النهار: حملة شيعية واسعة دفاعاً عن رئيس المجلس والمستقبل يردّ محذّراً من قمة الترهيب

ما إن فرغت الحكومة من طيّ ازمة الخطة الكهربائية التي اقرها مجلس الوزراء مساء الاربعاء وبدأت استعداداتها لإحالة مشروع القانون المعجل الخاص بهذه الخطة على مجلس النواب، حتى برز تطور سلبي أثيرت حوله شكوك وتساؤلات من شأنها ان تزيد التعقيدات في الاستحقاق الحكومي المقبل المتصل بتمويل المحكمة الخاصة بلبنان.
وقد تمثل هذا التطور في احتدام الحرب الاعلامية والكلامية بين "تيار المستقبل" والمراجع الشيعية، التي بادرت امس دفعة واحدة الى الدفاع عن رئيس مجلس النواب نبيه بري على خلفية وثائق موقع ويكيليكس التي تنشرها صحيفة "المستقبل" الناطقة باسم التيار، في ما عُدَّ تعبئة شيعية تجاوزت الاطار الاعلامي الى الاطار السياسي الاشمل.
واعربت مصادر معنية بالامر لـ"النهار" عن اعتقادها ان التصعيد السياسي والكلامي الذي برز في الساعات الاخيرة قد لا تبقى محاذيره محصورة في اطار زيادة التوتر بين الجانبين، وخصوصاً بعدما بلغ حدود اقحام مراجع دينية في السجال، وان هذا التطور قد يشكل تعقيداً اضافياً لدى طرح موضوع تمويل المحكمة رسمياً وجدياً امام اولويات الحكومة.

وتزامن ذلك مع الخطوة العملية الاولى التي تمهد لانطلاق المحاكمة في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، اذ اصدر رئيس المحكمة الخاصة بلبنان القاضي انطونيو كاسيزي قراراً امس بعقد الاجتماع الاول لغرفة الدرجة الاولى في المحكمة "لتناول مسائل متنوعة، مثل عقد جلسة لمثول المتهم امامها للمرة الاولى اذا كان قيد الاحتجاز، وبت ما اذا كانت المحاكمة الغيابية صحيحة، والفصل في الطلبات الاولية". وكشف تأليف غرفة الدرجة الاولى من خمسة قضاة سويسري واوسترالي وجامايكي وقاضيين لبنانيين هما ميشلين بريدي ووليد عاكوم. وتردد ان موعد انعقاد الجلسة الاولى حدد في 20 أيلول.
اما حملة الدفاع عن بري، فأخذت بُعدها الاوسع مع تناول المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى في بيان امس ما وصفه "بانحدار الخطاب الاعلامي وتوسله التضليل والتشويه والقدح والذم الذي طاول المقامات الوطنية والسياسية والروحية، ولا سيما التعرّض لمقام رئيس مجلس النواب ودوره الوطني ومحاولة تشويه الحقائق والدس الرخيص قصد اثارة الفتن".
وفي هجوم غير مسبوق على "تيار المستقبل"، اتهم رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد مسؤولي التيار ونوابه ووسائل اعلامه باعتماد "خطاب تفوح منه رائحة الاسن ونتانة الفتن وعسس الاهتراء". وقال "إن فجور خطابهم السياسي ساقهم اليوم الى تعمد هدم جسر التواصل المتبقي مع الوطنيين اللبنانيين عبر استهداف الرئيس بري الذي طالما تحمّل عبء فتح قنوات الحوار بين الخصوم السياسيين حرصاً على استقرار الوطن"، معتبراً ان "خطاب "المستقبل" يقطع الطريق على اي مسعى وفاقي محتمل".
وصرح عضو كتلة التنمية والتحرير النائب عبد اللطيف الزين لـ"النهار": "أتمنى على الزملاء المحترمين الذين يحاولون التهجّم على دولة الرئيس نبيه بري ان يخافوا الله وان يعترفوا بما لهذا الرجل من مواقف وطنية كريمة وعزيزة على صعيد لبنان وعلى الصعيد الوطني بكل معنى الكلمة. آمل من الجميع احترام المقامات السياسية في هذا البلد وإلا ستكون النتائج وخيمة على الجميع".

ردَّ "المستقبل"

في المقابل، وصف مصدر بارز في "تيار المستقبل" ما صدر عن المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى والنائب محمد رعد الذي "تميز كلامه بعنف كلامي غير مسبوق" بانه "قمة الارهاب السياسي والفكري ويدعو الى الاستغراب والاستهجان". وقال المصدر لـ"النهار": "ما فعلته جريدة "المستقبل" هو انها دخلت متأخرة على نشر برقيات موقع ويكيليكس، فيما نحن نعيش منذ سنة تقريبا على وقع ما تنشره صحف 8 آذار ووسائل اعلامها من برقيات لهذا الموقع تستهدف تيارات 14 آذار وتيار المستقبل. وكل ما فعلته الصحيفة انها قلدت صحف 8 آذار ووسائل اعلام "حزب الله" بنشر البرقيات، فلماذا هذا التوتر ولماذا هذه الضجة؟ ولماذا يسمح لوسائل اعلام 8 آذار بالنشر ثم تقوم الدنيا ولا تقعد ان نشرت "المستقبل" هذه البرقيات؟".
واضاف: "ان هدف رد الفعل العنيف وغير المقبول لـ"حزب الله" والمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى هو ترهيب وسائل الاعلام وطمس الحقائق وممارسة الارهاب السياسي وهذا دليل على ان هؤلاء لا يقبلون بمنطق المساواة بل يريدون فرض الحقائق حسب وجهة نظرهم وهذا اخطر ما تعيشه البلاد الآن". ولاحظ ان "الخطير في هذا الموضوع ان هذا العنف الكلامي قد يبرر اللجوء الى وسائل اخرى سبق لحزب الله ان لجأ اليها".

عون والراعي

وسط هذه الاجواء، اطلق رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون مجموعة مواقف من قضايا الساعة تميز ابرزها بتوافقه التام مع موقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من الوضع في سوريا.
وقال في حديث الى برنامج "كلام الناس" من "المؤسسة اللبنانية للارسال" مساء أمس، أن موقف البطريرك الراعي في شان الوضع في سوريا "جديد ويتأقلم مع الاجواء السياسية الواقعية الحالية ومع استراتيجية جديدة للواقع القائم في الشرق الاوسط". واضاف: "أطمئن الى ان النظام في سوريا لن يسقط وسيكمل الاصلاحات، واذا أُسقط النظام فمن الذي سيأتي الى الحكم؟ الاخوان المسلمون هم الاكثر ظهورا (…) فاذا كانوا ضد حقوق الجماعة فكيف سيكونون مع حقوق الانسان".
اما في موضوع اقرار خطة الكهرباء، فرأى عون ان "الخطة بقيت كما هي"، نافيا ان يكون مطوقاً. واضاف: "لا يعنيني بماذا يفكر الرئيس نجيب ميقاتي بل يعنيني ما اقوم به انا وليلعب كل شخص اللعبة التي يريدها". وخلص الى انه اذا رفض ميقاتي اقالة عبد المنعم يوسف واللواء اشرف ريفي وسهيل بوجي، فمعنى ذلك "انه يعتبر نفسه فوق القانون ولا يمكن رئيس حكومة ان يحمي مخالفات قانونية واضحة وضوح الشمس".
وكان البطريرك الراعي الذي انتقل من باريس الى لورد، محطته الثانية في زيارته لفرنسا، اتخذ موقفا جديداً امس من الوضع في سوريا اعتبر فيه انه "اذا تغير الحكم في سوريا، وجاء حكم للسنة، فانهم سيتحالفون مع اخوانهم السنة في لبنان مما سيؤدي الى تأزم الوضع الى أسوأ بين الشيعة والسنة".
وقال ايضا: "اذا تأزم الوضع في سوريا اكثر مما هو عليه ووصلنا الى حكم أشد من الحكم الحالي، كحكم الاخوان المسلمين، فان المسيحيين هناك هم الذين سيدفعون الثمن، سواء أكان قتلاً ام تهجيراً وها هي صورة العراق امام اعيننا".

السابق
بسِحر ساحر..وافق الجنرال
التالي
منطق الدولة··في مواجهة الإستحقاقات!