اللبنانيون ليسوا أغبياء !

ليس مطلوباً من الرئيس نجيب ميقاتي و"حكومته" السعيدة تأمين الكهرباء للبنانيين، سواء تم التفاهم على إنفاق المليار و200 مليون دولار أم لم يتم، إنما المطلوب منه، على الأقل، إحترام عقول المواطنين وعدم مخاطبتهم وكأنهم في حضانة او انهم حفنة من الجهلة الأغبياء وقد هبطوا من كوكب آخر.
ربما كان عليه الثلثاء ان يدخل قصر بيت الدين من الابواب الخلفية تلافياً للقاء الصحافيين والادلاء بتصريحات "الضحك على الذقون" التي تسيء اليه اكثر مما تسيء الى اللبنانيين ، وربما كان عليه الاربعاء ان يغادر قصر عين التينة من الأبواب الخلفية أيضاً تلافياً لمحاولة التستير على اشتباك التوتر العالي بين اعضاء "حكومته"، وكذلك على تعطيل الأكثرية النيابية التي جاءت به جلسة مجلس النواب، بما يظهر مدى الفشل اللاحق بالحكومة المولودة قيصرياً والمستعملة فقط لجعل لبنان دولة مارقة!

نعم، من الأبواب الخلفية، لكي لا يقرأ الناس كلاماً يزيد من "مقتهم" والذهول عندما سمعوه يقول في بعبدا : "لقد احترنا بموضوع الحكومة ، فقد بدأ الشك بتضامنها وإن شاء الله هذا التضامن لن يتأثر". ولكن عن اي تضامن يتحدث اذا كانت الخلافات قد باتت معلّقة على أعمدة الكهرباء وتشرقط غضباً وتهديداً بالويل والثبور وعظائم الأمور، على ما قال النائب وليد جنبلاط، الذي أَفهم من عليه ان يفهم انه: "مش فارقة معنا "!

عندما يضج البلد بتهديد وزراء "التيار الوطني الحر" بالاستقالة، ويعلم بخروجهم من جلسة الثلثاء واعادتهم بمسعى من الوزيرين حسين الحاج حسن وعلي حسن خليل، ثم عندما يقرأ الناس رد جنبلاط على هذه التهديدات، لن يكون مقبولاً قول ميقاتي للناس: "لا علم لي بموضوع الاستقالات وامس كان النقاش بنّاءً جداً"… فعلى من يضحك رئيس الحكومة؟ وهل يقرأ الصحف ويستمع الى نشرات الأخبار، أم انه يعتبر ان اللبنانيين في عالم آخر او انهم في قاع الازدراء يهيمون؟

كانت جلسة الاربعاء فضيحة مدوية. ساعتان من مساعي تبويس اللحى قام بها رئيسا الجمهورية والحكومة وانتهت بجلسة عشر دقائق لربط النزاع، ورغم كل هذه الروائح لم يتردد ميقاتي في الوقوف أمام الكاميرات ليقول للناس: "التضامن الوزاري كان كاملاً، وقد تمثّل هذا اليوم في متابعة البحث في موضوع الكهرباء، وكل الكلام الذي سمعناه في الإعلام قد تبدل وازيل". هكذا بالحرف يتحدث عن التضامن الوزاري و يحاول تحميل الإعلام مسؤولية كل ما جرى من تلويح بالاستقالات وتراشق بالاتهامات، ولكأن اللبنانيين في "جمهورية أبي جهل… لا تقرأين ولا تكتبين"!

عندما يطبق ميقاتي "سياسة النكران والتجاهل والتعمية" ربما يفترض ضمناً انه يمارس نوعاً من "شطارة الاحتواء"، وكأنه يصدق فعلاً ان اللبنانيين الغارقين في الامتعاض بلغوا من القرف ما يجعلهم يشيحون النظر عن كل هذا الغسيل الناصع الذي ترفل فيه هذه الحكومة الفاشلة المفروضة قسراً على دولة المسخرة!

السابق
لغة المهزومين..
التالي
النهار: الحكومة عالقة بين فراغ الإجازة والتصعيد المتواصل حملة.. حزب الله من المجلس تثير اعتراضات 14 آذار