نص مبادرة الجامعة العربية دمشق تؤجل زيارة العربي

كان منتظرا أن يحمل الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي الى دمشق اليوم، مبادرة تقدمت بها الجامعة لتسوية الأزمة في سوريا، غير أن دمشق عادت عن قرارها، رافضة استقبال العربي من دون توضيح الاسباب التي قادتها إلى ذلك.

واكدت مصادر دبلوماسية عربية في القاهرة مساء امس أن "الزيارة أُرجئت الى اجل غير مسمى، بطلب من دمشق، على ان يتم تحديد موعد جديد لها لاحقا".

أما مضمون المبادرة العربية التي كان ينوي العربي مناقشتها مع الرئيس السوري بشار الأسد فتتكون من 13 بندا أهمها:

أولا، التزام الأسد الانتقال إلى نظام حكم تعددي، والإعلان عن إجراء انتخابات رئاسية تعددية مفتوحة للمرشحين كافة الذين تنطبق عليهم شروط الترشيح عام 2014 موعد نهاية الولاية الرئاسية الحالية.

ثانيا، الوقف الفوري لكل أعمال العنف ضد المدنيين وسحب كل المظاهر العسكرية من المدن وتعويض المتضررين وإطلاق جميع المعتقلين السياسيين .

ثالثا، بدء الاتصالات السياسية الجدية بين الاسد وممثلي قوى المعارضة على قاعدة الندية والتكافؤ والمساوة.

رابعا، دعوة حزب البعث الحاكم إلى مؤتمر قُطري استثنائي عاجل يقرر فيه قبوله الانتقال إلى نظام ديموقراطي تعددي.

خامسا، تشكيل حكومة وحدة وطنية ائتلافية برئاسة رئيس حكومة يكون مقبولاً لدى قوى المعارضة، تكون مهمتها إجراء انتخابات نيابية شفافة تعددية حزبيا وفرديا ويشرف عليها القضاء السوري وتكون مفتوحة لمراقبين للانتخابات وتنجز مهماتها قبل نهاية السنة.

سادسا، الاتفاق على برنامج زمني محدد لتنفيذ هذه المبادرة، وتشكيل آلية متابعة، بما في ذلك وجود فريق عربي لمتابعة التنفيذ في سوريا.

وتعليقا على مضمون هذه المبادرة، قال وزير الخارجية السابق فارس بويز في حديث لـ"الجمهورية" أنه "لو تمت زيارة العربي لدمشق لكان حاول الموازنة بين المحافظة على رئاسة الجمهورية وإجراء إصلاحات جوهرية، ولكن ما يجب التوقف عنده هو أن زيارة العربي المؤجلة تأتي بعد بيان الجامعة العربية الأخير الذي لم تتلقفه دمشق بالترحاب، لا بل اعتبرته كأنه لم يكن".

وأشار بويز إلى "أن سوريا لا ترحب بالتدخل الخارجي في شؤونها ولو كان تدخل الجامعة العربية"، مبديا اعتقاده بأن "الجواب السوري سيكون أن الإصلاح يحصل في شكل طبيعي، وأن دمشق لا تتعاطى مع الإصلاحات الداخلية كمطلب خارجي، وبالتالي لن يكون الطرح العربي مرحبا به لديها".

وردا على سؤال حول ما إذا كانت المبادرة العربية تتناقض أو تتكامل مع التوجه الدولي الذي يدعو الأسد الى التنحي، أجاب بويز: "أن المبادرة العربية هي أكثر واقعية من الطروحات الغربية، لأن الغرب بعيد إجمالا عن الحس الحقيقي لما يحصل في المنطقة ويتعامل مع الأحداث في شكل مبسط، إذ يعتبر أن ثمة مطالب شعبية يجب الرضوخ لها، من دون أن يأخذ في الاعتبار، على سبيل المثال، أن سقوط هذا النظام أو ذاك قد يؤدي الى الفوضى والحروب الأهلية وربما المجازر". ولفت إلى "أن المبادرات الخارجية نظرية ومن الصعب تطبيقها في البلاد العربية، فيما نحن نعلم ان شعوب الشرق غير مهيئة للديموقراطية بالمفهوم الغربي".

وعن مستقبل النظام السوري قال بويز: "ما أطاح الرئيس حسني مبارك ليس التظاهرات، بل عدم وقوف الجيش إلى جانب مبارك، ومن أسقط زيد العابدين بن علي في تونس ليس التظاهرات الشعبية أيضا، إنما عدم وقوف الجيش إلى جانبه، أما في سوريا، وعلى رغم شدة الأحداث وقساوتها ما زال الجيش السوري متماسكا، وبالتالي في ظل تماسك الجيش يصعب توقع سقوط النظام في المدى المنظور، ولكن هذا لا يعني في المقابل استمرار النظام بالطريقة نفسها التي كان يحكم بها سوريا، فهذا أصبح من الماضي ولا بد للنظام من أن يبتدع أساليب حكم حديثة"، متوقعا أن تطول الأزمة، ومعتبرا "أن التكهن بطبيعة المتغيرات صعب جدا".

أما لجهة دور وزارة الخارجية اللبنانية بعد بياني مجلس الأمن والجامعة العربية قال بويز: "لا مبرر على الإطلاق لهذا الاصطفاف الذي يعطل دور وزارة الخارجية"، مشددا على "وجود فارق كبير بين أن يرفض لبنان المشاركة في أي محاولة لعزل سوريا والتطابق معها في موضوعي الصراع والسلام العربي-الإسرائيلي، وبين الخصوصية اللبنانية في العلاقة مع الولايات المتحدة وأوروبا ومجلس الأمن".

وفي سياق آخر، قال مصدر ديبلوماسي لـ"الجمهورية": "لا أعلم حقيقة ما إذا كان في استطاعتنا إطلاق تسمية المبادرة العربية على زيارة العربي المؤجلة، كونها ليست صادرة عن الجامعة العربية أو بموافقة عربية، إنما هي كناية عن مبادرة شخصية للأمين العام".

وأشار الديبلوماسي نفسه إلى أن اللافت في مضمون المبادرة المسربة إفساح المجال للأسد للاستمرار في السلطة حتى نهاية ولايته بعد 3 سنوات، فيما كل المبادرات تتحدث عن انتخابات رئاسية قريبة لا ان يُترك الاسد حتى نهاية ولايته، فضلا عن أن المعارضة السورية لن توافق على هذه المبادرة، لأنها تطالب برحيل الأسد لا استمراره.

وأوضح الديبلوماسي أن المعارضة في سوريا قسمان، قسم يطالب بإسقاط النظام "الآن"، ما يعني رفضه ما جاء في المبادرة، وقسم آخر يطالب بالتغيير عن طريق انتخابات مبكرة، أي في الاشهر القليلة المقبلة. وحتى التدخل التركي جاء من هذا الباب، أي من باب المطالبة بانتخابات نيابية ورئاسية في الأشهر المقبلة.

وأكد الديبلوماسي أنه على رغم تضمين المبادرة بقاء الأسد في السلطة، غير أنها تنص أيضا على إجراء انتخابات نيابية حرة قريبا وبمراقبة دولية وتشكيل حكومة ائتلافية تقبل بها المعارضة، ما يعني مشاركة المعارضة في الحكم، وبالتالي ما تضمنته المبادرة من تغييرات لن يقبل بها النظام السوري، لأنها تكون قد كتبت نهايته.

وعن مصلحة الأسد في الاجتماع مع العربي، عاجلا أم آجلا، ما دامت المبادرة تكتب نهايته، قال المصدر الديبلوماسي: "إن انعزال الأسد عن الجميع وعدم الاجتماع مع العربي بعدما أزاح أوروبا وأميركا عن الخريطة، يضعه امام شعبه في موقع معزول كليا. فضلا عن أن موقف روسيا والصين والهند وجنوب افريقيا يتأثر بقوة بالمواقف العربية، إذ بالنسبة الى هذه الدول عندما لا يتمكن الاسد من التعاطي حتى مع الصوت العربي يصعب عليها عندئذٍ مساعدته، وبالتالي كل هذه عوامل تجعله ملزما التعاطي مع زيارة العربي بايجابية.

السابق
عدنان السيد حسين: يروي حكايته الوزارية ويطرح رؤيته الإصلاحية
التالي
النهار: مجلس الوزراء اليوم الأولوية للحكومة لا الكهرباء استحقاق تمويل المحكمة من مرحلة الالتزام إلى التنفيذ