أين سليمان… أين ميقاتي؟!

عندما تراهم يهرولون الى قاعة مجلس الوزراء، يتأبطون الملفات ويحاولون اظهار الجدية ووقار المسؤولية من غير شر، يحسب الناس في هذا البلد البائس، انهم في مملكة كاميلوت حيث السؤدد والفروسية وفرسان الطاولة المستديرة!
ولكننا في لبنان، في اسوأ ما شهده تاريخه من التردي وانهيار الدولة وانعدام المسؤولية وتبلد الحس في "المسؤول"، وابكِ او اضحك لا فرق، فشر البلية ما يضحك، لأنك في بلد يسرع الخطى من درك الدولة الفاشلة الى حضيض الدولة المارقة، وليس من يسأل: الى اين نحن ذاهبون؟

المعركة تدور منذ اسابيع فوق اعمدة الكهرباء وعند حدود التوتر العالي، على خلفية خطة قديمة وضعتها حكومة الرئيس سعد الحريري وتمت "استعارتها" الآن، لانقاذ وطن النور من الظلام، وبكلفة اولية تبلغ مليار و200 مليون دولار، دار خلاف على طريقة صرفها وما اذا كانت ستصرف عبر الوزير شخصيا ام عبر مجلس الوزراء وبرقابة مجلس النواب؟

مليار و200 مليون دولار في بلد الشحاذين لتصرف على الكهرباء، القطاع الذي يطفح بقطّاع الطرق سمسرة وسرقة للتيار وتعليقا عشوائيا على الخطوط ورجما للجباة المساكين، ولكأن اللبنانيين من الهبل والبلاهة الى درجة التصديق ان مليارا اضافيا و200 مليون، ستوفر حلا منيرا ونيرا "لسرطان الكهرباء" الذي كبدنا ثلث الدين العام، اي اكثر من 13 مليار دولار!

والكرامة تشرقط ايضا: "فاما الكهرباء واما الحكومة"، بمعنى اما البصم على صرف المبلغ واما الانسحاب من الحكومة، وهذه "الفرصة الاخيرة"، فجاء من يريد: "لن نخضع لمنطق التهديد والابتزاز الذي يستخدم معنا على قاعدة اما ان تسيروا بما نريده واما الويل والثبور وعظائم الامور… فنحن مش فارقة معنا، وبمعنى انه في حكومة "كل من ايدو الو… كل من ليدو الو"!

كل هذا وغيره طبعا يستدعي سيلا من الاسئلة. والاسئلة في بيروت ليست اين القذافي، بل اين نجيب ميقاتي وهو رئيس الحكومة المزروك الى درجة حشره في خانة "شاهد ما شافش اي حاجة"؟ واين ميشال سليمان وهو رئيس الجمهورية الذي ينقضي عهده (عهده؟) من دون ان يتمكن من ترك بصمة تترجم عبارة واحدة وردت في خطاب قسمه؟

ماذا يعرف سليمان وميقاتي ورف الوزراء الحساسين عن حادث انطلياس، قنبلة ام رمانة ام قلوبا مليانة ام مفخخة ام رسالة؟ ماذا يعرفون عن مقابلة "تايم" ومفادها الصريح: "ليس في لبنان دولة سيدتي لاهاي"؟ وعن اشباح التفجيرات ضد "اليونيفيل"، وعن لاسا في مجاهل جبيل، وعن انفجار الرويس وما قبله، وعن نصاعة التعيينات، وعن مواطنين يذوبون كالملح، وعن شاحنات المرامل تدوس هيبة الدولة المسخرة؟

اذا عرفوا شيئا عن كل هذا، ربما يعرفون كيف ستصرف المليارات وتعيشوا وتاكلوا غيرها!

السابق
اللقاء السري 2.. الحريري: لبنان لا يحكم من دون رضى الشام !!
التالي
سلعة الخوف !