الراي: أول إطلالة لميقاتي من باريس طغت عليها الصورة السلبية لحكومته في الغرب

وفّر انعقاد المؤتمر الدولي من اجل ليبيا الذي نظّمته فرنسا امس في باريس الفرصة لرئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي للمشاركة في اول منتدى دولي منذ تسلمه مهماته في يونيو الماضي، اذ حضر المؤتمر بصفة ان لبنان ممثل للمجموعة العربية في مجلس الامن الذي دعي اعضاؤه الى المؤتمر مع دول كثيرة اخرى.
وفي انتظار اللقاءات الجانبية التي يكون ميقاتي أجراها على هامش المؤتمر مع مسؤولين فرنسيين وغيرهم في هذه المناسبة، قللت مصادر سياسية مطلعة لـ «الراي» من اهمية تأثير هذه الخطوة على الصورة الخارجية للحكومة ولو انها شكلت التحرّك الخارجي الاول للرئيس ميقاتي، خصوصاً انها تأتي وسط تصاعُد الإرباكات الداخلية والخارجية التي تحاصر الحكومة عموماً.

ولفتت المصادر في هذا السياق الى ان المواقف الحادة واللاذعة التي اطلقها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من النظام السوري والرئيس بشار الاسد عشية انعقاد المؤتمر في باريس أظهرت بما لا يقبل جدلاً ان موقف الحكومة اللبنانية ورئيسها وواقعهما حيال الارتباط الوثيق بالنظام السوري يجعل اي تحرك خارجي محكوماً بنظرة الغرب السلبية الى هذه الحكومة ولو ان المجتمع الدولي لا يدرج لبنان وأوضاعه حالياً في مرتبة الاولويات، لكنه يتعامل معه في الوقت نفسه بخلفيةٍ غير مريحة لحكومته بدليل ان اي ترتيب خاص للرئيس ميقاتي لم يتقرر على هامش مشاركته في المؤتمر وزيارته الاولى لباريس من اجل هذه الغاية، رغم ان العاصمة الفرنسية لم تتوقف عن التأكيد انها تدعم هذه الحكومة من ضمن مسلمات معروفة في مقدمها التزام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وتضيف هذه المصادر انه مع مصادفة انعقاد المؤتمر الدولي من اجل ليبيا اول شهر سبتمبر، فان ذلك سيضيء على المحطات الدولية الاخرى التي سيشارك فيها لبنان وفي مقدمها اجتماعات الجمعية العمومية للامم المتحدة بعد افتتاح دورتها العادية في النصف الثاني من الجاري، وهو اي لبنان يترأس مجلس الامن لهذا الشهر. وبحسب المصادر فان استحقاق ترؤس مجلس الامن يحمل وجهاً سلبياً يتمثل في الاحراج الذي سيواجهه لبنان مجدداً في الملف السوري لدى طرحه تكراراً على المجلس. وقد شكل موقف وزراة الخارجية اخيراً في بيان مجلس الجامعة العربية انتكاسة اضافية للحكومة في رأي المصادر خصوصاً عندما بادر وزير الخارجية عدنان منصور الى الرد على انتقادات المعارضة وقوى 14 اذار لموقفه بموقف مثير للاستغراب استعمل فيه مفردات خارجة عن معايير الخطاب الديبلوماسي التي يفترض به التزامها للحفاظ على الحد الادنى من حيادية تجاه الاطراف الداخليين.

وذهبت بعض اوساط المعارضة الى اعتبار هجوم وزير الخارجية على قوى 14 اذار ونعته لها بالقوى «الحاقدة» بانه إثبات على كون الوزير ممثلا لفريقه الحزبي اي حركة «امل» و«حزب الله» وليس وزيراً لخارجية لبنان، معتبرة ان هذه الواقعة ستثير الكثير من المضاعفات الى جانب ازدياد عزلة سورية في المجتمع الدولي ما يجعل التحرك الخارجي للبنان في الشهر الجاري محفوفاً بالكثير من المحاذير والارباكات ويجعل سبتمبر شهراً استحقاقياً بالكامل يرتّب على الحكم والحكومة التهيؤ له بدقة علما ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس ميقاتي ايضا ينويان التوجه الى نيويورك لدى افتتاح الدورة العادية للامم المتحدة حيث ينتظر ان يتوَّج هذا الاستحقاق بذروة اختباراته الايجابية والسلبية وسط معالم تطغى فيها السلبيات على واقع ارتباط لبنان بالنظام السوري من خلال حكومته الحالية.

في غضون ذلك، لفت امس في بيروت توزيع رسالة جوابية من الرئيس ميقاتي الى الرئيس الفرنسي رداً على رسالة كان ساركوزي «وجّهها اليه اخيراً» بحسب ما جاء في البيان الذي وزعه المكتب الاعلامي لميقاتي.
واستوقف دوائر سياسية لبنانية عدم ذكر تاريخ رسالة ميقاتي ولا خلفيات نشرها فيما رئيس الحكومة موجود في باريس، معتبرة ان الامر قد يكون مؤشراً الى ان رئيس الوزراء اللبناني لن يلتقي في العاصمة الفرنسية ساركوزي فخاطبه عبر هذه الرسالة. وذكرت الدوائر نفسها ان الرسالة التي وجّهها رئيس الوزراء اللبناني هي عملياً رد على الرسالة التي كان بعث بها ساركوزي الى الرئيس ميشال سليمان وميقاتي في 3 اغسطس الماضي وكشفت السفارة الفرنسية مضمونها بعد خمسة عشر يوماً والتي حذر فيها الرئيس الفرنسي من ان اي تكرار لاستهداف وحدة بلاده العاملة في اطار «اليونيفيل» في الجنوب (تعرضت للاستهداف في صيدا في 26 يوليو) قد يدفع باريس لإعادة النظر في مشاركتها في القوة الدولية. وقد اعلن ميقاتي في رسالته «ان لبنان يفخر أن يكون بين الدول المؤسسة لشرعة الامم المتحدة»، مؤكدا «احترام لبنان للشرعية الدولية والتزامه تطبيق القرارات الدولية لا سيما القرار 1701» مؤكداً «شكر لبنان لفرنسا على دعمها المستمر والتزامها الثابت بالمحافظة على استقلال لبنان وسيادته ودعمها المستمر لتدريب الجيش اللبناني وتجهيزه بالعتاد والخبرات». وإذ جدد «إدانة لبنان للاعتداء الذي استهدف أخيراً الكتيبة الفرنسية في جنوب لبنان»، شدد على «ان مشاركة فرنسا في القوة الدولية تعكس شعورا بالثقة لدى اللبنانيين مفعماً بالهدوء والاستقرار، لا سيما في هذه المرحلة الدقيقة وغير المستقرة التي تمر بها دول الشرق الأوسط». وتوجه ميقاتي الى ساركوزي قائلا: «أؤكد لكم، سيادة الرئيس، عزمي والحكومة على العمل لمنع تكرار مثل هذه الاعتداءات، ولهذا السبب أكرر رغبتنا القوية في بقاء القوة الفرنسية في عداد القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان»، مشدداً «على رغبته في تقوية العلاقات الثنائية بين لبنان وفرنسا التي تقوم بدور فاعل وكبير في تأمين الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم».

وفي سياق متصل، وغداة تمديد مجلس الامن الدولي مهمتها في الجنوب سنة جديدة رحب القائد العام لـ «اليونيفيل» اللواء البرتو اسارتا بهذا القرار الذي صدر «بالإجماع ومن دون تعديل مهمة قوة الأمم المتحدة الموقتة»، مؤكدا التزام الاخيرة «بالمهمات التي أوكلها إليها مجلس الأمن».
واعلن اسارتا انه «وبناء على طلب مجلس الأمن، ستشهد الأشهر المقبلة مراجعة استراتيجية لليونيفيل من أجل ضمان تكوين البعثة بما هو الأكثر ملاءمة لأداء المهمات المنوطة بها»، مؤكدا انه «تماشيا مع الممارسات السليمة لحفظ السلام، من الملح بمكان إبقاء كل عمليات حفظ السلام تحت المراجعة عن كثب من أجل ضمان مقاربة استراتيجية ودقيقة لعمليات نشر قوات حفظ السلام». وقال: «وبالتالي فإن عملية تقويمية من هذا القبيل ما هي إلا في محلها بعد مضي خمس سنوات على انتشارنا بموجب القرار 1701». وشدد على «ان الاعتداءين الإرهابيين ضد اليونيفيل في 27 مايو (ضد الوحدة الايطالية) و26 يوليو الماضيين اديا إلى وضع الأهمية القصوى لضمان سلامة اليونيفيل وأمنها في المراتب الأولى».
ومن خلف «غبار» هذه العناوين، أطلّ رئيس البرلمان نبيه من بعلبك في الذكرى 33 لإخفاء الامام موسى الصدر ورفيقيه خلال زيارة لطرابلس الغرب، فأثنى على كلام المجلس الانتقالي الليبي في شأن التحقيق في هذه القضية واستجابة الحكومة اللبنانية طلب تشكيل لجنة برئاسة وزير الخارجية عدنان منصور للانتقال الى ليبيا لمتابعة الملف. وحضّ على تعيين رئيس المجلس العدلي اللبناني «لمتابعة المحاكمة الغيابية لمعمر القذافي وبت هذا الملف وسوق المجرمين الى العدالة … ونحن متأكدون اننا قاب قوسين أو أدنى من كشف جرائم النظام الليبي تجاه شعبه وأشقائه».
وتطرق بري امام حشود غفيرة الى القضايا المطروحة على الساحة اللبنانية، مجدداً تمسكه بـ «الوصفة السحرية الجيش والشعب والمقاومة»، مؤكداً ان «الجيش خط أحمر ومن غير المقبول المس به من قريب أو بعيد». وشدد على ان «لبنان لن يتحمل المزيد من الاستثمار لشعارات الاستقرار والعدالة على حساب الوح دة، خصوصاً ان العدالة كما الاستقرار لن يتحققا إلا بالوحدة». وتدارك: «بانتظار أن نتحاور ونتفق على الاستراتيجية الدفاعية للبنان سنبقى متمسكين بهذه الوصفة السحرية، وننتظر من بعض القوى والقوات أن تأخذ دورها سياسياً وعسكرياً إذا لزم الأمر، في الدفاع عن لبنان».
وشدد على تحديث النظام في سورية، معتبراً ان ما يجري فيها «مؤامرة تستهدف تقسيمها، ما يشكل خطراً على العراق وتركيا ولبنان، فهل تسمعون؟»، معلناً «لذلك نرفض وندين كل تدخل أو تحريض أو تخريب عابر للحدود، ونؤكد دعمنا لكل أشكال الحوار في سورية للمضي بعزم على طريق الإصلاحات السياسية».

السابق
السفير: مؤتمـر أصـدقاء ليبـيا يرفـض تهمـة الغـزو! 50 ألف قتيل والعملية العسكرية مستمرة ومصير الأرصدة المجمّدة برسم مجلس الأمن
التالي
صور عشوائية !!