بانتظار عيدية الحكومة..

إنقضى شهر رمضان، شهر التوبة والغفران، ولم تتبْ الطبقة السياسية عن المتاجرة بقوت المواطن وحاجاته الأساسية··· وجاء العيد دون بهجة أو فرحة تحت وطأة الأزمة المعيشية الضاغطة، وبعدما أمّن اللبناني نفسه بإمكانية إيجاد مخارج للمشاكل المستفحلة مع وجود حكومة، يُفترض أنها متجانسة، بما أنها مؤلّفة من حلفاء من لون واحد، إلا أنها سرعان ما تبدّدت الآمال في مهبّ الخلافات، مصطدمة بواقع الإنقسامات والمناورات والمحسوبيات ضمن الفريق الوزاري الواحد، وبات مصير الحكومة على المحك، بعدما هدّد العماد عون بسحب وزرائه في حال لم تتم الموافقة على مشروع الكهرباء المقترح من قبل صهره الوزير باسيل والذي يحاول من خلاله ايجاد معايير أو حدود جديدة لصلاحيات الوزير، مطلقاًَ يده على المال العام دون حسيب أو رقيب، (في سقف مناورة التيار العوني)، في وقت يعني إسقاط الحكومة إدخال البلاد في نفق المجهول حيث فرص إعادة تشكيل حكومة جديدة شبه معدومة في ظل الإنقسامات الحادّة بين المعارضة والموالاة، وتضارب المصالح واستعار التنافس السياسي والانتخابي بين حلفاء الفريق الواحد·

وبين الأخذ والرد والمناورة وما تستدرج من ردود فعل، تبقى قضايا المواطن عالقة دون حلول، بدءاً من الأمن شبه المعدوم، مروراً بالخدمات التي أضحت ذاتية حتى تستمر الحياة بحدودها الدنيا من كهرباء وماء وصولاً إلى الأزمة المعيشية الخانقة مع ارتفاع أسعار المحروقات وتضاؤل فرص العمل وانكماش الدخل الفردي في ظل التضخّم المالي والاقتصادي الحاصليْن دون أن ننسى هيبة الدولة المفقودة حيث تبقى القرارات حبراً على الورق ويبقى السلاح مُشاعاً بين أيدي الجميع·

إنها ليست أزمة كهرباء وحسب، إنها أزمة ثقة فُقدت وحتى الساعة لم تتم استعادتها بين شركاء الوطن، بغضّ النظر إلى أي فريق ينتمون··

إنه اقتراح مشروع حق يُراد به باطل، فالقضية ملحّة يُجمع عليها كل اللبنانيين، ولكن تبقى سُبل تحقيقها مادة خلافية حادّة، تهدّد دولة المؤسسات وأمنها، وسط منطقة تغلي من حولها و الوطن أحوج ما يكون إليه هو الحد الأدنى من الاستقرار الداخلي والحفاظ على تماسك جبهته الداخلية في وجه الإعصار الإقليمي الذي قلب أقوى الأنظمة ولا يزال يهدّد البعض الآخر، دون إغفال تهديد اسرائيل المستمر لأمن لبنان وحدوده والتي لا تنفك تلوّح بورقة الحرب الجديدة كلما سنحت لها الفرصة· فهل نرجّح كفة العقل والتعقّل مقابل التهوّر والإنتحار السياسِيَّيْن؟!

السابق
البطاطا المقلية… مفيدة للقلب
التالي
ميقاتي: لا نخرج عن الرعاية الدولية