مزارعو زيتون حاصبيا يحذرون من كارثة كساد الزيت

حمل مزارعو زيتون حاصبيا والعرقوب، همومهم ومشاكلهم المزمنة، وفي مقدمتها عقدة تصريف إنتاجهم من الزيت، قاصدين العديد من الجهات المسؤولة من سياسية ونيابية وحزبية، علهم يصلون إلى هدفهم المنشود، لمعضلة تسويق زيتهم الكاسد في الخوابي للعام الثاني على التوالي، الذي ستضاف إليه كميات كبيرة من الموسم الجديد، المنتظر في النصف الثاني من أيلول المقبل، ما سيضاعف من تلك الأزمة المستفحلة، في ظل تجاهل الدولة وكافة المعنيين، وتخليهم عن حلّ المشكلة القائمة منذ عشرات السنين، والتي تضرب بسهامها الجارحة شريحة واسعة من أبناء القرى الحدودية، الذين يتكلون على الموسم في تجاوز مشاكلهم الحياتية وللتخفيف من معاناتهم الاقتصادية.

حراك مزارعي زيتون حاصبيا والعرقوب، جاء في أعقاب اجتماع موسع لأصحاب الأملاك والمزارعين ورؤساء التعاونيات الزراعية، خصص للتداول بكافة السبل التي تمكنهم من إيجاد حلول ناجعة، لدعم زراعة الزيتون عنوان الصمود في المنطقة الحدودية، والتي تعتاش منها نسبة 90 في المئة من العائلات. وخلص المجتمعون إلى تشكيل لجنة متابعة، أنيط بها عمل كل ما من شأنه، تصريف زيت العام الماضي المكدس، إضافة إلى زيت الموسم المقبل، وحلّ الأزمة المستمرة منذ كانت زراعة الزيتون.

رئيس اللجنة ومنسق «اللجان الوطنية الشعبية» في حاصبيا والمنطقة الدكتور فايز القيس، أوضح أن «اللجنة بدأت تحركها بسلسلة لقاءات واتصالات مع نواب المنطقة، للوقوف على آرائهم واقتراحاتهم ومساعدتنا في إيجاد السبل الناجعة لإنقاذ تلك الزراعة. كما زرنا ومنذ فترة وزير الزراعة حسين الحاج حسن، حيث كانت جلسة قيمة طرحنا خلالها معاناة القطاع بشكل عام، متوقفين عند ضرورة حماية زيت الزيتون من المضاربة الخارجية، خاصة أن الإنتاج المحلي يكفي السوق اللبنانية. وركزنا على ضرورة تولي الدولة استيعاب كامل الإنتاج، أسوة بما هو متبع لمحصول التبغ، علماً أن الزيت الحاصباني من أجود الزيوت في العالم، وقد ثبت ذلك عبر فحوصات مخبرية متعددة محلية ودولية».

ويلفت الدكتور القيس إلى اجتماع آخر مع النائب علي فياض، «الذي أشار إلى طرح المشكلة على السفير الإيراني في لبنان غضنفر ركن آبادي، والسعي عبره لاستيعاب الجمهورية الإسلامية في إيران لكمية من الزيت، ونحن بانتظار تحديد موعد لمقابلة ركن أبادي وطرح القضية، علما أن هناك نحو 25 إلى 30 الف صفيحة زيت متبقية في الخوابي منذ موسم العام الماضي، لتضاف إليها كمية ربما تجاوزت الـ 150 ألف صفيحة أخرى من الموسم الجديد، الذي سيبدأ منتصف الشهر المقبل»، منبها إلى «مخاوف المزارعين من انعكاسات سلبية على زراعتهم، بسبب المناكفات الحاصلة في البلد، خاصة لجهة تصريف الإنتاج»، متسائلا عن ذنب المزارع في كل ما يحصل «ليكون الضحية دوما، فيخسر إنتاجه مورد رزقه الوحيد، الذي يعتاش منه، فالمزارع لم يعد بمقدوره تسديد المتوجب عليه من رسوم أو أقساط للمدارس، كما لم يتمكن من دفع أجرة قطف الزيتون وحتى الحراثة والتقليم، مما سيؤدي الى يباس البساتين وعندها ستكون المشكلة مضاعفة».

وباسم «تجمع مخاتير حاصبيا» استغرب المختار أمين زويهد، تجاهل المسؤولين هموم المنطقة، «التي لم تتأخر يوماً في تسديد كافة الضرائب والرسوم المتوجبة عليها، حتى في أحلك الظروف. وكأنها اليوم وعبر الإهمال المتصاعد، يراد لها أن تكفر بهذا الوطن وبقادته، الذين داروا ظهورهم لحاجيات ومتطلبات أبنائها». وقال: «إننا بصدد إعطاء فرصة قصيرة للجهات المعنية حتى تأخذ قرارا بشراء الزيت، وإلا ستكون مواقف تصعيدية تصل إلى حدّ إعلان الإضراب ورمي الزيت في مجرى نهر الحاصباني».

وحثّ نائب رئيس «الجمعية التعاونية الزراعية للشتول والزراعات البعلية وتربية النحل» نهاد ابو حمدان «الجهات المعنية إيلاء زراعة الزيتون كل اهتمام، وقبل فوات الأوان»، مقترحا «مساعدة المزارعين في تصريف إنتاجهم، وإنشاء مصانع لتعليب الزيتون وتعبئة الزيت، ودعم سعر صفيحة الزيت، وإدخال ذلك الدعم في الموازنة، وفتح مركز لمصلحة البحوث العلمية الزراعية في حاصبيا، وتأمين نصوب الزيتون المؤصلة عبر وزارة الزراعة». وأضاف إلى ذلك «دعم المزارعين والتعاونيات الزراعية بمعدات زراعية حديثة، وتأمين الإرشاد الزراعي قبل موسم القطاف، وتخصيص فترات في وسائل الإعلام للترويج لزيت الزيتون، ودفع المساعدات للتعاونيات الزراعية، والتعويض عن أضرار عدوان تموز والكوارث الطبيعية والحرائق، وإطلاق حملة إعلامية لإبراز نوعية زيت زيتون حاصبيا – مرجعيون – العرقوب الممتازة، والعمل على حلّ مشكلة الأثر البيئي لزيبار الزيتون». كما نصح أبو حمدان بـ«إقامة يوم عمل شبابي لمساعدة المزارعين في القطاف، وتأهيل الطرق الزراعية واستصلاح الأراضي، ومدّ المزارعين بقروض زراعية، ومنع قلع أشجار الزيتون المعمرة لدواع تجارية».

من جهته، اعتبر المزراع فؤاد زويهد «الكساد الحاصل للزيت ضربة قاتلة للزراعة وللعاملين فيها، بحيث لم يتمكن المزارعون من تصريف أكثر من نصف إنتاجهم تقريبا كل عام، لتبقى كميات كبيرة من الزيت البكر مكدسة في الخوابي والبراميل يهددها التلف، فالمزارع لم يعد بمقدوره دفع المتوجب عليه من رسوم وأجرة قطف الزيتون وحتى الحراثة والتقليم ومكافحة الأمراض، خاصة عين الطاووس، ما سيؤدي إلى يباس البساتين وعندها ستكون المشكلة مضاعفة». وشدد على «ضرورة أن تعمد الدولة وخاصة الهيئة العليا للإغاثة إلى تجديد قرار استيعاب الزيت، لصالح المؤسسات العامة وخاصة الجيش اللبناني، كما كان يحصل منذ حوالى عشر سنوات». وقال: «على الحكومة الجديدة التوجه جنوباً والمساعدة الجادة لإنهاء الأزمة».

وناشدت المواطنة فريدة عيسى رئيس الوزراء نجيب ميقاتي «التدخل لحلّ مشكلة تصريف زيتنا في هذه المنطقة الحدودية». وقالت: «إننا نحمي زيتنا على مدار السنة، في أماكن مغلقة وبعيدة عن ضوء الشمس، ليبقى في حال ممتازة، ونأسف لما هو حاصل من كساد، وهمّي في هذه الفترة بيع ولو عدة صفائح فقط لتسديد بعض الديون». وقالت عليا القلعاني: «نصف موسم العام الماضي لا زال في الخوابي، وإذا استمر الوضع على هذا المنوال سنعجز عن استيعاب الموسم المقبل لأنه ليس لدينا أوعية اضافية».

ورفض المزارع طلال مهدي مقولة «كساد الموسم»، مشيراً إلى أن «ما يحصل كساد في همة المسؤول الذي لا تعنيه همومنا وحاجياتنا، بالأمس، ولدفع جانب من المستحقات بعت 3 اشجار زيتون معمرة بسعر 2500 دولار، بعدما أقفلت في وجهي أبواب تصريف الزيت»، مشيراً إلى أن «عشرات المزارعين وجدوا في بيع زيتونهم الروماني المخرج الوحيد المتبقي أمامهم، ومثل ذلك التوجه المتصاعد سيعود بالسلبية على هذه الثروة التي يفخر بها أبناء منطقتنا».

السابق
التالي
لغم “التايم” عطّله سقوط القذافي؟!