الجمهورية: مجلس الوزراء يجتاز قطوع الكهرباء بتقسيط رباعي الصرف للحكومة والتنسيب للوزير والتمويل متعدد

اجتازت الحكومة "القطوع الكهربائي" الذي هدد عِقدها بالانفراط نتيجة الخلاف الذي عصف بأركانها على مشروع خطة الكهرباء، والذين إنقسموا بين مؤيد لخطة وزير الطاقة جبران باسيل كما وردت، وبين من يريد ادخال تعديلات عليها لجهة طريقة تمويلها وادارته.

وقد نجحت المساعي الحثيثة التي شقت الطرق الوعرة بين ضفتي اصدقاء الحكومة خلال الساعات الـ24 الاخيرة في اخراج تسوية للملف الكهربائي الذي هدد مصير الحكومة على مدى شهر.

وقد تم تدوير الزوايا خلال الاجتماعات التي توالت منذ ليل امس الاول وحتى ربع الساعة الاخير من جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا التي دخل اليها الجميع تحت سقف المحافظة على الحكومة وعدم تعريضها للشلل والتفكك. وكان أن حسم مجلس الوزراء الجدل بإقرار المشروع الكهربائي بالإجماع على ان يتم تمويله على أربع دفعات مقسمة إلى أربع سنوات 2011- 2012- 2013 – 2014.

وتم اقرار خطة الكهرباء على اساس المبادئ الآتية: دفع المليار و200 مليون دولار على 4 دفعات تُحدد لاحقا، والحكومة ستلتزم بانها ستمول المشروع ولكن طريقة التمويل تُحدد لاحقا.

كذلك تم الاتفاق على الاجازة للحكومة بالصرف وليس للوزير. وتشكيل لجنة وزارية لتعديل القانون 462 خلال شهرين بما يسمح للقطاع الخاص بالاشتراك في عمليات التلزيم والتمويل وغيرها، وتشكيل الهيئة الناظمة خلال 3 اشهر حدا اقصى وتعيين مجلس ادارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان.

ميقاتي

وعلمت "الجمهورية" ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قال للوزراء في مستهل الجلسة: "اليوم يا حكومة يا كهرباء ، اما تبقى الحكومة او تنفرط ، ولكن المعادلة يجب ان تكون "حكومة وكهرباء" واليوم الحكومة على المحك وعلينا ان نتخذ قراراً برأب الصدع". ثم اعلن رئيس الحكومة بعد الجلسة انه تم التوصل الى اقرار مشروع قانون برنامج يقضي بإنشاء اشغال كهربائية لانتاج 700 ميغاوات، لافتا الى ان النقاش دار حول النقاط النهائية الاخيرة وتم اقرار المشروع باعادة تقسيم الصرف بدءا من 2011 الى 2012 و2013 و2014. واعلن ان الحكومة طلبت منه ان إجراء اتصالات مع الصناديق والهيئات الدولية لتأمين تمويل المشروع، لافتا الى ان جزءا من الخطة سيمول بواسطة الصناديق العربية. واعلن عن تشكيل لجنة وزارية برئاسته وعضوية نائب رئيس الحكومة ووزراء الصحة والمال والعدل والشؤون الاجتماعية والطاقة والعمل والاقتصاد للنظر في التعديلات المقترحة على القانون 462 خلال 3 اشهر، وتشكيل الهيئة الناظمة خلال 3 اشهر، كما تم الاتفاق على تعيين مجلس ادارة لمؤسسة كهرباء لبنان خلال شهرين.

وأعلن ميقاتي ايضا انه سيتم اجراء المناقصة المتعلقة بالمشروع بواسطة ادارة المناقصات وفق الاصول، مشيرا الى انه طُلب من وزير الطاقة اطلاع مجلس الوزراء على كل مراحل ومسار القانون والمناقصات فيه. ولفت الى ان مشروع القانون سيحال الى مجلس النواب، مشيرا الى "اننا وضعنا الاسس الاساسية لهذا المشروع وآمل في ان يقر في مجلس النواب واعدنا توزيع المبالغ والموضوع في يد مجلس الوزراء لاي نفقات بعد 2012". واوضح ان "مؤسسة كهرباء لبنان ستدير المشروع ولذلك كان القرار بتعيين مجلس ادارة جديد لهذه المؤسسة ووزير الطاقة سيكون وزير وصاية". واكد انه "ليس هناك اي مقايضة، واتفقنا على هذا الحل بعد جدل حاد ولكنه كان بناءً".

الصفدي

وبعد اقرار الخطة قال وزير المال محمد الصفدي لـ"الجمهورية" ان موضوع تجزئة مبلغ المليار و200 مليون دولار على 4 سنوات هو سبب انضاج الاتفاق لأن هذه الطريقة تُعد مريحة جدا بالنسبة الى الخزينة. اما طريقة التمويل، فصحيح ان الدولة التزمت التمويل ولكن من اين ستأتي بالمبالغ؟ فهذه مهمة وزارة المال، اما من الخزينة اذا كانت الاموال متوافرة، واما من الصناديق الخاصة واما من القطاع الخاص على 4 سنوات".

فنيش

من جهته، قال الوزير محمد فنيش لـ"الجمهورية": "هذا القانون اقرته الحكومة والتزمت به والتغيير الذي حصل منذ حصول الازمة وحتى اليوم هو ان التمويل اصبح على مدى 4 سنوات. وهذا كان العقدة الاساسية في المشروع".

شربل نحاس

اما الوزير شربل نحاس فقال لـ"الجمهورية": "ان ما حصل اليوم (امس) هو انتصار للشعب بكل فئاته، ونحن نعتبر ان حقنا قد وصل".

وهل تنازل التيار الطني الحر في موضوع اجازة آلية الصرف للحكومة ؟ اجاب نحاس: "صحيح ان الصرف من الحكومة ولكن التنسيب من الوزير، لأن صرف الاعتماد سيكون تحت سلطة وزارة الطاقة والمياه".

باسيل

من جهته اكتفى الوزير باسيل بالقول لـ"الجمهورية": "لقد انتصرت الكهرباء".

وكان مجلس الوزراء انعقد على وقع اجواء تفاؤلية بعدما طغت الأجواء الإيجابية على الاتصالات التي جرت علنا وبعيدا من الاضواء. وقد أوحت تصريحات الوزراء لدى دخولهم الى الجلسة بما ينبىء بالتوصل إلى حل ما بموضوع خطة الكهرباء.

واعتبروزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي أن "ما حصل خلال 48 ساعة الماضية كان أكثر من ممتاز"، مؤكدا "ضرورة الحفاظ على الخطة ومضمونها وجوهرها"، كذلك شدد على ضرورة أن "يحصل إجماع حولها"، مشيراً الى أن "الموضوع لم يكن يوما سياسيا ولكن ضمان تنفيذ الخطة جيد"، وقال "أن التصعيد كان تصرفا خاطئا في الأيام الماضية. لقد تم التوصل الى صيغة مرنة للتمويل، والاتصالات كانت اكثرمن ممتازة، وينبغي الابتعاد عن التوتر".

وقبيل بدء الجلسة، إختلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بميقاتي وتركز البحث على ما آلت اليه الاتصالات بشأن خطة الكهرباء، اضافة الى المستجدات الراهنة. كذلك سبق الجلسة حركة اتصالات واجتماعات لافتة، فزار رئيس مجلس النواب نبيه بري قصر بعبدا وعرض مع سليمان، وعبّر خلال لقاء الاربعاء النيابي عن تفاؤله في إمكان الوصول الى تفاهم على خطة الكهرباء في جلسة مجلس الوزراء، مشددا على أن "لا شيء يمنع الوصول الى حل وأن المجلس النيابي جاهز في اللحظة التي تقر فيها الحكومة هذه الخطة". ونقل زواره عنه أنه وضع مجموعة أفكار في عهدة الحكومة.

ومن جهته، زار ميقاتي ساحة النجمة، وقال بعد لقائه بري:"إن بعد الظهر لناظره قريب"، ردا على سؤال عما اذا كانت خطة الكهرباء ستبت في مجلس الوزراء.

ميقاتي وباسيل وفنيش

ثم عقد اجتماع في السراي بين ميقاتي و باسيل وفنيش الذي اكتفى بالقول:"ان شاءلله خيرا". فيما مازح باسيل الصحافيين قائلاً: "في آخر احتماع عندما خرجت قلتم أن وجهي كان متجهماً فكيف ترون وجهي اليوم؟".

ولاحقا عقد إجتماع في مكتب باسيل ضمه الى وزراء تكتل التغيير والاصلاح سبق إجتماع الحكومة .

مكاري

وتعليقا على ما جرى، قال نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري لـ"الجمهورية" ان "اقرار الخطة الكهربائية بهذا الشكل لجهة تجزئة التمويل واعطاء الاشراف لمجلس الوزراء وقبول العماد عون بهذه الصيغة اثبت ان اعتراضاتنا كانت محقة وصائبة، وان تحفظاتنا كانت في محلها ولم نكن ننطلق من اسباب سياسية او كيدية".

وأضاف:"في كل الحالات، سندرس بالتفصيل الصيغة التي انتهى اليها مجلس الوزراء، والمشروع سيمر في اللجان النيابية حيث سيناقش بالتفصيل، وفي ضوئها سنتخذ الموقف المناسب في مجلس النواب. فاذا كان مشروع القانون يراعي المعايير التي نحرص عليها لن نتردد في تأييده. ونحن قلناها منذ البداية، لسنا معارضة للمعارضة بل نؤيد حيث نقتنع ونرى مصلحة لبنان، ونعارض حيث نرى تجاوزا او اضرار بمصلحة لبنان. واذا تبين ان المشروع لا يراعي معايير الشفافية فسنقف ضده حتما، واعتراضاتنا منذ البداية كانت تتعلق بهذا الجانب".

ولفت مكاري الى "ان جميع اللبنانيين يريدون حل مشكلة الكهرباء ونحن مع خطة لحل هذه المشكلة. جميعنا نريد النور لكن كل ما نريده هو ان تتم الأمور والمشاريع في الضوء وان تخضع لآليات الرقابة لا ان تكون في صيغة مشبوهة يمكن من خلالها تمرير امور في الظلام.

كما اننا نرفض اسلوب الابتزاز والتهديد والفوقية الذي اعتمده العماد عون، جريا على عادته، وكأنه فوق القوانين وفوق الأنظمة وفوق الممارسات الصحيحة والشفّافة".

وقال مكاري:"في أي حال، لقد ارتدّ هذا الأسلوب سلبا على العماد عون وتسبب بخسارة سياسية له، إذ لم يستطع المضي في ابتزازه حتى النهاية، بل اضطر الى التراجع عنه والتنازل والقبول بتسوية لأنه اصطدم برغبة "حزب الله" في بقاء الحكومة وطبعا اضطر لإطاعة الأوامر. وبالتالي لم يكن ممكنا ان يحل موضوع الكهرباء لولا تدخل سلطة الوصاية على الحكومة وعلى العماد عون، اي "حزب الله". فقد بدا واضحا ان تدخل الحزب هو العصا السحرية التي ادت الى حل الموضوع من منطلق حرصه على منع انفراط عقد الحكومة في هذه المرحلة، مما يثبت مجددا ان "حزب الله" هو الذي يتحكم بمصير الحكومة ويصنع فيها الصيف والشتاء".

عطا الله

ورأى رئيس حركة "اليسار الديموقراطي" النائب السابق الياس عطالله في سياق اقرار خطة الكهرباء "ان هذه السياسات الضيقة والكيدية التي لم نحبذها يوما، والامتيازية اللبنانية ودفن الرأس من دون الانتباه الى ما يجري في الجوار هو كارثة، ومحاولة تكريس البلد واظهاره بانه يفقد معناه". وتساءل عن "ماهية الحاجز الذي ازيل لكي يتوافقوا فجأة"، وقال: "هل هناك ضغوط سياسية ام تسوية ام تغيير في مزاج حزب الله دفاعا عن عون؟ ام هو مكافأة مقابل الحكم على العميد فايز كرم؟"

وقال عطالله لـ"الجمهورية": "ان الدخول في هذه السياسات الصغرى لمواجهة استحقاقات بهذه الضخامة وتغييب الدولة اللبنانية عن رؤية ما يجري في العالم العربي واتباع سياسات تافهة على غرار مواقف لبنان في الخارج، هو الجوهر وهذا هو الاساس وليس السلوك المافياوي الذي يتم الآن على كل مستويات السلطة". وختم: "ان لبنان يواجه استحقاقات وجودية ومصيرية والمنطقة كلها تتحول في ظل تطلعات سياسيات قصيرة النظر، والحد الادنى من الواجب هو ان لا يكون هناك حراس للنظام السوري في لبنان".

السابق
حميّد: لا احد يعبث بين بري وحزب الله
التالي
صدور مرسوم تشكيل مجلس قيادة الأمن الداخلي.. وريفي في منصبه