التيار الوطني الحرّلن يستقيل..

دقائق قليلة تكفي لمعرفة نظرة الشارع الى ما يحدث حول ملف الكهرباء، إذا قمنا بجولة في حيّ مختلط وغير مصنّف لا مع هذا ولا مع ذاك…

"يختلفون على سرقة أموال الشعب"، "يريدون أن يتقاسموا العمولة وإلّا لا كهرباء"، "لن يقبلوا أن يقطف عون هذا الإنجاز الحيوي الكبير حتى لا يصرفه في السياسة والانتخابات"، "إذا أتى عون وصهره بالكهرباء الى اللبنانيين وحصلا على 300 مليون دولار عمولة سيكسحان الأرض في 2013"…

تحليلات وآراء أكثر ما تتردّد على مسامع الجميع في هذه الآونة من قِبل مواطنين لا يكترثون لا لتفاصيل تقنيّة ولا إدارية، لأنّهم يعرفون تماماً أنّ السياسة تتحكّم بجنس الملائكة. وهكذا بالفعل، لأنّ ملفّ الكهرباء حكمته السياسة على مرّ الحكومات المتعاقبة مهما حاول البعض تحييده عنها، والسياسة هنا ليست مجردة، فهي مرتبطة بقطاع حيويّ يدخل الى كلّ بيت ويأتي على لسان كلّ مواطن لبناني يوميّا جرّاء المعاناة المزمنة واليومية والمرتبطة بكلّ مفاصل الحياة، من دون ان ننسى مافيا أصحاب المولدات الكهربائية والجباية والضرائب ووو…

اليوم كلّ الأنظار شاخصة الى خواتيم الأزمة الكهربائية التي دشّنت تيّارها الاوّل بالحكومة، فصعقتها وجعلتها امام مطبّات استراتيجية تهدّد كيانها والعلاقة بين مكوّناتها الأساسية، وعلى رغم كلّ الاتصالات التي جرت خلال الفترة الفاصلة من "الميني" جلسة الأخيرة التي عقدت في بعبدا، عن جلسة مجلس الوزراء المقرّرة اليوم للبتّ بهذا الملفّ، في حال لم تؤجَّل، لم يوفّق الوسطاء الأساسيّون الذين عملوا على خطّ التوافق بين عون من جهة وجنبلاط وميقاتي من جهة ثانية، ولا سيّما حزب الله الذي دخل بقوة على هذا الخط، لم يوفّقوا في سحب الفتيل الكهربائي عن الحكومة، بل على العكس، لوحظ أنّ حدّة المواقف والاصطفافات ازدادت وتظهّرت بشكل أوضح حتى باتت معركة 7 أيلول هي المحطة الفاصلة لتبيان الخيط الابيض من الأسود، والتي على أساسها سيحدّد الجنرال ميشال عون علاقته بالحكومة وأفرقائها على حدّ سواء، خصوصا إذا سلكت الأمور مسار التصويت.

وقد أفصحت مصادر قياديّة في التيار الوطني الحر "للجمهورية" عن أنّ خيارات عدّة يدرسها التيّار في حال لم تقرّ خطة باسيل، ليس بينها الاستقالة، كاشفة انّ الوساطات التي قام بها حزب الله مع الجنرال عون لم ترتكز فقط على حلّ عقدة مشروع الكهرباء، بل ركّزت في جانب كبير منها على ثَني عون عن أيّ خطوة تهدّد بفرط عقد الحكومة أو تضعف انطلاقتها، باعتبار أنّ هذا الأمر سيتحوّل الى هدية مجانية تقدّم الى المعارضة.
 
ومن الخيارات الاكثر جدّية، تقول المصادر، مقاطعة جلسات الحكومة، وبذلك لا يضطرّ حزب الله الى مجاراة التيار لأنّ أيّ استقالة تعني حُكماً أنّ على وزراء الحزب المضيّ قدُماً بالخطوة نفسها، وهذا أمر ليس وارداً في الظرف الحاليّ، نتيجة اعتبارات سياسية موضعيّة وربّما استراتيجية، لأنّ الحزب يفضل الحكومة على "اللا حكومة" أو حتى على حكومة تصريف أعمال.

وبذلك يكون خيار المقاطعة هو الأكثر ترجيحاً لأنّه لا يحرج الحزب، وفي الوقت نفسه يُخرج التيّار من هذه المعركة في "جولتها الأولى" منسجماً مع نفسه ومع طروحاته ومع جمهوره… ولا سيّما معركة شدّ العصب المسيحيّ والذي بدأه أصلاً وزير الطاقة جبران باسيل في مؤتمره الصحافي الأخير، تحضيراً للانتخابات ولو أنّها ما زالت تفتقد الى الزخم بسبب الوقت الفاصل عن العام 2013.

وتوقّعت المصادر أن يحتدّ التنافس في المرحلة المقبلة، على عناوين كثيرة، معظمها أثاره باسيل في مؤتمره الصحافي، وهي عناوين لاهبة وتشكّل مساحات ناريّة بتداعيات لا تقلّ عن تداعيات الكهرباء، مذكّرة أنّ عون لديه عشرة وزراء في الحكومة، ولن يكون الحلقة السياسيّة الاضعف، بل على العكس سيزداد شراسة في التعاطي بكلّ الملفّات صغيرة كانت ام كبيرة، وما كان يقبل به سابقا على مضض ومراعاة لحلفائه لن يقبل به بعد 7 أيلول. وختمت المصادر: إذا لم توافق الحكومة على مشروع الكهرباء، سنعتبر هذا التاريخ هو بمثابة 7 آب جديد لنا وننطلق في استراتيجية جديدة على أساسه. 

السابق
كثر بلد مكروه في العالم
التالي
الكهرباء:سياسة النكايات بوجه عون!