ثورات العرب.. في الأمم المتحدة

ابقاً حين كانت تحضر الديموقراطية، كانت تجلس في أحضان الغرب. وكان العرب مجرّد مشاهدين، وأحياناً مصفقين، أو حالمين بأن يأخذوها ولو للحظات إلى أحضانهم. اليوم، انقلبت المقاييس وباتوا هم من يحاضر بالديموقراطية وسط ذهول الغرب. النظرة تغيّرت، فمن كان يركض لاهثا سعيا إلى الحرية أصبح اليوم سباقا إليها، وجميع العيون تتربص به.
مؤتمر الأمم المتحدة السنوي للشباب الذي امتد لثلاثة أيام في المقرّ الرئيسي للأمم المتحدة في مدينة نيويورك، ضمّ 600 مشترك من الشباب، بينهم 15 من مصر ولبنان والأردن وتونس والمغرب والجزائر وفلسطين ودولة الإمارات، لكن هذه المرّة لم يكونوا مجرد مستمعين بل كانوا هم من يتكلم.

قبل انعقاد المؤتمر توجه الشباب العرب إلى جامعة «فايلري ديكنسون»، للمشاركة بدورة تدريبية مدتها ثلاثة أيام عن المهارات القيادة الشابة والأهداف التنموية للأمم المتحدة في الألفية الجديدة، ومن بعدها انتقلوا إلى نيويورك للمشاركة في جلسات المؤتمر، ومن بينها جلسة بعنوان «الربيع العربي» تكلم فيها ممثلو مصر وتونس عن تجربتهم مع الإعلام البديل ومواقع التواصل الاجتماعي، من الـ«فايسبوك» إلى المدونات والـ«يوتيوب»، وعن الدور الفاعل لهذه المواقع في الثورة.
فرح عبد الساتر وهبة حنيني ونيلة حجار، شابات من لبنان اختيروا ليشاركوا في المؤتمر. عن كيفية الاختيار تقول عبد الساتر، وهي مديرة تنفيذية لشباب الأمم المتحدة بلبنان، بالإضافة إلى منصبها كمديرة مجلس الشباب الدولي – مكتب لبنان، إنه تم وفقا لفاعليتهم كناشطين في مجال التنمية والعمل الاجتماعي ومشاريعهم التي تعنى بالشباب، وذلك من قبل شركة «بيبسيكو» الممولة للنشاطـ، بالتعاون مع جامعة الدول العربية. فرح التي اختيرت لتكون متحدثة بالكلمة الافتتاحية، تناولت موضوع الثورة بخطابها وكيف استطاعوا بحراكهم تغيير نظرة الغرب تجاهه العرب.

كما أكدت الناشطة في حقوق الإنسان بجامعة الدول العربية هبة حنيني، الدور البارز الذي لعبه المشاركون العرب في المؤتمر في تجسيد إرادة الشعب العربي ووعيه الذي خوّله قيادة الثورات. ولفتت النظر إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي هي عامل ووسيلة سخّرت لخدمة الثورة إلا أنها ليست أساسا لها. وسلطت الضوء على المشاكل الاجتماعية والسياسية التي يعاني منها الشباب، وكذلك على هذه المرحلة الهامة التي استطاع فيها الشباب العربي تجسيد نموذج جديد للديموقراطية. وانطلاقا من ذلك، تستنتج أنه لم يعد أمام الحكومات من سبيل آخر غير دعم الشباب ودمجهم في الحكم والمجتمع، لأن الخيار لم يعد متاحا أمامها بل أصبح واجبا وفريضة.

نايلة حجار الناشطة في جمعية أديان، تكلمت عن أهمية دور الشباب بالمجتمع، فالثورات انطلقت من قاعدة شعبية ومن حركها ليسوا سياسيين، لذلك لم يعد بالإمكان التقليل من شأنهم والاستخفاف بقدراتهم. مشاركة حجار كانت فرصة لتنقل باسم الشباب العرب رسائل إلى كل من الأمم المتحدة والقطاعات الخاصة والحكومات والمنظمات. فهي قد طلبت من الحكومات الخارجية أن تكف عن رسم السياسات وإصدار تعليماتها عن كيفية التصرف، فالعرب قد أثبتوا أن لديهم القدرات والموارد التي تمكنهم من التحرك دون إيعاز خارجي، والوقت قد حان للتنمية المتوازنة وإعطاء الشباب العربي حقه.

أما بالنسبة للقطاع الخاص، فقد أشارت حجار إلى وجوب إحساسه بالمسؤولية، فهو لديه ما يكفي من الموارد المادية ليساهم في تطوير المجتمعات ودعم المسائل الاجتماعية إن أراد ذلك. أما عن المؤسسات غير الحكومية فعليها أن تؤمن بقدراتهم أكثر وعليها من أجل التغيير وتحقيق النتائج.
الفتيات الثلاث أجمعن على أن الثورات العربية غيّرت نظرة العالم الغربي للعرب. لا تخفي حجار دهشة البعض واستغرابه من طريقة تفكير المشاركين العرب وثقافتهم. عبد الساتر أشارت إلى أن النظرة الدونية تجاههم لم تعد موجودة. فالشباب العربي استطاع إثبات نفسه على المستوى الدولي. أما حنيني التي توافقها الرأي، فتشرح كيف وجدت لهفة عند المشاركين لسماعنا والاستفادة من تجاربنا.
مساهمة الشباب العربي في المؤتمر كان أهم وأكبر من ذي قبل، مما وضع على عاتقهم مسؤولية جادة لتحسين مجتمعهم. من هذا المنطلق تدعو حنيني الشباب لأن يقدموا على أي أمر من دون خوف. وتضيف عبد الساتر أن عليهم أن يؤمنوا أكثر بالقوة والمقدرات التي يملكونها. أما عن المرحلة التي ستلي هذا المؤتمر فتؤكد حجار أن مشاركتهم أعطتهم دافعا للمضي قدما، وهذه ستكون محطتهم التي سينطلقون منها إلى مشاريعهم الأخرى.

السابق
استنفار إسرائيلي على الحدود في يوم القدس
التالي
من اصل 400 يعمل 14 فقط!!