“المنحبكجية” ينتصرون لروح الرئيس

تعيش الثورة السورية مراحل جديدة في تطور عملها، فهي انتقلت من التظاهر ونقل الأخبار والتعليق عليها إلى بناء ثقافة شعبية مرتبطة بالماضي وفيها روح جديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً "الفايسبوك"، حيث تحول هذا الموقع مع موقعي "تويتر" و"سكايب" إلى أداة للقاء الناس في سوريا والخارج من كل الفئات والأعمار من أجل نجاح ثورتهم.
ففي صفحة "مغسل ومشحم حمص الدولي للدبابات على الفايسبوك"، كتب مدير الصفحة هذه النكتة عن "المنحبكجية" أي محبي الرئيس بشار الأسد، تقول النكتة: "واحد ماشي بالشارع عم يقول يلعن روحك يا تيسير… قام ضربو عنصر الأمن وقال له: كمان ما بتعرف اسم الرئيس يا حيوان".. هذه النكتة وعلى سوداوية الوضع الذي يعيشه أهل سوريا ومدينة حمص منذ أشهر تظهر بلا تردد روح النكتة والسخرية لدى أهالي مدينة حمص، فبالرغم من هجوم الدبابات والقصف المركز على المدينة وأحيائها ما زال أهلها يسخرون من كل شيء يقوم به النظام، ويضحكون على "المنحبكجية" و"الشبيحة"، كأنهم يمنحون أنفسهم في السخرية بعض الراحة من صوت قذيفة تخترق سقف منزلهم أو هرباً من البكاء على شخص أحبوه سقط قربهم في التظاهرة.
الصفحة نفسها تستمر منذ زيارة وفد الصليب الأحمر الدولي إلى سوريا في متابعة أخباره، ولكن أجمل ما عرضته كان صوراً التقطت من السجون السورية لغرف قيل إنها في سجن دمشق المركزي يلبس فيها المسجونون ثياباً شتوية ويدرسون بكتب مدرسية أو جامعية وأمامهم جهاز كومبيوتر، وفي السجن أيضاً في صورة وضعتها صفحة "الثورة الصينية ضد الرئيس جينتاو" تظهر عدداً من المعتقلين بثياب الشتاء ركبت عليها صور الرئيس الصيني، وصورة للرئيس الأسد معلقة على الجدار، فيما يؤكد مدير الصفحة بتعليقه أن المعروضين كمعتقلين هم من الشبيحة في سجن دمشق المركزي حيث لا يوجد معتقلين سياسيين. ويضع نكتة ساخرة يقول فيها "الشعب يريد دخول السجن المركزي، غرفة بسرير وكومبيوتر وحمام خاص ورعاية غير شكل، بادر بالتظاهر لحجز مكانك في هذا السجن المرفه".
هذه السخرية المتواصلة من كل شيء يعتبرها الناشط السوري في التنسيقيات عمر ادلبي مزيلة للهموم اليومية التي يعانون منها، فهو كل يوم يدخل إلى هذه الصفحات ليقرأ النكات والتعليق عليها من قبل المشاركين حيث يضحك قليلاً وينقل البعض منها إلى صفحته ليشارك بها الآخرين من أصدقائه المنتشرين في سوريا والعالم. 
أما صفحة "عايف التنكة" فقد نقلت عن صفحة أخرى مواصفات لحاملي أجهزة الهاتف النقال، فلكل واحد شخصية مختلفة ولكن هذا التوصيف متعلق أيضاً بالثورة السورية، "اعرف شخصيتك من تليفونك: حامل جهاز آي فون: مصور مظاهرات لايف محترف، حامل جهاز بلاك بيري: شغلتك تنظيم المظاهرات، حامل جهاز نوكيا: منحبكجي، حامل جهاز سامسونغ: لساتك خايف وفي نية تصور شي مظاهرة، حامل جهاز سوني اريكسون: الزوم تبعك ما بيخيب عن القناصين، حامل جهاز موتورولا: مانك معروف منين جاي، حامل جهاز أل جي: ذكي موّه حالك بهالجهاز اللي ولا شبيح بيعرف حتى يلفظ اسمو، حامل جهاز الكاتل: متأكد عندك تليفون، أما حامل جهاز ثريا: روحك على كفك.. روح الله يحميك".
أما عن اختفاء المحامي العام في حماه فقد كتبت صفحة الثورة الصينية ضد طاغية الصين نقلاً عن مصدر رسمي أن "المحامي العام في ها ماي (أي حماه) ذهب إلى قبرص لقضاء عطلته الصيفية وسيعود.. أكيد سيعود.. يا رب يعود.. يمكن يعود.. منشان الله يرجع.. طيب لا يرجع بس يسكت.. أو يحكي شوي ويسكت عَ الباقي.. هئ هئ هئ هئ . و الله لـ يفضحنا هئ هئ هئ هئ.. راحت عليك يا هوجينتاو".
هذه السلسلة من الخبريات الساخرة هي جزء بسيط من العمل اليومي للصفحات المختصة برفع الهم كما تقول شابة من المعارضة السورية في الخارج، فإلى جانب صور الفيديو التي تنقل التظاهرات وصور الشهداء والجرحى والأخبار السياسية التي لا تتوقف، يرتاح هؤلاء المعارضون لما يقرأوه من قصص تضحكهم قليلاً وتعطيهم مجالاً لمتابعة النضال من أجل بلدهم.
عمل صفحات الثورة السورية كما يظهر أنجز تطوراً نوعياً في تقديم الخبر عن الوضع داخل سوريا بأنواعه من نقل الصور والفيديو إلى السخرية من النظام وكذلك التنبيه إلى المعلومات التي ينشرها النظام وتحمل كذباً وافتراء على الانتفاضة السلمية. فيما يؤكد مدير إحدى الصفحات أن العديد من "المنحبكجية" يدخلون بأسماء مستعارة إلى صفحته ويقرأون ما يكتب، وبعضهم يهاجم الصفحة وآخرون يصمتون ويعلقون بكلمات حيادية، والبعض منهم يعلق بقصص مهضومة، حيث يرى أن البعض من هؤلاء ينتظر سقوط النظام ليغير موقفه ويصير مع الثورة وأهلها 

السابق
تيارات اصولية
التالي
السيارات.. ضحية للقرصنة الالكترونية أيضاً