كيف تقارب 14 آذار العلاقة مع الشيعة ؟

تتفق «قوى 14 آذار» على ان رياح التطورات تجري بما تشتهيه سفنها. فبحسب احد منظّريها «النظام السوري في طريقه الى الانهيار. وهي قصة وقت قبل ان يضع الحكم البعثي نقطة على السطر ويرحل. والقرار الاتهامي في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري صدر والمحكمة ستتابع عملها. وهاتان النقطتان تجعلان»حزب الله» محاصراً ومعرضاً لكل انواع المساءلات والمراجعات وكشف الحساب».

هذا ما تتفق عليه معظم مكونات «14 آذار»، وتتداوله بصورة مستمرة في «مجالسها». كما تتفق ان «نقاط القوة هذه قد تنقلب مأساة اذا شعرت طائفة ما، وتحديداً الشيعة، أنها مستهدفة واندفعت الى مزيد من التماهي مع «حزب الله» الذي قد يغامر بكل شيء اذا شعر انه سيخسر كل شيء». وتطرح اوساط في «14 آذار» مجموعة اسئلة منها «كيف يجب التعاطي مع المرحلة اللاحقة؟ كيف سيتصرف «حزب الله»؟ كيف يمكن الفصل بين الحزب وبيئته الحاضنة (الطائفة)؟ كيف السبيل الى طمأنة الشيعة بأنهم غير مستهدفين باستهداف الحزب وتشجيعهم على فك ارتباطهم به؟ كيف يمكن إقناع الناس بأن السلاح والقوة الفائضة يضران اصحابهما بداية ويهددان استقرار البلد؟»

تحكم تعامل الاوساط الآذارية مع هذه الأسئلة وجهتا نظر. هناك فريق يضم نواباً ومسؤولين في «المستقبل» وآخرين في «القوات» ومستقلين و«كتائب» يعتبرون انه لا بد من «البحث عن لغة قادرة على صياغة مفاهيم مشتركة يلتقي حولها اللبنانيون على اختلاف طوائفهم. وأن على «14 آذار» ان تسهم في استنباط تلك اللغة. وعليها أن تجد الشركاء الشيعة القادرين على التعبير عن بيئتهم والممثلين لها في لبنانيتها اولاً وخصوصيتها ثانياً لتعيد معهم بناء المشترك الوطني على كل الاصعدة بدءاً من السياسة وانتهاءً بالثقافة». يراجع هؤلاء بعض «الأخطاء غير المقصودة التي تم فيها تهميش عدد من الوجوه والأصوات الشيعية المتمايزة، والإرباك ـ وربما احيانا التجاهل ـ الذي حكم علاقة «14 آذار» بها». ويعتبرون «اننا في محاولة مسايرة «حزب الله» واحتضانه أسقطنا على الطريق حلفاء محتملين وساهمنا في تكوين الانطباع السائد بأن الحزب يمثل الطائفة».

هذا الفريق يرى «ضرورة العمل والبحث عن خطاب جديد في الوسط الشيعي. هو موجود ولكن بخجل، ويحتاج الى بلورة وتشجيع وكسر حاجز الخوف. فبقدر ما تحتمي الطائفة بسلاح حزبها، تخاف هذا السلاح وسطوته وما يصحبهما من نفوذ وقوة معيشة باليومي الملموس. وبالتالي فإن المهمة الاولى هي التشجيع على تجاوز الخوف في الوسط الشيعي، ومد اليد الى اي مبادرة تحاول تلمس الطريق للتواصل مجددا مع كل اللبنانيين على اسس وطنية. لا بل التفكير معا في كيفية ايجاد سبل لطمأنة الجمهور الخائف والمخيف». 
في المقابل، يعتبر فريق آخر من «14 آذار»، يضم بدوره وجوها من جميع الاحزاب المكونة لهذا الفريق اضافة الى مستقلين، ان «الوقت لم يحن بعد لمخاطبة الجمهور الشيعي ومطالبته بحراك خارج فسحة «حزب الله». فالحزب الذي اقنع مناصريه والمحايدين من الطائفة انه نقلهم من فئة المحرومين الى الممسكين بالسلطة في لبنان، ينهار في اللحظة نفسها التي احكم فيها إمساكه بالسلطة. وهو في هذه اللحظة غير مستعد لأي نوع من الحوار او مد اليد. ويمعن في الإمساك بالناس عبر تخويفهم، وهو ما ذهب اليه مباشرة الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله حين قال صراحة إن الشيعة مستهدفون. بالتالي لا مجال للتواصل اليوم. ولا تنفع سياسة مد اليد التي يواصل الحزب التهديد بقطعها. أسقطوا كل امكانية التفاهم وهم مصرون على ذلك. لذا فالانتظار هو سيد المرحلة. وعلى الشيعة أن يستنبطوا مخرجاً لأزمتهم، وأن يحاولوا ترميم الجسور مع الآخرين. هذه مهمة داخلية لا ينفع اي تدخل فيها، لا بل يزيدها تعقيداً، ويقلل من شرعية اية قوة قد تنشأ».

يراهن هذا الفريق على «أن سقوط النظام السوري سيخلق حراكاً في كل المنطقة كما في لبنان، وبالتالي ستكون هناك مراجعة داخل كل طائفة لبنانية. ولن تكون الطائفة الشيعية بمنأى عن تداعيات هذا السقوط. لذا يجب الانتظار الى ان تتبلور التطورات. ولا يفيد في شيء اليوم دفع أية جماعة او دعمها لتطرح خيارات جديدة. على كل طائفة ان تفرز من يمثلها فتتقدم به لتلتقي مع سائر اللبنانيين على الثوابت التي قام عليها هذا البلد، والتي اتفق اللبنانيون على أنها خريطة طريقهم للعيش الحر معاً».
الاختلاف في وجهتي النظر داخل «14 آذار» في كيفية التعاطي مع الطائفة الشيعية و«حزب الله» تحكمه قراءة آنية للتطورات في سوريا متفق على تقدير خواتيمها. ولكن في «14 آذار» من يهمس قائلاً «النقاش نظري. فلا هم خسروا فعلاً ولا نحن انتصرنا حقاً. كلنا في منزلة بين المنزلتين وننتظر ونراهن». فلا يتأخر من يجيبه «لكن انتظارنا لن يطول والمسألة مسألة وقت فقط»!
 

السابق
فادي عبود: من يعرقل خطة الكهرباء يعرقل اولوية وطنية
التالي
صحناوي: خطة الكهرباء توفر على الخزينة أكثر من المبلغ المطلوب