ركيا والاحتجاج والشرق الاوسط

في نهاية سنة 1955 عقدت صفقة سلاح ضخمة، بمفاهيم تلك الايام، بين مصر وتشيكوسلوفاكيا التي كانت دولة تغطية تخدم السوفييت من اجل تنفيذها. حصل المصريون آنذاك على 150 طائرة حربية متقدمة (ميغ 15). ولم يكن لاسرائيل رد مناسب على ذلك ولا سيما ان المصريين حصلوا ايضا على 50 قاذفة بعيدة المدى، و70 طائرة نقل ومئات الدبابات والمدرعات. وقد دفعوا عن السلاح، إن كانوا دفعوا أصلا، القليل جدا من المال، وكان هذا أحد اسباب رجوع الولايات المتحدة عن نيتها أن تُقرض مصر جزءا من كلفة بناء سد أسوان.
في مقابل ذلك أمم عبد الناصر قناة السويس وهو ما جعل بريطانيا وفرنسا تسيطران على قناة السويس مع سيطرة دولة اسرائيل على شبه جزيرة سيناء.
نقل السوفييت المصريين الى جانبهم نهائيا حينما دفعوا ثلث المليار ونصف المليار الدولار التي احتيج اليها لاقامة السد وتحسين الارض حوله.
لماذا أُثير صفقة السلاح تلك من الماضي؟ لأن اردوغان بعد ان بلغ تقريبا الى قطع العلاقات مع اسرائيل، يخطو نحو مناطق خطرة جدا علينا.
يوجد الآن في واقع الامر امكان منطقي لأن يحاول اردوغان معاودة الحيلة السوفييتية. فقد نعلم في المستقبل بأن سفره القريب الى القاهرة كان خطوته الاولى في محاولة نقل مصر الى جانبه. 
انه قادر على ان يعرض عليها صفقة لترجع عن اتفاق السلام مع اسرائيل ولتعود في الآن نفسه لتصبح دولة مواجهة لنا، وأن تعوض عن الضرر الاقتصادي المتوقع نتيجة خسارة المساعدة الاقتصادية والعسكرية من الولايات المتحدة. ونقول لنلذ الآذان فقط ان الوضع الاقتصادي لتركيا اليوم يُمكّنها من فعل ذلك.
أوضح اللواء (احتياط) غيورا آيلاند في الاسبوع الماضي انه يجب على اسرائيل في تقديره أن تستيقظ من غفوة تتعلق بامكان الغاء مصر لاتفاق السلام وان تستعد لامكان ان يحدث هذا في غضون بضع سنين. وأضاف ان هذا سيبتلع فورا من ميزانية الدولة جميع الاموال التي يريدون تخصيصها اليوم لحل الازمات الحقيقية التي أثارها الاحتجاج الاجتماعي.
اذا تحقق سيناريو تعجيل المسار السياسي الخطر على يد اردوغان فان الحاجة الى استعداد كهذا ستصبح فورية. يوحي اردوغان بأفعاله كلها بتصميم على العمل لاضعاف دولة اسرائيل لكنه لا يوجه تهديده الينا فقط بل الى سوريا ايضا.
وقد تشير أفعاله الى انه يطمع في حقول الغاز التي كشف عنها شرقي البحر المتوسط، فلماذا يحتاج الى ذلك؟.
كي تساعده حقول الغاز، أعني اردوغان التركي، على النفقة على حملة الزعامة غير المضعضعة للعالم الاسلامي السني. اذا تطورت الامور على هذا النحو فستكون تمهيدا لحرب يأجوج ومأجوج الحتمية في المستقبل بين تركيا والقوة المنافسة التي تقود العالم الاسلامي الشيعي، أي ايران.
منذ سكنت معارك حرب يوم الغفران لم نواجه تهديدا أمنيا كالذي يطل علينا هذه الايام من الشمال والشرق.
لهذا يجب على قيادة الدولة ان تتعرف على الأخطار الاستراتيجية وأن تستعد لهذه السيناريوهات، على أمل ألا تتحقق. ومن اجل ذلك يجب عليها ان تستعبد جميع القدرات الاقتصادية والعلمية لدولة اسرائيل. وما لا يجوز للقيادة ان تفعله هو ان تستمر في التصرف في شأن الامن القومي والنفقة الامنية كما كنا نستطيع ان نفعل في الـ 34 سنة الاخيرة.
وهذا صحيح حتى لو خلص البروفيسور تريختنبرغ الى استنتاجات اخرى، وصحيح برغم أن رئيس حكومتنا التزم بقبول استنتاجات لجنة تريختنبرغ. 

السابق
اقتحم منزل سيلين ديون.. للأكل و الاستحمام
التالي
الصين ونسب الانتحار المرتفعة !!؟