ميقاتي يحارب على ثلاث جهات

 وفر «مؤتمر أصدقاء ليبيا» الذي نظمته باريس إطلالة دولية للرئيس نجيب ميقاتي هو في أمس الحاجة إليها لكسر ما بدا «حصارا ديبلوماسيا وعزلة دولية» على حكومته الموضوعة تحت رقابة مشددة لاختبار سياستها وتحديد ما إذا كانت فعلا حكومة حزب الله أم لا… فهذا المؤتمر أتاح للرئيس ميقاتي إجراء العديد من الاتصالات واللقاءات مع مسؤولين دوليين كان من بينهم جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية وأحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي وآلان جوبيه وزير الخارجية الفرنسية، اضافة الى لقاءات عابرة مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وعدد من زعماء العالم ورؤساء الوفود المشاركة.
الأهم من اللقاءات التي أجراها ميقاتي في باريس كان المواقف والتصريحات التي أطلقها من هناك وجاءت على درجة من الوضوح والجرأة وبدرجة تكفي لدحض الاتهام الموجه لميقاتي بالرمادية والالتباس وفي مقاربة هي الأولى من نوعها لمسائل حساسة مثل المحكمة الدولية والأحداث في سورية والموقف من أي عقوبات دولية تفرض عليها.ومما لا شك فيه ان الرئيس نجيب ميقاتي نجح في كسر جزئي لواقع العزلة الدولية ونجح خصوصا في الفصل بين شخصه وحكومته. فإذا كانت حكومة ميقاتي لاتزال موضع شكوك وشبهات سياسية نظرا للظروف والملابسات التي رافقتها والطريقة التي شكلت بها وتركيبتها وهويتها السياسية، فإن شخص ميقاتي موضع تقدير واحترام في الأوساط الدولية والديبلوماسية والنظرة إليه ايجابية بعدما أثبت انه معتدل سياسيا وملتزم بالقرارات الدولية بما في ذلك التعاون المقبول (وفق شهادة كاسيزي) مع المحكمة الدولية من قبل «لبنان الرسمي» على مستويي الحكومة والقضاء وقد استطاع ميقاتي حسب التقييم الديبلوماسي كسر الطابع الحاد لحكومته والتخفيف من لونها السياسي الفاقع بحيث بدت حكومة ائتلاف سياسي أكثر مما هي حكومة فريق واحد.

ولكن ميقاتي الذي يحوز تقديرا واعجابا دوليا متزايدا بشخصه وأدائه يواجه متاعب داخلية متزايدة وأولها وأكثرها إلحاحا داخل حكومته التي بدت فاقدة للانسجام وعرضة للتفكك أو الشلل عند أول امتحان جدي تواجهه. أولا، ليس معروفا بعد كيف سيتفاعل حلفاء ميقاتي في الحكومة مع تصريحاته في باريس وحتى مع حركة التودد في اتجاه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يقود الحملة الدولية الديبلوماسية ضد النظام السوري بعدما أعطته التجربة الليبية صدقية وثقة بقدراته. وإذا كان حلفاء ميقاتي الجدد وفي مقدمتهم حزب الله قد أبدوا حتى الآن تفهما لظروفه وكمية الضغوط التي يواجهها وأعطوه هامشا واسعا للحركة والمناورة والموقف، فإن هذا التفهم يقف عند حدود معينة وسيكون الأمر بحاجة الى جهود مركزة وصيغ خلاقة للتوفيق بين موقفين متعارضين من المحكمة الدولية ونظرتين متباينتين حيال كيفية التعاطي مع سورية والموقف الدولي منها.وفي الواقع يتعرض ميقاتي لضغوط داخلية من نوع آخر متأتية من داخل طائفته، ويمارسها عليه تيار المستقبل يوميا… وآخر ما قيل في هذا المجال ان ميقاتي مستاء من خطبة مفتي الشمال الشيخ مالك الشعار، ومن الاستقبال الباهت له في طرابلس وقبل ذلك في إفطارات بيروتية مقابل تصفيق حاد للحريري… وانه لم يوفق في مسعاه للقاء الملك عبدالله بن عبدالعزيز على هامش «العمرة»، في وقت كان الحريري يصلي صبيحة العيد الى جانب الملك بعدما كان استقبله على مائدة رمضانية… ولكن للتذكير فقط، فإن الرئيس السوري بشار الاسد لم يستقبل أيضا وحتى الآن الرئيس ميقاتي مع انه استقبل ثلاثة وزراء هم: العريضي وباسيل ومنصور. 

السابق
مقارنة ليبيا بالعراق خرافة مضحكة
التالي
وهاب: حادثة دير القمر مؤسفة وسنتخذ أقصى الاجراءات تجاه شبابنا