السفير: خطة الكهرباء.. التزام بنصف تمويل لبناني!

لا تفاهم سياسياً نهائياً بين مكونات الحكومة على الخطة الكهربائية، وذلك قبيل يوم واحد على جلسة مجلس الوزراء المقررة يوم غد، وعلى رأس جدول أعمالها، مشروع جبران باسيل الذي حظيت معظم بنوده بموافقة جميع المشاركين في حكومة نجيب ميقاتي، باستثناء موضوع التمويل، حيث يصرّ باسيل على أن تحظى المرحلة الأولى الانتقالية بكلفة مليار و200 مليون دولار بتمويل من الخزينة اللبنانية، فيما يصر رئيس الحكومة ووزير المال على أن تموّل الدولة جزءاً من المشروع وأن تموّل الصناديق العربية الجزء الثاني.

وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس، لم تسفر الاتصالات عن تفاهم نهائي يمهّد لجلسة كهربائية منتجة وحاسمة غداً، نتيجة تعذر بلورة مخرج توافقي للتمويل. ومن المتوقع أن تشهد الساعات الفاصلة عن موعد مجلس الوزراء، تكثيفاً للمشاورات لمنع أية ارتدادات سلبية على الجسم الحكومي. وقال الرئيس نجيب ميقاتي لـ«السفير» إن الأمور ليست مقفلة «بل على العكس، أستطيع القول إننا توصلنا الى نوع من الحل، وإن شاء الله نتمكن من الوصول الى خواتيم ايجابية قريباً».
وفيما تكتم ميقاتي عن نوع الحل الذي اشار اليه، أدرجت اوساط قريبة منه ذلك في سياق ما أشار اليه نهاراً، بعد استقباله الوزير باسيل في السرايا الكبيرة، بقوله «إننا نسعى الى خطة كهربائية بأفضل شروط تقنية للوصول الى حلول نهائية وإيجابية وبالتمويل اللازم»، وقالت الأوساط نفسها إن هذا الموضوع كان مدار بحث بين ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال سليمان في اللقاء الذي جمعهما، مساء أمس في القصر الجمهوري في بعبدا، فور انتهاء الاجتماع الوزاري المصغر الذي ترأسه ميقاتي في السرايا وبحث في مخارج لتمويل خطة الكهرباء، في غياب وزير الطاقة والمياه جبران باسيل الذي كان يعقد مؤتمراً صحافياً في وزارة الطاقة، علماً أن ميقاتي استقبل على غداء عمل في السرايا، رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط يرافقه وزراء «الجبهة» غازي العريضي، وائل ابو فاعور وعلاء الدين ترو.
وأعرب جنبلاط عن أمله في الوصول الى الحل المقبول وقال لـ«السفير» «كنا وما زلنا منفتحين على الحل، خاصة أن معالجة ملف الكهرباء أكثر من ضرورية، وبالتالي نحن بالأساس طرحنا بعض الافكار والتوصيات التقنية والادارية والتي لا علاقة لها بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد»، وأمل أن تتم المعالجة بالشكل الذي يقود الى معالجة هذا الملف نهائياً.

وبحسب مصادر واسعة الاطلاع فإن الاجتماع بين ميقاتي وباسيل لم يحسم قضية التمويل، خاصة أن وزير الطاقة اكد تمسكه بالخطة بكليتها على اعتبار انها غير قابلة للتجزئة، بما في ذلك التمويل.
واشارت المصادر المذكورة الى ان باسيل لم يخرج مرتاحاً من الاجتماع، وسارع مكتبه الاعلامي الى تعميم خبر عن مؤتمر صحافي يعقده وزير الطاقة بعد الظهر، بالتزامن مع انعقاد الاجتماع الوزاري في السرايا، في محاولة لتوجيه رسالة اعتراضية الى الاجتماع الوزاري على «الإثارة المفاجئة لبند التمويل وتجزئته». وأوضحت المصادر أن ساعات ما قبل المؤتمر الصحافي شهدت حركة اتصالات مكثفة من قبل الرئيس نبيه بري ومن المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل لتبريد الموقف والحؤول دون أي توتير سياسي، وهكذا كان، بحيث جاء مؤتمر باسيل ضمن سقف مرتفع تقنياً ومنخفض سياسياً.

وأعلن باسيل أنه لن تكون هناك أي تسوية حول الملف الكهربائي، ورفض تجزئة التمويل فهناك معمل «اما يركب هذا المعمل او لا يركب»، مستغرباً «كيف ظهر اليوم وبسحر ساحر طرح تأمين الأموال من خلال الصناديق». وقال «نحن نريد الوصول إلى نتيجة ونريد نجاح الحكومة، لأنَّ سقوطها يعني سقوطنا وفشلها فشلنا وخسارتها خسارتنا، ورئيس الحكومة هو رئيسنا وأيّ فشل يصيبه يصيبنا ولا أحد يريد تسجيل نقاط على الآخر».

وتردد أن اجتماع السرايا كلف الوزير علي حسن خليل بوضع باسيل في صورة المقترحات الهادفة للحل، خاصة موضوع تجزئة التمويل على ان يتم تأمين نصفه من الخزينة اللبنانية واما النصف الآخر فيؤمن عبر الصناديق العربية من الآن ولغاية ستة اشهر على ان يتم التعهد (من قبل الحكومة) بتوفير هذا المبلغ من خزينة الدولة اذا حال امر ما دون توفر هذا التمويل من الصناديق العربية.
وعلمت «السفير» ان من ضمن المقترحات والافكار التي تم تداولها في الاجتماع الوزاري، هو التأكيد على الدور الرعائي للحكومة مالياً وادارياً ولا سيما في ما خص عقد التلزيمات، بالاضافة الى اناطة دور اساسي بمجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان بعد تعيينه، التأكيد على تعديل القانون الرقم 462 على النحو الذي لا يتعارض مع الخطة، التأكيد على تشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء على ان يتعهد وزير الطاقة بتشكيلها في فترة زمنية لا تتعدى ثلاثة اشهر، مع الاشارة هنا الى ان احد الوزراء تحدث عن ستة اشهر، علما ان الوزير باسيل لم يبد في مؤتمره الصحافي اية حماسة لتشكيل هذه الهيئة.

واعرب وزير الاشغال غازي العريضي عن ارتياحه للاجواء التي سادت الاجتماع الوزاري المصغر، وقال لـ«السفير»: لقد تحقق الكثير، ونستطيع القول إننا وصلنا الى نقطة متقدمة، على امل ان نصل الى التفاهم الجدي عبر التعاون وصفاء نية من قبل الجميع.

وقال وزير المال محمد الصفدي لـ«السفير»: «لا توجد عندنا حالياً امكانية لان نعقد صرفاً بمليار و200 مليون دولار، فوضع الخزينة لا يحتمل ذلك، بل لا يسمح بذلك، وقلنا إننا على استعداد كوزارة مالية لأن نؤمن 600 مليون الآن، وخلال ستة اشهر من الآن، اذا ما تعذر علينا أن نؤمن من الجهات المانحة والصناديق الـ600 مليون دولار الأخرى فإننا نلتزم بتأمينها من الخزينة اللبنانية، وهذا التزام حكومي». وامل ان تنجح المساعي في بلورة تفاهم وحل قبل جلسة مجلس الوزراء.

وقال وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس لـ«السفير» إن الحل الأسرع للبدء بمشروع الكهرباء هو البدء بتنفيذ الممكن من بنود خطة الوزير باسيل عبر تجزئة التمويل، بحيث نوفر المبلغ الممكن من خزينة الدولة للبدء بالمرحلة الأولى، فخطة تطوير الكهرباء فيها بنود مستعجلة يمكن البدء بها فوراً عبر تمويل من الخزينة لتوفير نحو 300 ميغاوات، والبنود الأخرى نبحث لها عن تمويل من الصناديق او الدول المانحة او وسائل اخرى، والمهم هو اننا نبحث عن حلول تؤمن مصلحة الدولة ومصلحة المواطن لكن بحلول قابلة للتنفيذ، ونريد التأكد من ان كل الامور واضحة لتكون قابلة للتطبيق.
ونفى نحاس ان يكون التوجه هو تجزئة العقود لتطبيق الخطة بل تجزئة التمويل حسب الأهمية والأولوية، كما نفى ان يكون هناك توجه لتقييد وزير الطاقة او خلق هيئة فوقه للإشراف على تنفيذ المشروع، بل المقترح هو تشكيل لجنة تتولى درس القوانين وتعديلها في حال تقررت التشركة والخصخصة.

ميقاتي: لبنان سيفي بتعهداته للمحكمة
من جهة ثانية، أعلن مدير قسم الشرق الأوسط والجوار الجنوبي في الاتحاد الأوروبي الدبلوماسي الفرنسي هوغ مينغاريللي أنه نقل الى الرئيس ميقاتي «رسالة دعم أوروبية لحكومته»، ونوّه بالشخصيات الحكومية اللبنانية قائلاً إن الحكومة «تضم رجالاً أكفاء وذوي إرادة طيبة».
أضاف «قلنا للرئيس ميقاتي إن الاتحاد الأوروبي يتمنى أن يحترم لبنان التزاماته الدولية وأن تعمد السلطات اللبنانية الى تمويل المحكمة وشرح لنا الرئيس ميقاتي أنه في نية لبنان الإيفاء بتعهداته كلها ومن بينها تمويل المحكمة».

السابق
البناء: سباق مع الوقت للتوافق على الكهرباء قبل جلسة الحكومة غداً والأسد يُشيد بعمل الصليب الأحمر الدولي ومواقف تحريضية لأمير قطر
التالي
الانباء: تسوية كهربائية أكثروية برسم العماد عون.. وفريقه مازال يلوّح بالاستقالة