ثورة التحرير أم التكرير؟

هل الغرب فرح بما يجري في الربيع العربي؟ هل الغرب مستمتع بمنظر ثورة الشعوب العربية على انظمتها الفاسدة ورؤيتها بعين الواقع قدرة الشعوب لمحاسبة سلطاتها وتبنيها لمبادئ الديموقراطية والتحرر وافكار روسو ولوك؟ وهل بالتالي وجد نفسه مضطرا ليدعم هذه الشعوب ويدافع عنها رحمة بها وانتصارا للحق؟

للامانة لا هذا ولا ذاك؟ الموضوع برمته ومن الفه ليائه واقع جديد والغرب يريد ان يلحق بمسار التغيير المستعجل، فكل همه الآن تعديل مسار التغيير بحسب مواصفاته وخدمة لمصالحه قبل ان يفقد زمام المبادرة، وتنتهي الاوضاع لما لا يحمد عقباه!

ابتداء علينا ان نقر لولا الخدمة الجليلة التي قدمها بن علي لما صرنا نحتفل بالربيع العربي. الفضل برأيي لا يعود للبوعزيزي رحمه الله، الفضل يعود بصورة رئيسية لبن علي. فكما تعلمون باننا كلنا وبلا استثناء لم نستشعر حيال الثورة التونسية باكثر من التعاطف والاحساس بعدم الارتياح لردة فعل السلطة لا اكثر! فلم نفكر بان تغييرا ما سيحصل، بل اكاد اكون جازما بان جميعنا تنبأ بان الرد الطبيعي للسلطة التونسية البائدة هو السلاح والقوة المفرطة وتوقعنا بان مئات الالوف امثال بوعزيزي وحتى بصور ابشع وأقرف ستسقط جراء ذلك، وسينتهي الامر بيأس المعارضة وستسكت وستعود الاوضاع كسابق عهدها ان لم يكن للاسوأ. هذا ما توقعناه، وهذا ما توقعته ايضا الدول الغربية انصار الديموقراطية لانه ببساطة هذا هو بالضبط قناعاتها عنا. لكن الصدمة والدهشة والاستغراب لدرجة فتحنا فاهنا ومازلنا هو خبر الهروب السريع للطاغية التونسي رئيس عصابة المخدرات، فلقد كان حقيقة «أهبل»، فلو انتظر واستعمل الجيش لوفر على الجميع عناء هذا الربيع، اليس هذا بالضبط ما حصل؟ الا يستحق بن علي الشكر والثناء لافتتاحه الكبير للربيع الجديد؟!

هذا ما حصل بسرعة هناك، وهو ما حصل وبسرعة في مصر وقبل ان يستوعب الغرب الموجة الجديدة الجارية في الشرق الاوسط، فسقط طاغية اخر وبسرعة البرق! هذا التسارع في السقوط جعل الغرب ليتحرك ليعيد زمام الامور الدولية بيده، فتحرك والتف على الثوار الليبيين ليجعلهم تحت فضله ووصايته ليسلب من مجلس الامن قرار التدخل وصار اليوم هو صاحب الفضل في اسقاط الطاغية الثالث بعدما كان الفضل للشعوب العربية في المرتين السابقتين! فهو وبسبب هذا الفضل سيمتلك رقبة الولاء السياسي «منظر السلام الحار بين ساركوزي ورئيس المجلس الانتقالي في الاليزيه»، وسيمتلك الحصة الاكبر في ثروات المنطقة «تابع اخبار التعاقدات النفطية مع الشركات الفرنسية الجارية هذه الايام»!

من هنا على الثوار وانصار الربيع العربي ان يلتفتوا للتوجه الغربي، وقدرتهم الكبيرة على التبدل والتغير والتعاطي مع الظروف والمستجدات. لا اقول بان الثورات هي من بناء الغرب، لكن الغرب خبير متمرس في سرقتها. فتأثيره شبه معدوم في تونس، وحاول الشيء الكثير في مصر، وحققوا انجازا كبيرا في ليبيا، وها هم يحاولون تكرارها لاسقاط النظام السوري! الغرب لا يهمه الربيع بأكثر من مصالحه، فلو كانت المبادئ لكان حريا بهم انقاذ الصومال «قرصنة بحرية، مجاعة، حرب اهلية»، ثم من كان حليفا للانظمة الفاسدة!

السابق
الحياة: خطة الكهرباء اليوم والتوافق على التعديلات وإقرارها رهن بجهود الخليلين لدى باسيل
التالي
الانباء: رعد يحذر من نفاد صبر الحزب عندما خرجوا من السلطة تحولوا إلى مجانين