مخفر الدرك

لا ولم ولن اخفي اشتياقي الى "الدولة". أحن الى ذلك الزمن الجميل حينما كان شرطي السير يلقي التحية العسكرية لأي مواطن قبل ان يشرح له كيف خالف القانون وسبب المخالفة- الظبط.
استذكر كيف كانت الحال مع الراغب في بناء منزل او الساعي لحفر بئر. كيف كانت تجري الامتحانات الرسمية للشهادات. كيف كان التعليم والتوظيف من دون واسطة الطائفة.
لم أنس كيف كان حمل المسدس جريمة يعاقب عليها القانون وكيف كنا نشتكي في مخفر الدرك ليوقف لنا ازعاجات جار يرفع صوت الموسيقى بعد منتصف الليل.
المناطق المفتوحة، السهرات في ساحات الضيع والاعراس، الاختلاط، المناقشات في اروقة الجامعات والندوات المنظمة.

حتى التظاهرات كانت قانونية، كانت تتبع خط سير محدداً، حتى الاضرابات النقابية كانت منسقة.
غاب كل ذلك. سقط مشروع الدولة. الدولة العادلة والراعية. تفتت حلم العدالة الاجتماعية وبهتت الديموقراطية.
انجرفنا نحو الزوال حيث لا دولة ولا عدالة ولا قوانين. أمسك الزهو بأذنينا ورفعنا الى تحت حيث ظلام التخلف.
تراجعت الدولة الى حدود السلطة. ثم تراجعت السلطة الى حدود الكيانات المغلقة. ثم تراجعت هذه الى حدود الحكومات الوهمية التي لا يشعر بوجودها مواطن.
حملتنا شعاراتنا خارج الحدود عندما تنبهنا تفلت الوطن من بين اصابعنا كحفنة من الرمال. هل تقوم لنا قيامة بعد؟ ربما، ولكن ليس قبل ان يعود مخفر الدرك

السابق
متى يفقد حزب الله صبره…
التالي
محمود عباس ينتظر المأذون