اللواء: قيادات إسلامية تنتظر عودة الراعي لإستيضاح مواقفه

تقدمت <الهزة> التي احدثتها تصريحات البطريرك الماروني مار بطرس بشارة الراعي، تجاه سوريا وسلاح <حزب الله>، على ما عداها من الناحية السياسية، في حين شكلت مواقف النائب ميشال عون من الموظفين السنّة الكبار في الوظائف الامنية والادارية، من اللواء اشرف ريفي، الى القاضي سعيد ميرزا، والامين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي، حلقة من حلقات الضغط على القرار الحكومي، حيث قابلت الاوساط الحكومية هذه المحاولة بالاستياء، والتزام الرئيس نجيب ميقاتي الصمت، لان السجالات في هذه المرحلة لن تخدم الاستقرار ووحدة القرار الحكومي الذي اخرج خطة الكهرباء، ويبحث عن الصيغة الملائمة لتمويل المحكمة، بما لا ينعكس على الحكومة، او يؤثر على التزامات لبنان الدولية من القرار 1701، الى القرار 1757·

وعلى خط موازٍ، تركت التطورات المحيطة <بحرب الويكيليكس> اللبنانية اثاراً سلبية عن المحاولات الجارية لاعادة احياء الحوار الداخلي الذي يعتبره الرئيس ميشال سليمان حجر الزاوية في الحفاظ على الاستقرار اللبناني بابعاده كافة، السياسية والامنية والاقتصادية، عشية سفره الى نيويورك لترؤس جلسة لمجلس الامن الدولي مخصصة للبحث في القضية الفلسطينية وطلب اعلان فلسطين دولة مستقلة، لان لا مصلحة للبنان – وفقاً لمصادر رسمية – ان يكون على رأس اعلى مركز قضائي وسياسي دولي، وهو يواجه ازمات صغيرة على ارضه·

وفيما تنتظر دوائر مجلس النواب وصول مشروع خطة الكهرباء الذي أقرّه مجلس الوزراء، قبل يومين، والصيغة التي سيرسل بها، لكي يُبنى على الشيء مقتضاه، بين ما اذا كان المشروع بصيغة المعجل المكرر، بما يعني ان الحكومة تستعجل اقراره· (وفي هذه الحالة قد يضعه الرئيس نبيه بري فوراً على جدول اعمال الجلسة التشريعية)، او اذا كان بصيغة مشروع عادي الى اللجان النيابية، وإن كان من المرجح في الحالتين (معجل او غير معجل) ان يحال المشروع على اللجان النيابية، فيكون بري قد أرضى الطرفين: استعجال الحكومة وطلب المعارضة بالنقاش والمراقبة، بهدف تحصينه وليس افشاله، انشغلت الساحة السياسية، باشتعال حرب كلامية على خلفية نشر وثائق <ويكيليكس>، بعضها انبرى للدفاع عن الرئيس بري <الذي ساهم في انتصار تموز، فيما رد نواب <المستقبل> باستغراب تجييش هذه الحملة للدفاع عن بري، معتبرين ان استنسابية التعاطي مع هذه الوثائق بمثابة تحريض سياسي، في حين اكمل عضو كتلة <الوفاء للمقاومة> النائب علي عمار ما بدأه رئيس الكتلة النائب محمد رعد، بهجوم قاس على الرئيس سعد الحريري وحزبه واعلامه، مؤكداً انهم <خسئوا> لان بري دعامة رئيسية من دعائم المقاومة ومشروعها·

وكشفت مصادر سياسية مطلعة في هذا السياق عن حركة اتصالات بدأت على أعلى المستويات لتطويق ذيول السجالات ومفاعيلها الميدانية، لمنع ترجمتها توتراً في الشارع، خشية المس بالاستقرار الأمني في ظل الظروف الحرجة التي يمر بها لبنان والمنطقة·

وتوقعت المصادر الا يكون اللقاء الذي جمع الرئيس سليمان ورئيس كتلة <المستقبل> الرئيس فؤاد السنيورة بعيداً عن مثل هذه الاتصالات، انطلاقاً من ضرورة الحاجة إلى استئناف الحوار الوطني·

تمويل المحكمة من جهة ثانية، أكّد مصدر مطلع في تيّار <المستقبل> لـ?<اللواء> أن موضوع تمويل المحكمة هو من باب تحصيل حاصل نظراً لعدم قدرة لبنان، بغض النظر عن الحكومة التي تدير السلطة، على التنكر لالتزاماته الدولية، خاصة بالنسبة للقرار 1757 الخاص بموضوع المحكمة الصادر عن مجلس الأمن تحت البند السابع·

وأشار المصدر إلى أن قرار دفع حصة لبنان من تمويل المحكمة قد اتخذ بالتوافق بين الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي، بعد مشاورات مع الأطراف السياسية المكونة للحكومة، وخاصة <حزب الله> وحركة <أمل>، الأمر الذي افسح في المجال أمام ذهاب الرئيسين سليمان وميقاتي إلى نيويورك لترؤس جلستين لمجلس الأمن خلال الشهر الحالي·

وأكّد المصدر أن ما يهمنا في موضوع المحكمة هو كيفية تعامل الحكومة مع الإجراءات والخطوات التي يطلبها المدعي العام ورئيس المحكمة، لاحقاً، من الجانب اللبناني، بموجب البروتوكول الموقع بين لجنة التحقيق الدولية ووزارة العدل، والذي يتطلب تجديده قراراً من مجلس الوزراء في آذار المقبل·

وفي هذا السياق، نُقل عن رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط قوله أن الحكومة غير قادرة على رفض تطبيق القرارات الدولية، لا سيما المتصلة بالمحكمة الدولية، بغض النظر عن الخلاف السياسي القائم حولها·

وأبلغ جنبلاط زواره اصراره على ضرورة التزام لبنان بتمويل المحكمة، حتى ولو كان الفريق الداعم لها يُشكّل أقلية في الحكومة الحالية، ملمحاً إلى أن موضوع تمويل المحكمة لا يزال يحظى بتأييد أكثرية مجلس النواب، في إشارة إلى أن نواب جبهة النضال يقفون إلى جانب نواب 14 آذار في مسألة تمويل المحكمة، ولا يزالون بالتالي يشكلون معاً الأكثرية البرلمانية حيال هذه المسألة·

تصريحات الراعي أما بالنسبة إلى تصريحات البطريرك الراعي فقد استغربت قيادات اسلامية ما نقل عن لسانه في فرنسا، لجهة تخوفه من نظام ذي طابع سنّي في سوريا، وانعكاسات ذلك على لبنان، وخاصة بالنسبة لحصول أزمة بين السنّة والشيعة سيدفع ثمنها المسيحيون·

واعتبرت هذه القيادات أن هذا الكلام من الخطورة ما يستوجب استيضاحه عن صحته ودقته أولاً، ثم توضيحاً من بكركي حول الأهداف الحقيقية لمثل هذا الكلام الذي يتعارض مع مبادئ العيش المشترك وثوابت اتفاق الطائف، فضلاً عن أنه من شأنه أن يثير النعرات الطائفية والمذهبية بين اللبنانيين، في مرحلة هم أحوج ما يكونون إلى التوافق والتضامن لحماية واستقرار لبنان من تداعيات الأحداث في سوريا والعاصفة السياسية التي تضرب المنطقة·

وبادرت الجماعة الاسلامية، إلى الرد سريعاً على مواقف الراعي، معتبرة أنها ما كانت تتوقع أن يصدر هذا الموقف منه، خصوصاً أنه توصل بالاستنتاج إلى أن أي تغيير يقدم عليه الشعب السوري سينعكس سوأاً على العلاقة في لبنان بين المكونات اللبنانية، وهذا ما يدحضه التاريخ الطويل الذي أثبت أن العائلات اللبنانية عاشت مع بعضها لعقود طويلة دون قلق أو خوف من بعضها، وأن المسلمين يحرصون على أفضل علاقة فيما بينهم ومع المكونات اللبنانية الأخرى، مشيرة الى أن إثارة النعرات الطائفية وغير الطائفية في هذه الظروف بالذات لا تعود بالنفع على أي من مكونات المنطقة التي تمتعت بالعيش المشترك على مدى قرون من الزمن، داعية إلى تفعيل الحوار الاسلامي – المسيحي الكفيل بطمأنة كل المكونات، بعيداً عن منطق التشكيك·

أما في الجانب المسيحي، ولا سيما لدى القيادات المسيحية التي تدور في فلك قوى 14 آذار، والتي صُدمت من تحذيرات الراعي من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد على أوضاع المسيحيين في سوريا، واعتباره أن سلاح <حزب الله> مرتبط باستمرار الاحتلال الاسرائيلي، فقد كشف مصدر قيادي مسيحي ان <قادة مسيحيي 14 آذار> عازمون على عقد اجتماع عمل مع البطريرك الراعي بعد عودته من رحلته الخارجية، بغية البحث معه في خلفية مواقفه الأخيرة لا سيما ما يتصل منها بعلاقة المسيحيين بالربيع العربي عامة والثورة السورية على وجه التحديد>·

 
واضاف المصدر ان مسيحيي 14 آذار <عازمون على مصارحة البطريرك بشأن رؤيتهم الى موقع المسيحيين في هذه اللحظة الانتقالية الحساسة في المنطقة وهم سيحددون موقفهم من بكركي ومن شكل ومستوى العلاقة معها سياسياً ووطنياً وفق الاجوبة التي سيسمعونها من البطريرك>·

وعلمت <اللواء> ان شخصيات مسيحية اكاديمية وسياسية وثقافية تداعت في ما بينها للتباحث في تنظيم مؤتمر تحت عنوان اولي <المسيحيون وربيع العرب> تنتج عنه ورقة تأسيسية تحدد عناوين وثوابت هذه العلاقة ودور المسيحيين في المرحلة المقبلة على العالم العربي·

وفيما بادر سياسيون في 8 آذار الى الاشادة بمواقف الراعي، باعتبارها تشكل ذروة المسؤولية وتدل على نهج بكركي الحكيم، لم يتأخر رد مسيحيي 14 آذار، حيث ابدى عدد من النواب استغرابهم لما صدر عن سيد بكركي، كان في مقدمهم نائب رئيس الهيئة التنفيذية في حزب <القوات اللبنانية> جورج عدوان، ومنسق الامانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد الذي اعتبر ان ربط وجود سلاح حزب الله بمجموعة من الذرائع يتضارب مع منطق الدولة الذي دافع عنه الموارنة منذ زمن بعيد، ويتعارض مع كل ادبيات الكنيسة، مشيرا الى انه لا مصلحة للمسيحيين في هذه اللحظة ان يكونوا مع الحرية في لبنان وضدها في سوريا·

واكد سعيد ان قوى 14 آذار ترفض الاصطدام مع البطريرك الراعي، وهي لن تستخدم معه الاسلوب الذي استخدمه فريق 8 آذار مع البطريرك نصر الله صفير، مشيرا الى ان 14 آذار ستميز الخطأ من الصواب، خصوصاً وان البطريرك اتى لجمع المسيحيين وليس لتبني وجهة نظر فريق على حساب وجهة نظر الكنيسة المارونية· 

السابق
النهار: استحقاق انتخابات 2013 يقتحم جدل ويكيليكس وساركوزي للراعي: نظام الأسد انتهى
التالي
النسبية.. والطائفية