إلتباس البطريرك في الإليزيه: مع المحكمة والسلاح ويخاف على مسيحيي الشرق من دون أن يقف مع النظام السوري!

بدا موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي ملتبسا في فرنسا، ما دفع الكثيرين إلى تأويله كلّ بحسب رغبته. بعض أطراف 8 آذار وضعته في سياق مواقفها، وبعض أطراف 14 آذار اعتبرت موقفه ارتدادا عن ثوابت الكنيسة. لكنّ الراعي بدا كما لو أنّه يحاول الإمساك بالعصا من الوسط.

فهو أمل في إعطاء الرئيس السوري بشار الأسد "المزيد من الفرص لتنفيذ الإصلاحات السياسية"، وأكد خلال مؤتمر أساقفة فرنسا أنّ "الأسد شخص منفتح وتربّى على المفاهيم الغربية"، محذرًا في المقابل المجتمع الأوروبي، والغربي عمومًا، من خطورة تغيير النظام السوري الحالي وتداعياته السلبية على المسيحيين، لكنّه أكّد عدم وقوفه إلى جانب النظام الذي عانى المسيحيون منه في لبنان.

إذ تحدّث عن وجود "حزب كبير هو حزب البعث الذي يحكم البلاد، والرئيس الأسد لا يضغط الزر وينتهي الأمر. وهو كشخص منفتح وتعلم في فرنسا وهو مكوّن على الطريقة الغربية. أنظروا نحن عانينا من النظام السوري ونحن لسنا مع النظام لكننا نخشى التغيير وإلى أين سنذهب بعدها".

وفي أحاديث صحافية متفرّقة قال إنّه يخشى أولاً على سوريا وعلى الشعب السوري، ويخشى على المسيحيين أيضا من نظام متشدّد يخلف الأسد: "نخاف من حرب أهلية في سوريا وخوف آخر ان نصل في سوريا أو غيرها من الدول العربية الى أنظمة أكثر تشددا وأكثر تعصبا، والخوف الثالث أن نصل الى فتفتة العالم العربي وتقسيم بلدانه إلى دويلات طائفية، لكن نحن مع كل شعب ودولة تعيش في سلام ومع أن تحترم الحكام شعوبها".

وعن سلاح حزب الله سأل الراعي لماذا لا يدعو المجتمع الدولي إسرائيل إلى الإنسحاب من مزارع شبعا والسماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم قبل البحث في سلاح يحاربها: "نحنا طلبنا من فرنسا والمجموعة الدولية انه على اسرائيل ان تتفضل وتخرج من الأراضي اللبنانية، وأن تمنع التوطين وتسمح بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم، وبعدها نحلّ موضوع سلاح حزب الله بالحوار بين اللبنانيين".

كما أعلن وقوفه مع المحكمة الدولية وضدّ تسييسها: "نحن مع المحكمة الدولية التي ينبغي أن تفصل عن السياسة، هناك من يقول إنها مسيسة أو مزورة ونحن ضد التسييس والتزوير لكننا مع القضاء ومع الفصل بين السلطات وبين القضاء والسياسة".

 
ولاحقًا خلال زيارته رئيس بلدية مدينة لورد الفرنسية، جدد الراعي معارضته أي تغيير في النظام السوري برئاسة الأسد وحذر في المقابل من أنّه "إذا وصل "الإخوان المسلمون" إلى سدة الحكم في سوريا فإن المسيحيين هناك هم الذين سيدفعون الثمن سواء أكان قتلاً أم تهجيراً".

الراعي بدا متبنيا ما يروّج له النزام السوري من أنّه في حال سقوطه سيعاني المسيحيون ما عاناه مسيحيو العراق، وبدا أنّ الرواية الرسمية السورية قد فازت بإقناعه، إذ اعتبر أنّه "إذا حَكَمَ السُنّة سوريا فإنهم سيتحالفون مع إخوانهم السُنّة في لبنان، ما سيؤدي إلى تأزم الوضع إلى ما هو أسوأ بين الشيعة والسُنّة".

هكا لم "يزعّل" البطرك حزب الله وسلاحه، ولا "زعّل" الرئيس سعد الحريري والمحكمة الدولية، ولا "زعّل" النظام السوري بل أعطاه أكثر مما يتمنّى منه على باب قصر الإليزيه المحظور عليه وعلى حليفه في بيروت الرئيس نجيب ميقاتي، ولا أغضب أحدا.

بدا جنبلاطيا أكثر منه مارونيا أو "صفيريا". وبدا السلاح "في أمان عونيّ" بين يدي البطريرك الماروني في فرنسا.
 

السابق
باسيل: ذاهبون بمشروع الكهرباء الى المجلس ونأمل عدم العرقلة
التالي
الحياة: نواب أمل وحزب الله:المستقبل يكذب … فتفت: نصر الله اعطى ويكيليكس صدقية