوفّر الإحراج عليه. ونموذج اقتراح العماد ميشال عون "الكهربائي" لم يمضِ عليه وقت طويل. التمويل متوافر… بالحكومة أو من دونها

ومن هذا المنطلق، سيتمّ ابتداع المخارج لاستحقاق التمويل المتعثّر عمداً منذ عهد الحكومة السابقة. فـ"الحزب"، حتى اليوم، لم يبلغ بانزعاجه من ميقاتي حدودَ القرار بإسقاط حكومته وتحويلها حكومة تصريف للأعمال. ويخشى "الحزب" أن يقوم بذلك فيفتح باباً خطراً عليه، وهو احتمال فقدانه الفريق الوسطيّ الذي جعل 8 آذار جزءاً من الغالبيّة. فيذهب هذا الفريق، بتأثير التطوّرات السورية، الى تموضع آخر، وتعود السراي وساحة النجمة الى توازن مختلف.

واتّجاه "حزب الله" الى تمريرعاصفة التمويل يدعمه اقتناعه بأنّ تمويل المحكمة متيسّر، سواء أقرّت الحكومة أم لم تقرّ مساهمتها البالغة 49 % من أصل الـ 65 مليون دولار، وهو حجم التمويل السنويّ للعام 2011. فهناك في نظام المحكمة بدائل يمكن تحصيلها من مصادر مختلفة، وهي متوافرة في جزء وافٍ اليوم.

ولذلك، سيكون تعطيل "الحزب" للتمويل- إذا حصل- حركة ذات طابع رمزيّ، ولكن لا مردود عمليّا لها، لأنّ المحكمة ستستمرّ الى أن تواجه استحقاق التمديد في آذار، إذا بقيت الحكومة حتى ذلك الموعد.

المخرج برلمانيّ

ولأنّ "حزب الله" لم يتّخذ بعد قرار التخلّص من "حكومته"، فإنّه سيجهد لتمرير العاصفة، لكنّه لن يسجّل أنّه اعترف بالمحكمة. والمخارج في هذا المجال ليست معدومة.

فالفشل في إقرار التمويل في مجلس الوزراء يمكن ان يستعاض عنه ببند خاص في الموازنة. والخيار الأرجح، وفق مصادر معنيّة، هو ان يغضّ "حزب الله" الطرف عن نقل الملفّ الى المجلس النيابي. ويتحقّق ذلك بمشروع قانون تحيله الحكومة أو اقتراح قانون يتقدّم به أحد النوّاب.

وقد يعمد فريق 8 آذار الى التصعيد ضدّ إقرار الملفّ ضمن حدود معيّنة، ليسجّل ردّاً على تصعيد 14 آذار والوسطيّين في ملفّ الكهرباء. لكنه سيترك المجال لمروره في المجلس، حيث ميزان القوى يختلف عمّا هو عليه في الحكومة. فهناك تصبح أصوات 14 آذار، إذا تضامن معها نوّاب "جبهة النضال" و"التكتل الطرابلسي" هي الغالبية. ولا بأس لـ"الحزب" من مخرج من هذا النوع إذا كان يوفّر الإحراج عليه. ونموذج اقتراح العماد ميشال عون "الكهربائي" لم يمضِ عليه وقت طويل.  

السابق
دمشق طلبت من حماس توزيع كوادرها العسكرية خارج سورية
التالي
جنبلاط يتجنب العصفورية..لوقف الابتزاز