بسِحر ساحر..وافق الجنرال

كان الاقتراح سطرا واحدا، فتحوّل مجموعة سطور ضمن مشروع قانون مفصّل معلّل بالضوابط القانونية، واقتصرت وجوه الشبه بين مشروع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي واقتراح الوزير جبران باسيل على المبلغ الذي بقي نفسه، أي مليار و200 مليون دولار، ولكن مُجزّأ.

مشروع قانون الكهرباء الذي أخذ طريقه الى مجلس النواب يجيز للحكومة إنفاق الأموال وليس للوزير منفردا، ويُجَزّىء كلفة مشروع باسيل الى أربع مراحل، وذلك خلافا لما كان طالب به وزير الطاقة ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون منذ أيام قليلة، حين قال: "طالما تمّت الموافقة على المبلغ، فليعطونا إيّاه كاملا، من الشياطين إذا أرادوا أو بالنَشل… وأنا بِمشي بقانون للنَشل".

بسِحر ساحر انقلبت المواقف المتشددة، ووافق عون وباسيل على ما كان مرفوضا سابقا، ووفق المعلومات، فإن موافقة التيار الوطني الحر على مشروع القانون الذي عمل ميقاتي على تسويقه قبيل جلسة مجلس الوزراء لدى جميع الأطراف، جاءت بعدما رأى نفسه وحيدا في الميدان، وبعدما تبلّغ موافقة حلفائه، لا سيما منهم "حزب الله"، على الصيغة الجديدة. ووفق المعلومات، فإنّ باسيل ومعه زميله وزير العمل شربل نحاس، عملا في بداية جلسة الاربعاء الماضي، وفي محاولة أخيرة، على إعادة طرح الموضوع ونقاشه مجددا، انطلاقا من المواقف نفسها التي كان أعلنها وزير الطاقة في المؤتمر الصحافي الذي عقده بالتزامن مع الاجتماع الوزاري الذي قاطعه باسيل في السراي الحكومي. إلّا أن رئيس الحكومة كان له بالمرصاد، فرفض العودة الى نقاش الموضوع مجددا، متسَلّحا بالاتفاق الذي سبق الجلسة، وعلا صوت ميقاتي للمرة الاولى داخل مجلس الوزراء، وهدّد بالاستقالة إذا لم يمرّ ملف الكهرباء وفق الاتفاق.

وحسب مصادر وزارية قريبة من رئيس الحكومة، فإن مشروع القانون انتقل بصيغته الجديدة من ورقة عمل قدّمها باسيل تطالب بمليار و200 مليون دولار مُرفقة بمَنع مُطلق لتوجيه أيّ سؤال، الى مشروع يتضمن أربعة شروط اساسية، هي:

1 – قدرة الدولة على التمويل.

2 – آلية التمويل.

3 – الجهاز لذي سيسهر على التنفيذ.

4 – الاستراتيجية التي ستتابع المشروع في مراحله اللاحقة.

وتكشف مصادر مطلعة أن باسيل الذي استند الى الموافقة المبدئية التي حصلت عليها خطته في حكومة الرئيس سعد الحريري، لزّم المعامل الثلاثة التي ستنتج الـ700 ميغاوات، من دون العودة الى مجلس الوزراء. لكن ميقاتي طلب الاطلاع عليها قبل إقرارها، لمعرفة الأسس التي تمّ التلزيم على أساسها، وما إذا كانت تمّت خلالها مراعاة الاصول القانونية. ووفق المعلومات، فإن التلزيم قد تمّ لإنشاء معمل في الجية لإنتاج 80 ميغاوات، وآخر في البداوي لإنتاج 450 ميغاوات، أما حصة الاسد في التلوّث فلمنطقة الذوق التي خصص لها باسيل معملا جديدا ينتج 180 ميغاوات، سيضاف الى الطاقة التي ستنتج بعد مرحلة تأهيل المعمل الحالي بـ3 محركات جديدة، واستئجار بواخر لتأمين 250 ميغاوات إضافية.

وتسأل المصادر نفسها عن أسباب توقّف مؤسسة كهرباء فرنسا EDF عن متابعة الملف، مع انها كانت تقدّم تقريرا سنويا منذ العام 2007 عن الخيارات التي يجب اتباعها لإنشاء المعامل بُغية تأمين الزيادة في الطاقة الكهربائية. وتكشف هذه المصادر أن باسيل قد أوقف التعامل مع مؤسسة كهرباء فرنسا في آذار 2010، بعدما أرسلت إليه تقريرها الأخير الذي أوصَت فيه باعتماد معامل الغاز السائل وليس الفيول. إلّا أن باسيل كان قد أجرى اللازم، وذهب في الاتجاه المعاكس الى خيار "الفيول أويل".

السابق
لماذا يكرهون أردوغان؟
التالي
النهار: حملة شيعية واسعة دفاعاً عن رئيس المجلس والمستقبل يردّ محذّراً من قمة الترهيب