نحو تطبيق اتفاقية الدفاع والأمن

استمرار الحملة على المؤسسة العسكرية إشارة واضحة على أن مَنْ يقف وراء هذه الحملة لا يستهدف الجيش اللبناني فقط، وإنما يسيء إلى كل لبنان بحسب تصريحات وزير الدفاع فايز غصن، بالإضافة إلى مواقف قوى سياسية وطنية أخرى طالبت بضرورة إحالة كل من يتطاول على المؤسسة العسكرية إلى القضاء باعتبار أن هذه الحملة لا تخدم إلا العدو الصهيوني وأنه بمجرد التشكيك بالجيش اللبناني يعني أن هناك محاولة من تلك الجهات إلى زعزعة ثقة اللبنانيين بجيشهم الوطني وكذلك بالمقاومة وبالشعب اللبناني الذي يراهن على وحدة الشعب والجيش والمقاومة لمواجهة أي عدوان "إسرائيلي" على لبنان.
وكشفت مصادر مواكبة للاتفاقيات التي أبرمت بين لبنان وسورية منذ سنوات ومن خلال اتفاق الطائف الذي نص صراحة على أن أمن لبنان من أمن سورية وأمن سورية من أمن لبنان، ولا يكون منطلقاً لأعمال ضد سورية أو ممراً أو مستقراً لأي جهات تحاول الإساءة إلى سورية وزعزعة استقرارها، وأن من ضمن هذه الاتفاقيات اتفاقية الدفاع والأمن بين لبنان وسورية التي وقـّعت في العام 1991 من قِبَل وزيري الدفاع والداخلية اللبنانيين ميشال المر وسامي الخطيب وعن الجانب السوري وزير الدفاع والداخلية العماد مصطفى طلال والدكتور محمد حربه.

وتشير المصادر عينها إلى الفقرتين 211 و212 من الاتفاقية المذكورة حيث تنص الأولى على ما حرفيته: "منع أي نشاط أو عمل أو تنظيم، في كل المجالات العسكرية والأمنية والسياسية والإعلامية من شأنه إلحاق الأذى أو الإساءة الى البلد الآخر".
أما الفقرة 212 فتنص على ما حرفيته: أن يلتزم كل من الجانبين بعدم تقديم ملجأ أو تسهيل مرور أو توفير حماية للأشخاص والمنظمات الذين يعملون ضد أمن الدولة الأخرى. وفي حال لجوئهم إليها، يلتزم البلد الآخر بالقبض عليهم وتسليمهم إلى الجانب الثاني بناء على طلبه".

وأوضحت المصادر أنه في الشق العسكري يوجد هناك تنسيق كامل بين الجيشين اللبناني والسوري أكان لناحية ضبط الحدود وتبادل الخبرات وإقامة الدورات التدريبية المشتركة بالإضافة إلى وجود مكتب تنسيق عسكري بين البلدين، وهذا الجانب تُرجم من خلال الدعم الذي قدمه الجيش العربي السوري إلى الجيش اللبناني في أكثر من محطة، وكان آخرها في فترة حرب مخيم نهر البارد ضد جماعة فتح الإسلام، ناهيك عن الاجتماعات التنسيقية بين لجان محافظة البقاع وريف دمشق، والأمر نفسه في منطقة الشمال حيث لعب الجيش اللبناني دوراً مميزاً في هذه المجالات وطبّق مضمون الاتفاقية المذكورة في شقها العسكري.
أما في الشق الأمني لم تحصل المتابعة المطلوبة ولم يطبّق مضمون الاتفاقية كما هو منصوص عنه، مع الإشارة هنا إلى أن سعد الحريري عندما زار سورية وحصل يومها اجتماع بين الجانبين اللبناني والسوري على مستوى اللجنة المشتركة وضع برنامج تنفيذي لاتفاقية الدفاع والأمن تحدد القواعد التفصيلية له وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بالفقرتين 211 و212.

وتعتبر المصادر أنه في مرحلة الظروف الطارئة التي تمر بها سورية، فقد حصل خرق كبير وخطير لمضمون الاتفاقية المشار إليها، فعلى الصعيد الإعلامي إن فريقاً من اللبنانيين في طليعتهم "حزب المستقبل" يشن حملة إعلامية ضد النظام في سورية وهذا يظهر بوضوح في وسائل الإعلام التابعة له، وهذا يتعارض كلياً مع ميثاق الشرف العربي، بالإضافة إلى التحركات السياسية المتمثلة في التظاهر ضد النظام في سورية، والتدخل السياسي في الشأن السوري الداخلي من خلال احتضان معارضين سوريين وعقد لقاءات معهم للتحريض على الفتنة وضرب الوحدة الوطنية السورية ومحاولة زعزعة الأمن والاستقرار فيها.
كل هذه الخروق الإعلامية والسياسية والأمنية من قِبَل "حزب المستقبل" وحلفائه تتطلب موقفاً حاسماً من الحكومة اللبنانية والمبادرة إلى تطبيق روحية اتفاقية الدفاع والأمن بانتظار بلورة البرنامج التنفيذي لهذه الاتفاقية.

السابق
جبل النفايات في صيدا يعود إلى الواجهة عبر رالي للسيارات
التالي
خلاف السنيورة وجعجع