اللواء: باسيل يُجهِض المقاربات الكهربائية بإثارة النعرات المناطقية والطائفية

لم يتمكن الاستنفار الحكومي الذي وصل الليل بالنهار لاحتواء الاشتباك السياسي – الوزاري حول خطة الكهرباء، من تحقيق تقدم، لا على جبهة الخطة، ولا على جبهة تبريد الاحتقان بين وزراء <تكتل الاصلاح والتغيير> ونظرائهم من ممثلي الكتل الاخرى، سواء في <جبهة النضال الوطني>، او <كتلة الوفاء للمقاومة>، فضلاً عن وزراء الكتلتين الوسطيتين المرتبطتين برئيسي الجمهورية والحكومة·

واذا كان صاحب الخطة الوزير جبران باسيل يتصرف على قاعدة ان المسألة تخطت الجوانب التقنية، وان ثمة اشتباكا جدياً ينطلق من التمويل وينتهي في السياسة، فإنه ترك لرئيس التيار الذي ينتسب اليه، النائب ميشال عون، رسم الصيغة الاخيرة، قبل ساعات جلسة مجلس الوزراء، عبر البيان الصحفي الذي يدلي به بعد اجتماع التكتل الذي يضم النواب والوزراء عصر اليوم·

وعلى الرغم من التكتم الذي اتفق عليه الرؤساء الثلاثة، سواء عبر لقاء بعبدا بين الرئيس ميشال سليمان والرئيس نجيب ميقاتي، او مع الرئيس نبيه بري، عبر ممثله وزير الصحة علي حسن خليل الذي شارك في الاجتماع الوزاري السداسي في السراي، فإن مهمة الاخير، بشراكة كاملة مع حزب الله، على خط الرابية، لتأجيل الانفجار، اصطدمت بتباعد المقاربتين بين عون وميقاتي المدعوم من الرئيسين سليمان وبري وجنبلاط·

اذ كشف مصدر وثيق الصلة بالمشاورات الجارية حول الازمة ان بري وميقاتي توصلا الى صيغة يتم بموجبها تمويل خطة باسيل، عبر معادلة تجميع بين مصادر التمويل الداخلية ومصادر الصناديق العربية·

واوضح المصدر ان ميقاتي عرض على باسيل في اللقاء الصباحي بينهما، ان يبدأ العمل بالمراحل الاولى من خطته بمبلغ 440 مليون دولار يمكن تأمينها، على ان يتأمن في الوقت الفاصل عن المراحل التالية مبالغ اخرى من الصناديق العربية، الا ان هذا العرض الذي يتضمن وضع تشكيل <الهيئة الناظمة> على نار حامية، جوبه برفض مطلق من باسيل·

ورأى المصدر أن الكرة باتت بالكامل في ملعب <حزب الله> الذي سيكون عليه الضغط على حليفه من أجل دفعه إلى التأقلم مع الحلول المطروحة·

باسيل

وعبّر باسيل عن رفضه لطرح ميقاتي، بمؤتمر صحفي عقده بالتزامن مع الاجتماع الوزاري في السراي، اعتبر بأنه الخطوة الأولى للضغط على الحكومة بشكل سافر والتهديد بنسفها من الداخل من خلال استقالة الوزراء الذين ينتمون للتيار العوني، حيث كرّر وزير الطاقة اكثر من مرّة بأن وزراء التكتل جزء أساسي من هذه الحكومة، وعدم تمكننا من الإنجاز لا يُبرّر بقاؤنا في هذه الحكومة·

واعتبرت، كذلك، اشارته إلى ملف شهود الزور، وكأن هناك رغبة بتكرار التجربة السابقة، في حكومة الرئيس سعد الحريري، مثلما كانت اشارت <اللواء> في حينه، بالنسبة إلى تعطيل الحكومة، إذا لم يُقرّ بند الكهرباء، إذا حالت الضغوط دون خروج الوزراء العونيين من الحكومة·

ولاحظت مصادر أن باسيل مارس في مؤتمره شتى أنواع الابتزاز، وإثارة النعرات الطائفية والمناطقية، من خلال تخويف المسيحيين بحجب الأموال عنهم، والتلويح بفتح ملف سوكلين والمنطقة الحرة وسوليدير، وإعطاء التيار لبيروت على حساب مناطق أخرى·

واعتبرت المصادر كلامه بمثابة رسائل سياسية متعددة الاتجاهات بمن فيهم رئيس الحكومة وحزب الله، وتساءلت انه طالما اعترف بأن تمويل خطته يمثل 90 بالمائة من خزينة الدولة، فلماذا يريد المبلغ كاملاً، طالما ان الخطة تحتاج لتنفيذها إلى أربع سنوات؟ ولماذا لا يعهد إلى القطاع الخاص بتمويل معامل الإنتاج على ان تتولى الدولة التسويق والتوزيع·

اما الموقف الأخطر، فهو دعوته إلى كل فريق لأن يقول كلمته في الخطة، وهذا يعني احتمال طرح الموضوع على التصويت في مجلس الوزراء، رغم إدراكه أن الخطة لن تمر في مجلس النواب·

وترددت معلومات أن باسيل مصر على خطته لأسباب متعددة، منها انه أجرى ما يشبه التفاهم مع عدد من الشركات اللبنانية لتلزيم بعض الأعمال المتعلقة بها·

وأكدت مصادر وزارية لـ <اللواء> أن معظم عقد خطة الكهرباء قد تم تفكيكها، وأن البحث في اجتماع السراي، أمس، تركز على موضوع تمويل هذه الخطة هل سيكون من خزينة الدولة، أم أن الدولة تموّل جزءاً من المشروع، وما تبقى يموّل عبر قروض وصناديق عربية، موضحة أن الوزير باسيل ما زال يصرّ على أن يكون كامل التمويل من الدولة دفعة واحدة، وذلك رداً على ما طرح عليه لجهة أن يكون نصف المبلغ من الدولة لمباشرة العمل، وبعد ستة أشهر، وإذا لم يتم تأمين باقي المبلغ من الدول العربية تقوم الدولة بالتمويل من الخزينة·

وأشارت المصادر، إلى أن الاتصالات تواصلت ليل أمس، وهي ستستكمل اليوم بشكل مكثف، للوصول إلى حل نهائي يسبق جلسة مجلس الوزراء غداً·

وإذ رجحت إقرار الخطة في الجلسة غداً، أو تأجيل البحث فيها أسبوعاً آخر، فإن المصادر أكدت أنه من المستبعد اللجوء إلى التصويت، لأن ذلك يعني أن الخطة لن تمر في مجلس النواب، استناداً إلى موقف جنبلاط الذي أبلغ ممثلي <أمل> و<حزب الله> خلال العشاء في دارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، التزامه بالعلاقة مع الفريق الشيعي من دون عون·

الاجتماع الوزاري

وكان الاجتماع الوزاري الذي عقده الرئيس ميقاتي في السراي، بعيداً عن الإعلام، قد توصل الى قاعدة للحل، وفق وصف أحد الوزراء، وهو عبارة عن اقتراح اتفق على أن ينقله إلى الوزير باسيل الوزير علي حسن خليل وحزب الله، وحمله رئيس الحكومة أيضاً إلى قصر بعبدا وعرضه على رئيس الجمهورية عشية جلسة مجلس الوزراء التي يحتل موضوع الكهرباء البند الأول من بنودها الـ 133·

وذكرت مصادر وزارية أن اقتراح الحل المطروح والذي لم يتسنَّ للخليل عرضه على زميله باسيل، حتى ساعة متأخرة من الليل، يقوم على ثلاث نقاط اساسية:

1 – مراعاة ظروف الخزينة·

2 -مراعاة اصول التلزيم والمناقصات·

3 – وضع آلية كفيلة بنقل قطاع الكهرباء من حالة الى حالة، من خلال انشاء الهيئة الناظمة خلال ثلاثة اشهر·

واوضح وزراء جبهة <النضال الوطني> انه اذا كان هناك تجاوب مع اقتراح الحل، فإنه من المفترض ان تنقل الخطة البلد من حالة الى حالة، مشيرين الى ان معظم البنود التي طالبوا بها تم التوصل اليها وابرزها انشاء الهيئة الناظمة، وان تكون الخطة ضمن مشروع قانون للحكومة يلحظ ضوابط لجهة التنفيذ·

اما بالنسبة الى التمويل، فإن الحل يقترح ان يتم التنفيذ على مرحلتين:

الاولى بقدرة 300 ميغاوات تمول من الخزينة بمبلغ 600 مليون دولار·

والثانية: البحث مع الصناديق المانحة ومن القطاع الخاص، واذا تعذر ذلك فإن الخزينة هي التي ستمول باقي المشروع·

لقاء ساركوزي – الراعي

في جانب آخر، اتسم اللقاء الاول من نوعه بين البطريرك الماروني بشارة الراعي والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في قصر الاليزية بأهمية خاصة، لا سيما وانه تجاوز الوضع اللبناني الى هواجس المسيحيين التي تمحورت حول المخاوف من حرب اهلية داخل سوريا، واقامة انظمة اصولية اكثر تشدداً، وتهجير الاقليات بعد تفتيت العالم العربي، طالبا ان لا تأتي الحلول على حساب الاقليات المسيحية في المنطقة، وداعياً الى فصل المحكمة الدولية عن الشؤون السياسية·

ولاحظ البطريرك الراعي، بعد اللقاء الذي استمر 50 دقيقة، والذي تخلله تقليد البطريرك الماروني وسام الشرف، وهو اكبر وارفع وسام في الدولة الفرنسية، ان ما يهم الرئيس ساركوزي هو ان تعم الحياة الديموقراطية بين الشعوب بحيث ينعم كل المواطنين بحقوقهم الانسانية·

واوضح انه لم يتكلم مع الرئيس الفرنسي عن سحب القوات الفرنسية من <اليونيفل>، لكنه تكلم عن الصداقة والارتباط العميق بين فرنسا والقضية اللبنانية·

ونفىالراعي ان يكون حمل معه طرح الغير وآلية لحماية الموارنة في لبنان·

السابق
تقرير “بالمر”..كشف المستور
التالي
من الانتخاب إلى التعيين !!