مشروبات الطاقة..مصدر فعّال لتدمير أعضاء الجسد

هي معادلة جديدة من «ابتكارات» القرن الحادي والعشرين، وأطوار أجياله «الواعدة»، ففي الوقت الذي يغيّب الشباب في العالم، وخصوصاً في منطقتنا، بشكل شبه كامل عن صنع القرار، والمساهمة في حركة بناء المجتمعات وتطويرها، والاكتفاء بتسخير أنفسهم كورقة «رابحة»، تستخدم في عقد الصفقات والمؤامرات السياسية والاجتماعية، تطلّ العزيمة الشابة من مكان آخر، وفي حالة بحث «حثيثة»، عن مصادر جديدة «للطاقة»، على قاعدة أن المصادر الطبيعية الأخرى (كالرياضة) قد نفذت جميعها، وبقي الملاذ الأخير، رهن عبوة معدنية مزركشة، تنوب ألوانها وطعمها، عن ضرورة التيقن من سلامة مكوناتها وآثارها الصحية.
وفي غياب الثقافة العامة الطبية، لدى مجتمعاتنا، تتبارى الوسائل الإعلامية، في عرض الإعلانات الترويجية لمشروبات الطاقة، والموجهة جميعها إلى شريحة محددة من المواطنين. الشركات المصنّعة لهذه المشروبات، تدرك أن شبابنا لن يبذل مجهوداً «ضائعاً» للبحث في مكونات المواد التي تدخل إلى جسده، وبالتالي هي أيضاً انعكاس لشخصيته، فتبث في إعلاناتها مشاهد إعلانية «هوليوودية» تصّور مفعول هذه المشروبات بشكل «سحري»، وانعكاسها على شخصية الشباب، «كمحفـّز» على «الانتاج» والذكاء والعمل، وعلى وجه الخصوص، اعتبارها مصدر جاذبية أساسي للناس «الكول».. لذلك نقول لقد حققت هذه الشركات مبتغاها.

دراسات علمية متخصصة، أكدت أن معظم المستهلكين لمشروبات «الطاقة» هم دون سن 30 سنة أو حتى أقل، أكثرهم من طلاب الجامعات والمدارس، «تزيد هذه المشروبات من قدرتك على التركيز»، أو «تحسّن من قدرتك الذهنية والجسدية»، أنها المفتاح «السمسمي»، الذي مكّن هذا المشروب من اختراق هذه الشريحة الأساسية في أي مجتمع إنساني.
ما هي مشروبات «الطاقة»
ثمّة أسماء تجارية عديدة لمشروبات الطاقة، لكن المكوّنات واحدة، تحتوي هذه المشروبات على كميات عالية جداً من الكافيين، فقد يصل تركيز الكافيين في بعض من هذه المشروبات إلى ثلاثة أضعاف الكافيين الموجود في المشروبات الغازية. ومن المعروف طبياً أن الكافيين وبكميات كبيرة هو عامل محفز، فهو يسرّع من نبضات القلب، ومثل هذا التسارع اللاإرادي في نبضات القلب، غير مرغوب فيه، لما له من تأثيرات سلبية عدة على صحة الإنسان.

وتجدر الإشارة إلى أن الكافيين وبكميات كبيرة يؤدي إلى ارتفاع في ضغط الدم وهذا الارتفاع له مضار غير ملموسة ولكنها تراكمية وبطيئة على الصحة، ولذلك يطلق لقب “القاتل الصامت” على ضغط الدم. أضف إلى ذلك بأن الإسراف في تناول الكافيين يؤدي إلى الأرق وعدم الانتظام في النوم، ما يجعل الجسم عرضة للإرهاق. كما أن الكافيين عامل مدر للبول يفقد الأجسام السوائل، وعند تناوله بكميات كبيرة قد يفقد الإنسان السوائل بشكل مبالغ فيه ما يجعله عرضة للجفاف وبالتحديد في فصل الحر الشديد.
السكّر والأعشاب
هذا وتحتوي مشروبات الطاقة على كميات كبيرة من السكر. والسكر عند تناوله بكميات كبيرة يعتبر عامل مسهلاً فيفقدنا كميات كبيرة من السوائل، و كحال الكافيين قد يفقد الأجسام أيضاً كميات كبيرة من السوائل فتصبح عرضة للجفاف. هذا وتجدر الإشارة إلى أن السكر وبكميات كبيرة، يعطي شعوراً بالشبع، ما يؤدي إلى عدم تناول غذاء متوازن، فيما المراهقون هم في أمس الحاجة إليها لبناء أجسام صحيحة.
ومن المكونات التي قد تتم إضافتها لمشروبات الطاقة الأعشاب المنشطة كالجنسنج والجوارانا والتي يجب الحذر من تناولها إلا بعد استشارة المختص، فقد تؤدي إلى أعراض وتأثيرات جانبية سلبية عدة، فهذه الأعشاب لا تزال قيد البحث العلمي لفهم تأثيرها على صحة الانسان.
أما بالنسبة للفيتامينات فبعض هذه المشروبات تضاف إليها فيتامينات ب، وهذه الفيتامينات تساعد الجسم على استخلاص الطاقة من الغذاء، ولكن فيتامينات ب متوفرة في معظم الأغذية التي يتناولها الانسان يومياً لتلبية احتياجاته ولذلك لا أحد بحاجة إليها لأخذها من هذه المشروبات.
الجهاز العصبي
كما توصل الأطباء إلى التحذير من خطورة مميتة في تناول هذه المشروبات، لاحتوائها على مواد كيميائية معينة تقلل فاعلية الجهاز العصبي وترفع الضغط وتزيد ضربات القلب‏،‏ كما أنها تدمر الكلى والكبد‏،‏ وقد يصل الأمر إلى حد إدمانها وحدوث اضطرابات نفسية جراء تناولها‏.‏
وفي ظل هذه التحذيرات بشأن حالات الوفاة التي ترتبط بتناول المشروبات التجارية التي تحتوي على الكحول مع الكافيين ليس من السهل التغاضي عن المشكلات التي ترتبط بما يعرف باسم مشروبات الطاقة التي تسبّبها تلك المشروبات.
ولكن عدداً من العلماء يشعرون بالقلق إزاء المشروبات التي تحتوي على كميات عالية من الكافيين مثل “ريد بول” و”روكستار” و”مونستر” و”فول ثروتيل” التي تحظى بشعبية بين المراهقين والبالغين من الشباب.
دراسة تطبيقية
لقد دفعت التركيبة الغريبة غالباً للمكونات الموجودة في هذه المشروبات ثلاثة باحثين من مركز العلوم الصحية في جامعة تكساس في مدينة هيوستون وجامعة كوينزلاند في أستراليا لفحص ما هو معروف – وما هو غير معروف – عن محتويات هذه المشروبات، التي تباع إلى جانب المشروبات الغازية والمشروبات الرياضية في المتاجر الكبيرة ومتاجر الأدوية ومواقف الراحة على الطرق السريعة.
آثار طويلة الأمد

وأشار الباحثون إلى أنه تم الإعلان عن أربع حالات موثقة من الوفيات التي ترتبط بتناول مشروبات تحتوي على الكافيين، بالإضافة إلى خمس حالات منفصلة من التشنجات التي ترتبط باستهلاك مشروبات الطاقة.
وتتضمن تقارير إضافية إشارة إلى رجل معافى بخلاف ذلك يبلغ من العمر 28 عاماً عانى من توقف القلب بعد يوم من المشاركة في سباق للدراجات البخارية؛ ورجل معافى عمره 18 عاماً توفي وهو يلعب كرة السلة بعد تناوله لعلبتين من مشروب “ريد بول” وأربع حالات من الهوس التي تعرض لها أفراد معروف عنهم إصابتهم بالاضطراب الثنائي القطب.

وأكّد الدكتور جون بي هيجينز وباحثون مشاركون في دورية “مايو جورنال” العلمية أنه بسبب استهلاك المراهقين والبالغين الشبان، بمن فيهم الرياضيين وغير الرياضيين، لمشروبات الطاقة بمعدل مزعج، فإننا نحتاج إلى تحديد ما إذا كان الاستخدام الطويل الأجل لمشروبات الطاقة بواسطة هؤلاء الأفراد سوف يتحول إلى آثار ضارة خلال فترة لاحقة.
وأوضح الباحث المشارك تروي دي توتيل، وهو باحث في علم النفس الرياضي في جامعة هيوستن خلال مقابلة: «كل الدراسات تقريباً التي أجريت على مشروبات الطاقة شاركت فيها عينات صغيرة الحجم من الأفراد الشبان والمعافين الذين يمكن رؤية الآثار السيئة القصيرة الأجل عليهم

تدمير الكبد
وكانت الجمعية المصرية للحساسية والمناعة قد حذرت، من تناول مشروبات الطاقة لأنها تمنح جسم الإنسان طاقة بصورة أكبر من الجهد المطلوب لتفريغها، وذلك لغناها بالكافيين وحمض “التوريين”.
لذلك تسبب هذه المشروبات الصناعية، خللاً في تفاعلات الجسم الداخلية ينتج عنه خلل في وظائف الأعضاء‏، وهنا يبدأ الجسم في عدم التكيف مع المواد الطبيعية التي يفرزها والمسؤولة عن توازنه‏، إذ يصبح في حاجة دائمة إلي البديل الصناعي الخارجي لدرجة تصل حد الإدمان، ما ينتج عنه تهيج الجهاز العصبي وزيادة في ضربات القلب،‏ كما ينسب إلى هذه المشروبات لكونها تحتوي على نسبة كبيرة من الأحماض الأمينية يمكن أن يشكل خطورة صحية لأنه يصاحب تحولها في الجسم خروج مواد نيتروجينية ينتج عن زيادتها إجهاد للكبد والكلى وتسبب خللاً في توازن الدم‏.‏
الخمول
كما أظهر باحثون أن مشروبات الطاقة التي يتناولها الرياضيون من أجل الشعور بالنشاط، ربما تعطي أحياناً نتيجة عكسية إلى درجة أنها قد تسبب لهم النعاس.
وقد أجرى باحثون فى جامعة ليفبورو بمنطقة ميدلاند في بريطانيا دراسة على 10 بالغين من أجل معرفة تأثير مشروبات الطاقة عليهم والتي تحتوى عادة على نسبة عالية من السكر.
وأشار هؤلاء إلى أنه بعد حوالى ساعة على تناول المشروب فقد هؤلاء قدرتهم على التركيز، وكانت استجابتهم للأشياء التي تدور حولهم أبطأ مقارنة بغيرهم، ممن تناولوا مشروبات لا تحتوى على السكر أو الكافيين.
يذكر أن هذه المشروبات غير خاضعة للرقابة رغم أنها خطيرة على مريض السكر في أي سن ومرضى الضغط المرتفع والحساسية‏.‏
مزيج مع الكحول
هناك حالة شائعة جداً، برزت حديثاُ، وهي قد تكون خدعة من أصحاب الملاهي، وهي مزج مشروبات الطاقة مع الكحول، والحقيقة، أن الكحول يؤدي إلى الارتخاء وعند مزجه مع مشروبات الطاقة تقوم مشروبات الطاقة المنشطة بتغطية تأثير الكحول، فيظن البعض أن الكحول لم يؤثر فيهم، لكن العكس هو الصحيح، لذلك يؤدي الأمر إلى شرب المزيد من الكحول، وفي هذه الحالة يتعرض الكبد (مصفاة الجسم من السموم) لكميات كبيرة من الكحول، غير قادرعلى تحملها ما قد يؤدي الى تسمم الكبد و الجسم بشكل عام.
اذاً، فإن «الطاقة» الوحيدة التي قد يستفيد منها الإنسان، عبر هذه المشروبات، هي القدرة على تدمير وظائف أعضائه وأذية نفسه.

السابق
افتتاح معهد المطران كويتر في صيدا
التالي
طيران العدو يواصل خرقه للقرار 1701 ودوريات لافتة للجيش