البناء: اتصالات مكثَّفة لحلّ أزمة الكهرباء والعمالي يتهيّأ للإضراب والتظاهر

تنتظر البلاد سلسلة استحقاقات اجتماعية وإنمائية واقتصادية بعد عطلة عيد الفطر، وفي مقدمها تجاوز أزمة الخلاف على خطة الكهرباء التي كان قد تقدم بها وزير الطاقة جبران باسيل واعترض على بعض بنودها وزراء جبهة النضال الوطني خاصة ما يتعلق بإدارة الخطة، بالإضافة إلى تقدم الملف المعيشي إلى أولوية الاهتمامات مع تهديد الاتحاد العمالي العام بالتحرك التصعيدي إذا لم تول الحكومة الاهتمام المطلوب لهذا الملف في ظل تفاقم مشاكل المواطن وإصراره على رفع الحد الأدنى للأجور إلى مليون ومئتي ألف ليرة.

وهذه الأولويات، لا تلغي تداعيات القرار الاتهامي، وإصرار القيمين على المحكمة الدولية على مزيد من الاستخدام السياسي لها، في وقت فنَّد رئيس لجنة الاتصالات النيابية النائب حسن فضل الله أمس مع مجموعة من الاختصاصيين في قضايا الاتصالات الثغرات الكبرى التي شابت القرار الاتهامي، لناحية تركيزه على موضوع الاتصالات من دون أي دلائل أو إثباتات رغم الخرق "الإسرائيلي" الخطير الذي جرى الكشف عنه لشبكات الاتصالات.
وفي ظل هذه المساعي من جانب الحكومة وقوى الأكثرية الجديدة، يواصل فريق "14 آذار" سعيه إلى الاستقواء بالخارج من أجل منع الحكومة من معالجة ما خلفته الحكومات التي شكلها هذا الفريق من أزمات متراكمة، ولفت في هذا الإطار قيام رئيس "كتلة المستقبل" فؤاد السنيورة بزيارة إلى تركيا حيث اجتمع مع رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان، ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو ورأت مصادر سياسية في هذه الزيارة استكمالاً للحملة التي يقودها فريق المعارضة الجديدة من أجل محاصرة الحكومة، حتى أن المصادر لا تستبعد أن يكون هدف السنيورة أيضاً تحريض المسؤولين الأتراك ضد سورية.

الأسد والإصرار على الإصلاح
في هذا الوقت تضغط واشنطن وحلفاؤها الغربيون في مجلس الأمن لتمرير قرار ضد سورية في مؤشر واضح إلى إصرار الولايات المتحدة على التدخل في شؤون سورية والسعي إلى تدويل الوضع القائم هناك.
وفي ظل هذه الأجواء صدرت مواقف واضحة من جانب الرئيس بشار الأسد، حيث أكد المضي في عملية الإصلاح. مشدداً على ضرورة الانتباه إلى المؤامرة التي يحاول الخارج تسويقها وزرع الفتنة خصوصاً عبر استهدافهم لدور الجيش الوطني.
ودعا الرئيس الأسد خلال مأدبة إفطار أقامها غروب أول من أمس على شرف العلماء ورجال الدين إلى مراجعة الأحداث التي شهدتها سورية، والاستفادة منها لما فيه خير سورية وشعبها. واعتبر إن تجاوز هذه الأحداث بحاجة إلى تعاون الجميع وإلى الكثير من العقل والحكمة بدلاً من الأخذ بالعواطف والانفعالات.
وأكد الرئيس الأسد أيضاً أن "الدولة ماضية قدماً في مسيرة الإصلاح بخطوات ثابتة، مشيراً الى أن "هذا الإصلاح يؤسس لمستقبل البلاد ومستقبل الأجيال القادمة، وبالتالي يجب أن يكون مدروساً بعناية وأن يبنى على حاجات المجتمع الطبيعية وليس حاجاته الطارئة"، داعياً "الجميع وخصوصاً رجال الدين إلى المساهمة في هذا الإصلاح”، ومؤكدا في الوقت نفسه أن "موضوع الإصلاح لا يتناقض مع الجهود التي تقوم بها الدولة لإعادة الأمن والأمان إلى المواطنين".

وشدد الرئيس الأسد على ضرورة الانتباه من المؤامرة التي يحاول الخارج تسويقها وزرع الفتنة في البلاد، وخصوصاً عبر استهدافهم دور الجيش الوطني الذي يقوم بحماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة، مجدداً التأكيد أن مؤسسة الجيش تجسد الوحدة الوطنية.

واعتبر الرئيس الأسد أن الضغوط الخارجية لا تأتي من كون الغرب حريصاً على الشعب السوري وعلى الإصلاح كما يدعون، بل لأن سورية عقدة الغرب في المنطقة وهم يريدون من سورية أن تقدم التنازلات، وهذا ما لن يحدث لأن الشعب السوري اختار أن تكون له إرادة وسيادة مستقلة.
أمير قطر في طهران
وفي هذا السياق، توقفت مصادر دبلوماسية عند الزيارة التي قام بها أمير قطر إلى طهران أمس، ورأت ان الجانب الأساس من الزيارة يتعلق بالوضع في سورية.
المقداد
وفي الإطار ذاته، أعلن نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد "إن تدخل الجيش السوري جاء رداً على العمليات التي تقوم بها العصابات المسلحة والجماعات الإرهابية التي يدعمها تنظيم القاعدة، خصوصاً في مدن مثل حماه وحمص".
وأكد المقداد في تصريح لقناة "روسيا اليوم"، أن "الاستراتيجية التي رسمها الرئيس بشار الأسد للخروج من الأزمة الحالية، تقوم على الاستجابة لمطالب الشعب من خلال القيام بإصلاحات واسعة، تجرى في سورية لتكون دولة ذات تعددية حزبية ديمقراطية، وتضمن حقوق الإنسان بشكل كامل".
السفير علي
بدوره، أشار السفير السوري علي عبد الكريم علي في حديث لقناة "المنار" أمس الى أن "العدو الحقيقي في المنطقة هو الجهل لأن المواطن عندما يعي حجم الظلم الذي يقع في فلسطين ولو كان العدل موجوداً فنسبة كبيرة من التطرف اخذت منحى آخر".

ولفت السفير علي الى ان سورية بحاجة الى الإصلاح ولكن حجم الهجمة الدولية عليها هي بسبب مواقفها الوطنية، معتبراً ان "سورية كانت دائماً تتعرض لضغوط ولكن هذا الأمر حرض بنية المجتمع السوري على تلمس الخطر الذي يتعرض له".

وعن اطلاق سراح المتهمين بتهريب السلاح الى سورية من مرفأ سوليدير، لفت الى أن "اللبنانيين أنفسهم غير راضين عن الطريقة التي جرت بها معالجة الأمر"، مشيراً الى أن "المعالجة كانت تستدعي حرصاً اكثر وحزماً أكثر من اجل لبنان"، مشدداً على أن الأمن السوري ينعكس على الامن اللبناني".

وعن مواقف "تيار المستقبل"، اعتبر أنها لا تستند الى قراءة واقعية مستقبلية للأوضاع، لافتاً الى أنها تحمل من تعابير الحقد والأماني أكثر مما تحمل من حرص على العلاقة الطبيعية.
تحركات محدودة
أما على الصعيد الأمني، فإن حركة التظاهرات تراجعت إلى حدود كبيرة في الأيام الماضية، حيث لم تشهد معظم المدن والمناطق السورية أي تحركات باستثناء مناطق قليلة جداً شهدت خروج تظاهرات لم تتجاوز مئات الأشخاص، وإن كانت القنوات الفضائية المشبوهة حاولت تضخيم أعداد المشاركين بما في ذلك الادعاء بحصول أعمال عنف وقمع للمشاركين.
واعتداءات للمجموعات الإرهابية
وفي هذا الوقت، أعلن مصدر عسكري سوري مسؤول أن "المجموعات الإرهابية المسلحة قامت باعتداءين ضد المدنيين والعسكريين في محافظة حمص حيث أقدمت بعد ظهر أول من أمس على نصب كمين غادر في منطقة تلبيسة وفتحت نيران أسلحتها الرشاشة على حافلة عسكرية ما أدى إلى استشهاد ضابط وجنديين وجرح خمسة آخرين".
وأشار المصدر إلى أن "المجموعات الإرهابية نصبت كميناً آخر في منطقة الرستن وأطلقت النار على سيارة عسكرية على الطريق العام ما أدى إلى استشهاد ثلاثة صف ضباط ومجندين اثنين، وقد جرى التصدي لتلك المجموعات وملاحقتها وإصابة عدد من أفرادها".

التحريض والتزوير
وفي هذا الإطار، واصلت أقنية الفتنة خاصة "الجزيرة" و"العربية" حملات التحريض وبث الأكاذيب والادعاءات عن الوضع داخل سورية، فزعمت "العربية" نقلاً عمن وصفتهم "اتحاد التنسيقيات السورية المعارضة" أن 20 دبابة اقتحمت مدينة البصيرة في دير الزور وأن المدينة تعرضت لقصف مكثف.

كلمة نصرالله اليوم
أما على الصعيد الداخلي، فإن الجميع يترقب ما سيقوله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الكلمة التي سيوجهها عبر "قناة المنار" اليوم إلى المشاركين في يوم "القدس العالمي" في بلدة مارون الراس الحدودية المطلة على فلسطين المحتلة.
وفيما أشارت مصادر مطلعة إلى أن كلمة السيد نصرالله ستركز على موضوع الصراع مع العدو "الإسرائيلي" بدءاً من موضوع القدس واستطراداً القضية الفلسطينية، لفتت المصادر إلى أن السيد نصرالله سيتطرق في ختام كلمته ولو بشكل مختصر إلى بعض الملفات المتصلة بالوضع اللبناني بدءاً من المحكمة الدولية إلى بعض الملفات الأخرى.

فضل الله يفند ثغرات القرار الاتهامي
وكان رئيس لجنة الاتصالات والإعلام وعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله عقد مؤتمراً صحافياً أمس شارك فيه رئيس الهيئة الناظمة للاتصالات عماد حب الله جرى خلاله تفنيد المزاعم التي استند اليها القرار الاتهامي الصادر عن المحكمة الدولية في توجيه الاتهام إلى أربعة عناصر من حزب الله، والتي اقتصرت بشكل خاص على موضوع الاتصالات.
وتطرق فضل الله الى خطورة ما تضمنه القرار الاتهامي، وسال "هل داتا الاتصالات سليمة ويمكن الاعتماد عليها، ورأى أن "الاستناد الى دليل الاتصالات قائم على سلسلة من الفرضيات تفتح الباب على مئات من الاحتمالات، وكل هذه الاستنادات عبارة عن تزامن مجموعة من الهواتف المحمولة، وهذه المجموعة من الهواتف لا يعرف اصحابها، ويجري تحميل مسؤولية الاغتيال الى مجموعة هذه الهواتف، ثم نسبت هذه الهواتف الى اشخاص من "المعقول الاستنتاج"أنها للاشخاص أنفسهم أصحاب الهواتف الأخرى"
وشدد على أن "حجم الخرق الذي أصاب قطاع الاتصالات وقدرات "إسرائيل" في هذا المجال عرّض الشبكة لانكشاف كامل لفترات وسنين طويلة"، لافتاً الى أن "المحكمة الدولية التي تزعم أنها تعمل وفقاً لأعلى المعايير الدولية تجاهلت بالكامل ما ثبتته أعلى هيئة دولية للاتصالات التابعة للأمم المتحدة حول سيطرة "إسرائيل" على قطاع الاتصالات اللبناني والتحكم به".
وأشار فضل الله الى أن "المعارك السياسية والإعلامية التي خيضت من قبل جهات سياسية منذ سنوات حول داتا الاتصالات واستخدامها والترويج لها في موضوع كشف شبكات التجسس كانت للوصول الى هدف محدد سلفاً وهو إثبات صدقية هذا الدليل للوصول الى القرار الاتهامي".
أما رئيس الهيئة الناظمة للاتصالات عماد حب الله، فأكد أن "اختراق "إسرائيل" لقطاع الاتصالات افقد داتا الاتصالات قيمتها الثبوتية"، لافتاً الى أن "اسرائيل قادرة على زرع خط داخل أي خط آخر مشبوه" مشددا على أن الـ "DATA" المستند إليها في القرار الاتهامي غير سليمة".
من جهته، أكد عضو الهيئة محمد أيوب أنه "يمكن فبركة اتصالات وهمية من خلال القرصنة على شبكات الاتصالات والهوائيات التابعة لها"، مشيراً إلى أنه "يمكن فبركة تسجيل صوتي"، لافتاً الى أن "قرصنة "إسرائيل" للشبكة اللبنانية قد سبق تأكيدها".
العربي وخطأ إنشاء المحكمة
في هذا السياق، وفي حديث تلفزيوني مساء أمس، لفت موقف الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي رأى فيه أنه من الخطأ أن مجلس الأمن هو من أقرَّ إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وهذا المجلس يعمل في إطار سياسي.
ولفت إلى أن مبدأ المحاكم الدولية هو جزء من تطور القانون الدولي ويهدف إلى التحقق من معاقبة كل من يثبت في حقه ارتكاب جريمة.

أزمة خطة الكهرباء الى أين؟

في هذا الوقت، تراوح الأزمة التي ظهرت أخيراً حول إدارة خطة الكهرباء مكانها مع استمرار وزير الطاقة جبران باسيل على موقفه الذي يؤكد حق وزارته بالإشراف على الخطة في مقابل إصرار وزراء جبهة النضال الوطني على تشكيل هيئة خاصة لإدارة الخطة والإشراف عليها.
وتبدي مصادر وزارية متابعة أملها في أن تشكل عطلة عيد الفطر مناسبة لاستكمال حركة الاتصالات والمشاورات للوصول الى مخارج تنهي الخلاف على الخطة تفادياً لذهاب الأمور الى مزيد من التعقيد ما سينعكس على التضامن الخارجي وعلى عملها في الوقت ذاته.
وعلمت "البناء" من مصادر مطلعة ان اتصالات جرت مساء أول من امس ونهار أمس لمحاولة تخفيف حدة السجالات بين بعض أطراف الحكومة على خلفية الخلاف حول مشروع الكهرباء ولا سيما أن ما جرى أخيراً في هذا السجال داخل وخارج مجلس الوزراء عكس أجواءً سلبية على فريق الأكثرية وكل الحكومة.
… واتصالات لبري
ووفق المعلومات أنه وعلى الرغم من وجود الرئيس ميقاتي في المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة، فإن الرئيس بري سيتحرك مجدداً من أجل البحث عن سبل مقاربة أسباب الخلاف ومعالجته، وبالتالي تهيئة المناخ المناسب لجلسة 7 أيلول لحسم مشروع الكهرباء بصيغته النهائية.
وسيكون للرئيس بري لقاءات ومداولات مع الأطراف المعنية بالخلاف مباشرة او عبر معاونه السياسي الوزير علي حسن خليل.
وتقول المصادر ايضاً أن حزب الله سيشارك في هذه المساعي خصوصا أن استمرار مشكلة مشروع الكهرباء من شأنه أن يعيق عمل الحكومة وانطلاقتها.

باسيل يحذّر من استمرار الأزمة
وكان لافتاً، في هذا السياق الموقف الذي صدر عن وزير الطاقة جبران باسيل أمس خلال المؤتمر الصحافي الذي خصصه لموضوع خطة الكهرباء، وقال "أننا اليوم أمام شلل حكومي ونيابي بانتظار حل مشكلة مشروع الكهرباء"، مشيرا الى ان المعالجة لهذا الموضوع ممكنة داخل الحكومة، موضحاً أن "القضية ليست قضية تصويت ولكن الحرص على إيصالها بنجاح الى مجلس النواب هو ما أوصلها الى التأجيل".
وشدد وزير الطاقة على "أننا نريد إنقاذ الحكومة ومشروع الكهرباء، لكن هذا المشروع أهم من الحكومة رغم أنه يهمنا أن تنجح الحكومة"، معتبراً أن مشروع الكهرباء بكل نواحيه التقنية والمالية واضح ولكن معارضته سياسية، متسائلا "بأي غباء جرى نقل الخلاف الى داخل فريق الأكثرية إلا إذا كان هناك امتدادات للأقلية داخل الحكومة"؟ معلناً "أننا سنكسر أي حكومة لا تريد أن يسير موضوع الكهرباء الذي سيقرّ دون محاصصة، ولن ندفع اي ثمن لتمريره".
الاتحاد العمالي يتجه نحو التصعيد
أما في الشأن الاجتماعي، فقد طالبت هيئة المكتب التنفيذي للاتحاد العمالي العام بعد اجتماعها أمس برئاسة رئيس الاتحاد غسان غصن الحكومة بأن تولي الشؤون الحياتية الاهتمام اللازم بدءاً من أزمة الكهرباء الى تحقيق مطالب الاتحاد ولا سيما تصحيح الأجور وضبط الأسعار.

وبعد ان تطرقت الهيئة في بيانها الى الاستحقاقات القريبة خاصة استحقاقات المدارس والأقساط، لفتت الى تراجع التقديمات الاجتماعية. ودعت الحكومة إلى الاسراع في تأليف اللجان التي اتفق عليها مع رئيس الحكومة، وكذلك منع زيادة أقساط المدارس ووضع سقف لأسعار المحروقات.
وأعلنت الهيئة عن عقد اجتماع لها يوم الثلاثاء في السادس من أيلول المقبل لاتخاذ القرارات اللازمة من اعتصام وإضراب وتظاهرات ووضع الجدول الزمني لهذه التحركات.

السابق
الحياة: موفد المجلس الانتقالي الى لبنان يطرح مصير الأرصدة الليبية
التالي
الجمهورية: لبنان يتأهب لشهرالاستحقاقات وسليمان سيلتقي اوباما