اللواء: عون يثير بتوقيت مريب أزمة مع ميقاتي حول الموظفين السنَّة؟

ما أن اطمأن الجسم السياسي بكتله النيابية وتياراته، الى وضع خطة الكهرباء على سكة ملائمة حكومياً ونيابياً، عرفت <بالضوابط الادارية والقانونية والمالية>، وسط ارتياح من اجتياز قطوع ضعضعة الوضع الحكومي، حتى دفع النائب ميشال عون، عبر اطلالته التلفزيونية ليل امس، بأزمة جديدة الى الحكومة، تتمثل بتبني المطالبة بإقصاء مدعي عام التمييز ومدير قوى الامن الداخلي ورئيس شعبة المعلومات ومدير عام اوجيرو ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، بحجة مخالفة القانون، معتبراً ان من يحمي هؤلاء يكون فوق القانون، في اشارة الى الرئيس نجيب ميقاتي·

ولم يوفر عون وزير الداخلية مروان شربل او حتى رئيس الجمهورية في موضوع الكازينو، كاشفاً عن علاقة باردة مع النائب وليد جنبلاط، واصفاً المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، بأنها <غير دستورية>، وهنا مشكلة التمويل، من دون ان يحدد موقفاً صريحاً برفض هذا التمويل، تاركاً القرار للحكومة·

وفيما كان الوسط السياسي اللبناني، بكل قواه واطرافه لا سيما قوى 14 آذار، يراجع التصريحات الراديكالية للبطريرك الماروني بشارة الراعي تجاه ضرورة اعطاء المزيد من الفرص للرئيس بشار الاسد لتنفيذ الاصلاحات التي بدأها، خشية من مرحلة انتقالية يتولى فيها السلطة اصوليون مسلمون، أبدى النائب عون حماساً استثنائياً لمواقف الراعي، مع اعترافه بأن مواقفه جديدة، وهو يتأقلم مع الاجواء السياسية في المنطقة، مدافعاً بقوة (اي عون) عن النظام في سوريا، مطمئناً بأن هذا النظام لن يسقط، متهماً اي نظام اصولي يأتي الى الحكم في سوريا بأنه سيحول المسيحيين الى اهل ذمة، وهي عبارة تشبه بشكل كبير العبارة التي استخدمها البطريرك الراعي خلال زيارته لمدينة <لورد> الفرنسية، حيث تخوف من أن يدفع المسيحيون الثمن قتلاً أو تهجيراً في حال وصل الاخوان المسلمون إلى الحكم، على غرار ما حصل في العراق· وزاد <انه إذا تغير الحكم في سوريا وجاء حكم للسنة فانهم سيتحالفون مع اخوانهم السنّة في لبنان، مما سيؤدي إلى تأزم الوضع إلى أسوأ بين الشيعة والسنة>·

ودعا المجتمع الدولي إلى نزع الذرائع وتطبيق القرارات الدولية وحل مسألة اللاجئين الفلسطينيين تمهيداً لنزع سلاح <حزب الله>، معرباً عن تفهمه لموقف الرئيس الأسد كشخص وإنسان منفتح بدأ بسلسلة من الإصلاحات، داعياً إلى اعطائه مزيداً من الفرص للحوار الداخلي·

تصريحات الراعي وتوقعت مصادر مطلعة أن تكون لتصريحات الراعي تفاعلات، فضلاً عن إرباكات في الساحة المسيحية، ولا سيما في صفوف قوى 14 آذار، التي أعربت أوساطها عن انتقادها لهذه المواقف، مثلما كان رئيس حزب <القوات اللبنانية> سمير جعجع قد عبّر عن انزعاجه من الموقف المسيحي حيال الثورات العربية، معتبراً انها <مخطئة>، كاشفة أن البطريرك السابق نصرالله صفير غير راض عن هذه المواقف، وربما يجاهر بهذا الاعتراض في الاجتماع المقبل لمجلس المطارنة الموارنة·

ولوحظ أن <المؤسسة اللبنانية للارسال L.B.C> استهلت نشرتها الإخبارية مساء أمس بالتساؤل عمّا إذا كان الراعي سيقول الكلام نفسه في زيارته المقبلة إلى واشنطن، وهل ستؤثر مواقفه في فرنسا على برنامج زيارته إلى الولايات المتحدة فتمتنع الإدارة عن تحديد موعد له مع الرئيس باراك أوباما، لا سيما وان مواقفه في باريس لم تنل رضى الرئيس نيكولا ساركوزي وباقي المسؤولين·

وكيف ستنعكس مواقف البطريرك على المشهد السياسي الداخلي أولاً على مستوى مجلس المطارنة، وثانياً على صعيد الصراع المحتدم بين قوى 8 و14 آذار؟ وهل سيستطيع البطريرك ان يجمع مرّة أخرى الزعماء الموارنة للاتفاق على ثوابت إذا اعتبر فريق 14 آذار انه انحاز إلى الفريق الآخر؟ وهل تصريحات البطريرك تشكّل صدى لدوائر معينة في الفاتيكان؟ أم خضعت لتقديراته ومعطياته الداخلية والخارجية؟·

الكهرباء والمحكمة وفي انتظار جلاء الصورة، ظل ملف الكهرباء في طليعة الاهتمامات، حيث ينتظر أن يأخذ طريقه اليوم الى مجلس النواب بصفة المعجل، لتتم إحالته إلى اللجان المشتركة، من أجل تفادي إطالة الوقت في مناقشته تمهيداً لإقراره بالإجماع، بحسب ما تمنى وزير الطاقة جبران باسيل·

وفي هذا السياق، أعربت مصادر نيابية في المعارضة عن اطمئنانها للضوابط التي وضعت على المشروع في مجلس الوزراء أمس الأول، لكن شريطة أن تنفّذ·

وقال عضو كتلة <المستقبل> النائب محمد قباني لـ <اللواء> إن أبرز هذه الضوابط، هي: إحالة المشروع في قانون – برنامج، وإنشاء الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، والتفاوض مع الصناديق العربية لتوفير القروض بفوائد منخفضة، والالتزام بالقانون 462، بحسب ما كانت تطالب الكتلة·

وأوضح أن الكتلة لم تجتمع بعد لتحدد الموقف النهائي، لكني أتوقع أن يكون موقفها هو نفس هذا الموقف، مشيراً إلى أن مناقشة المشروع ستتم بهدوء وضمن منطق تحصين المشروع وليس الاعتراض عليه، لأننا نريد الكهرباء مثل سائر الناس·

وعبر عضو كتلة <القوات اللبنانية> النائب انطوان زهرا، عن الموقف نفسه، لجهة الاطمئنان الى الضوابط الموضوعة على المشروع، <بحيث لم يبق من ورقة عون سوى عناوين باهتة>، وان الضوابط جعلت منه مشروع قانون مطلبياً ومعيشياً وابعدته عن محاولات الاستثمار السياسي· اما بالنسبة الى موضوع تمويل المحكمة، فقد اكدت اوساط الرئيس ميقاتي، الذي انتقل مساء الى طرابلس، ان الموضوع مطروح بشكل جدي، منذ زيارة رئيس مكتب الدفاع في المحكمة فرنسوا رو لرئيس الحكومة·

وتوقعت ان يحسم مسألة سداد قيمة المتأخرات البالغ 32 مليون دولار، قبل سفر رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى نيويورك في 18 ايلول الحالي، مشيرة الى صيغ عدة يتم تداولها لسواد هذا المبلغ، اما من سلفة خزينة او من احتياطي الموازنة، لافتة الى انه رغم ان القوى السياسية المتمثلة في الحكومة لم تكشف اوراقها بعد، بانتظار جلسة الحكومة التي ستناقش هذا الامر، فإن الاجواء السياسية الراهنة يغلب عليها اتجاه دفع المبلغ رغم انه متأخر من ايام الحكومة السابقة·

وفهم ان حزب الله أبلغ الرئيس ميقاتي انه يفضل ان يطرح موضوع التمويل في مجلس الوزراء، قبل اتخاذ أي قرار في هذا الشأن، وخصوصاً ان سلفة الخزينة، لا تحتاج سوى لمرسوم يوقعه رئيساً الجمهورية والحكومة ووزير المال من دون حاجة لمجلس الوزراء·

أما عون، فقد لوحظ انه في مقابلة مع برنامج <حديث الناس> من <المؤسسة اللبنانية للارسال> تجنب اعطاء موقف من موضوع تمويل المحكمة رغم انه اعتبر المحكمة مسيسة وغير شرعية، لكنه ألمح الى امكان الموافقة على سداد المتأخرات بقوله: <كيفما يريد ان يتعاطى مجلس الوزراء مع هذا الموضوع فليتعاطى>، فلست انا من يخالف <الامم المتحدة> في اشارة الى استعداده للتجاوب مع متطلبات المجتمع الدولي·

واعتبر عون ان خطة الكهرباء التي اقترحها بقيت كما هي في حين ان باقي الامور اضافات كموضوع الهيئة الناظمة التي ليس لها دور في الوقت الحاضر· نافياً ان يكون الرئيس ميقاتي ضرب يده على الطاولة في مجلس الوزراء قائلاً: <اما ان تمشوا في هذه الخطة والا انا امشي>، مؤكداً بأن الخطة التي وضعها هي التي اقرت وبالشروط الاساسية التي لا تمس بسير التنفيذ·

ولفت الى ان الملفات ما تزال قائمة بعد الكهرباء، من فرع المعلومات الى شهود الزور الى الـ11 مليار دولار، الى سوليدير·

وقال: <إذا رفض ميقاتي إزالة مدير شركة <أوجيرو> عبد المنعم يوسف ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي ومدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا ورئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد وسام الحسن و(أمين عام مجلس الوزراء سهيل بوجي من مراكزهم، إذاً هو يعتبر نفسه أنه فوق القانون·

تضامن مع بري في غضون ذلك، اتسعت تداعيات السجال وتبادل الإتهامات بين الرئيس بري وصجيفة <المستقبل> على خلفية نشر وثائق <ويكيلكس> في الصحيفة المذكورة، بعدما دخل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى طرفاً بإعلان تضامنه مع رئيس المجلس، مبدياً أسفه لإنحدار الخطاب الألمعي وتوسعة التضليل والتشويه والقدح والذم، مشيداً بالدور الوطني لبري، متهماً الصحيفة من دون تسميتها بمحاولة تشويه الحقائق والدس الرخيص بقصد إثارة الفتن·

وتزامن بيان المجلس، مع بيان أصدره رئيس كتلة <الوفاء للمقاومة> النائب محمد رعد، دافع فيه بقوة عن الرئيس بري <الذي حفظ المقاومة وحمى خيارها وصان وحدة البلاد وخيب آمال المراهنين على تحقيق الأهداف الأميركية والاسرائيلية·

وقال: <اذا كان الرئيس بري يمثل على الدوام دعامة أساسية للوفاق الوطني وأحد أهم أركانه، فإن الخطاب السياسي التائه لحزب المستقبل يرتكب خطيئة كبرى تقطع الطريق على أي مسعى وفاقي محتمل>·

السابق
الحياة: رعد يرى ان المستقبل يرتكب خطيئة … حسن خليل: فقدوا صوابهم بعد السلطة
التالي
الراي: نصف فوز لميقاتي ونصف خسارة لعون في تسوية حزب الله الـبوليتيكو كهربائية