الجمهورية: هكذا أجمعت الاكثرية والمعارضة على انتقاد الحُكم على كرم واعتباره مسيسا

كاد الحكم القضائي الصادر عن المحكمة العسكرية والقاضي بحبس القيادي البارز في "التيار الوطني الحر" العميد المتقاعد فايز كرم سنتين بتهمة التعامل مع إسرائيل يطغى على ما عداه من أحداث سياسية لولا ملف الكهرباء وتحول جلسة السابع من أيلول إلى استحقاق مفصلي. غير أن ردود الفعل التي أعقبت صدور الحكم في هذه القضية التي شغلت اللبنانيين على مدى أكثر من 13 شهرا أعادت تسخين المناخ السياسي الملتهب أساسا، حيث أن الردود والردود المضادة أجمعت على انتقاد الحكم، إن من زاوية اعتباره مسيسا بالنسبة إلى "التيار الوطني الحر"، أو لناحية اعتباره مخففا بالنسبة إلى قوى 14 آذار.

أولا : يستند "التيار الوطني الحر" في اعتباره الحكم "مسيسا" على الوقائع التالية:

أ-لا دليل على ادانة العميد كرم، خصوصاً أن الشهود أدلوا بشهادات متناقضة ومربكة.

ب-إتلاف فرع المعلومات للادلة التي يملكها، والتسجيلات للاعترافات.

ج-وجود تناقضات كبيرة واساسية في الاستجوابات، والحكم استند فقط الى الحيثيات من دون أن يأخذ في الاعتبار أي كلمة من مرافعة الدفاع.

د-الحكم سيميز، وهو ليس نهائياً، وبمجرد ان يقبل التمييز سيتغير الحكم.

ه-براءة فايز كرم لا تنتظر حكم محكمة يحمي جهازاً مخالفاً وأسطورة وهمية ركّبوها، وهم خائفون من انعكاسات في السياسة، وبالتالي فإن الحكم الصادر هو حكم مع التحفظ، إذ لا يوجد اي اثبات".

و-الطعن بمحاضر فرع المعلومات.

ز-التحقيق الأولي مشكوك بأمره لأنه حصل تحت التعذيب.

اعتبارات قوى 14 آذار

ثانيا :تستند قوى 14 آذار في اعتبارها الحكم "مخففا" على الوقائع التالية:

1 -الحكم بالحبس سنتين هي فترة قصيرة مقارنة مع أوضاع مماثلة لمتعاملين حكم عليهم بالمؤبد.

2 -تخفيف الحكم على كرم نتج عن الضغط السياسي، و"هذا يعني أنَّ ثمة ضغطاً سياسياً مورس لتخفيفه، ولذلك صدر حكم "LIGHT"، والتحالف بين التيار الوطني وحزب الله أدى لتخفيف العقوبة ، مما يذكر بالكثير من العملاء في جيش لبنان الجنوبي، فعندما انضموا إلى "حزب الله" خفف الحكم عليهم".

3 -من المتوقع أن يثير صدور هذا الحكم اعتراضات لدى الكثيرين من المدانين بالتعامل ويؤدي بهم الى المطالبة بالمساواة في الاحكام، أي أنه سيفتح الباب للعملاء للمطالبة بتخفيف الاحكام عليهم".

4 -الحكم على العميل كرم ومدته يشجع اللبنانيين على أن يصبحوا عملاء وأن ينتموا إلى "حزب الله" أو "التيار الوطني الحر" لتأتي أحكامهم مخففة.

5 -انكشاف حجم الاستنسابية في التعامل مع ملف على هذا القدر من الخطورة، حيث نال زملاء كرم أحكاما تراوحت بين السبع سنوات والمؤبد.

6 -هل يعتبر كرم ربع عميل أو هو عميل غير مكتمل النمو الخياني؟

7 -ان يتورط ضابط لبناني برتبة عميد بجرم التعامل مع اسرائيل لهو امر يفوق جرم اي مواطن عادي على هذا الصعيد، وهذا ما يلحظه قانون العقوبات في لبنان لجهة التشدد في العقوبات لمن يتعامل مع العدو، وخاصة من ينتمي الى مؤسسة عسكرية او امنية، وإن كان خارج الخدمة.

وفي سياق آخر، اعتبرت أوساط قيادية في قوى 14 آذار "أن الحكم، وبصرف النظر عن مدة السجن، أكد جرم العمالة على كرم خلافا لكل محاولات التيار إظهار عكس ذلك، وبالتالي انضمامه رسمياً الى قافلة العملاء بتثبيت المحكمة العسكرية الدائمة عمالته لصالح المخابرات الاسرائيلية، كما أعطى الحكم صدقية لعمل جهاز فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي الذي تعرض ولا يزال لحملة سياسية شعواء من الجانب العوني، فضلا عن تثبيته واقعة أن "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" هما البيئة الحاضنة للعمالة مع اسرائيل، وإظهاره أخيرا التسلط والاستقواء ضد الدولة ومؤسساتها، والزيف في ادعاءات "التيار" الدفاع عن هذه المؤسسات".

وشددت الأوساط القيادية على أنه "لولا وجود اعترافات واثباتات مبرمة لما كان أحد تجرأ على حكم العميد كرم، لافتة إلى أن المحكمة العسكرية غير محسوبة سياسياً عليها".

كما استغربت الأوساط القيادية الصمت المطبق لـ"حزب الله"، الحليف السياسي لعون، "الذي يدّعي أنه رأس حربة مقاومة العدو الاسرائيلي في لبنان، وبأنه الأكثر حساسية حيال قضايا العمالة، وما انفك على لسان أمينه العام السيد حسن نصر الله يطلب تعليق المشانق للعملاء كرادع للعمالة".

وتساءلت الأوساط: كيف يبرم "حزب الله" "ورقة تفاهم" مع تيار متهم أحد أركانه بالعمالة؟ وماذا يقول اليوم؟ وما رأيه بالحكم الصادر؟ وهل يشاطر التيار العوني بأن الحكم مسيس؟

رأي قانوني

وفي سياق متصل، إعتبر الخبير القانوني المحامي ماجد فياض في حديث الى "الجمهورية"، أن إدانة العميد فايز كرم، بدت في موقع العقوبة المخفّضة، متسائلا عن الرسالة التي سيقدّمها الحكم الى الرأي العام والى العملاء الذين لم يكتشفوا بعد أو الذين هم في موضع المحاكمة؟ ورأى أن لبنان يعيش في حالة حرب مستمرة مع إسرائيل منذ حرب تموز 2006، إذ أن قرار مجلس الأمن رقم 1701 طالب بوقف الأعمال العدوانية بين لبنان وإسرائيل، وليس بوقف إطلاق النار وإحلال السلام، الأمر الذي من شأنه الإضاءة أكثر على سبب إقتصار العقوبة المقضي بها في جرم تعامل، على الحدّ الأدنى ومن ثم تخفيفها، في وقت يفترض أن تشدّد العقوبة.

وأضاف: إذا كان من المؤكد أن من حق القضاء الإستناد الى السلطة التقديرية المعطاة له بمنح الأسباب المخففة، تلك السلطة التي لا ينازعه عليها أحد حتى أمام محكمة النقض. إلا أن التساؤل يبقى مشروعا لجهة منح الظروف المخففة في جرم التعامل كما يدعو الى التساؤل عن الأسباب التي جعلت الحكم يأخذ بالمادة 278 وليس بمواد أخرى لا سيما المادة 274 ، التي تفضي الى عقوبة الأشغال الشاقة المؤبّدة أو الإعدام.

السابق
السفير: سوريا.. حوار المحافظات يبدأ اليوم تمهيداً للمؤتمر الوطني روسـيا تؤكّد أن دول البريكس تعارض السـيناريو الليبـي
التالي
الحزب بين كرم ومشيمش والحسيني