لهذه الأسباب يصرّ باسيل على اقتراح الجنرال…

سأل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وزير الطاقة جبران باسيل، خلال الاجتماع الوزاري الأخير الذي انعقد في سرايا الحكومة وخصّص لمناقشة ملف الكهرباء، عن أسباب تشبّثه باقتراح القانون المقدم لخطة الكهرباء، ملمّحا الى أن الإصرار يولّد شكوكا كثيرة لدى المواطنين، لا سيما أن الأموال المطلوبة لتنفيذ خطة الكهرباء ليست بقليلة؟…

ووفق المتابعين لملف الكهرباء، فإنّ اقتراح القانون الذي تقدم به رئيس تكتل التغيير والاصلاح في مجلس النواب، والذي يطالب باسيل بتبَنّيه ليصبح مشروع قانون مُرسل من الحكومة الى المجلس النيابي، يتعارض مع القانون رقم 462 المتعلق بقطاع الكهرباء الصادر في العام 2002. فهذا القانون ينصّ على إنشاء هيئة ناظمة لإدارة قطاع الكهرباء، وتطبيقه يسحب الملف من يد الوزير ليضعه في عهدة الهيئة الناظمة للقطاع، وهنا تكمن المشكلة.

فالوزير باسيل الذي شنّ وفريقه، ولا يزال، حرب إلغاء على الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات، مطالبا بإعادة صلاحياتها الى الوزير المختص، يعمل، ووفقا للمنطق نفسه، على خنق هيئة الكهرباء قبل أن تولد، تمهيدا لإبقاء أمرة القطاع وموارده ومكاسبه له وحده.

ووفق خبراء في القطاع، فإن لذلك تداعيات سلبية على إدارة الملف، أهمها أن الفساد سيكون أقل بكثير في هيئة القرار فيها لخمسة أعضاء وليس لوزير واحد، كما أن أعضاء الهيئة الناظمة الذين يعيّنون لمدة خمس سنوات يمكنهم متابعة عملية إنشاء معامل الإنتاج بشكل مستمر، لا سيما أنها تحتاج الى ثلاث أو اربع سنوات، في وقت يقول الخبراء إن وزير الطاقة اليوم موجود، وغدا قد لا يكون موجودا، نظرا الى ارتباط عمر الحكومة بالتقلبات السياسية.

ومن شوائب اقتراح القانون المقدّم من زعيم التيار الوطني الحر، منح وزير الطاقة كامل الصلاحيات في أخذ الأموال المطلوبة لخطة الكهرباء، والتي تبلغ مليار و200 مليون للمرحلة الاولى المخصصة للإنتاج، وصرفها من دون العودة الى مجلس الوزراء.

ويتخوّف الوزراء من أن الاقتراح المقدم يسمح للوزير باسيل أن يجري المناقصات للمعامل الثلاثة المطلوبة لتأمين الـ700 ميغاوات، من دون مراجعة مجلس الوزراء، فيتحكم لوحده بالتوقيت المناسب للشركة التي قد يكون اتفق معها. وهذا في الظاهر قانوني، ولا يمكن لأجهزة الرقابة في الدولة أن تلاحقه، إلّا أنه في الباطن يطرح علامات استفهام، لا سيما عندما يحدد الوزير مهلة لا تتعدى الاسبوع لإجراء المناقصة، وللوزير باسيل سوابق في هذا الشأن، وهذا ما حصل في مشروع أنبوب الغاز بين صور والبدّاوي، وكذلك في المشروع الذي تقدم به لاستجرار الكهرباء من البواخر.

ومن الملاحظات الكثيرة في اقتراح قانون الجنرال، التي يطرحها العارفون بقطاع الكهرباء، حرية تصرّف الوزير بمصادر الأموال، إذ يمكنه، وتحجّجا لاختصار الوقت، أن يستدين من المصارف التجارية بشروط أقلّها أن فترة الدين ستكون على 10 سنوات ومن دون فترة سماح وبفوائد تتراوح بين الـ7 و8 في المئة، فيما اللجوء الى الصناديق العربية قد يكون أنسب. وتكشف مصادر وزارية أنه في العام 2008 عرض الصندوق العربي للتنمية على الحكومة اللبنانية، تمويل زيادة الانتاج بمبلغ وصل الى مليار دولار أميركي مُستوفى على مدة 20 سنة وبفائدة تتراوح بين ال2 و2 ونصف في المئة، وبفترة سماح تصل الى 7 سنوات.

ووفق المصادر الوزارية نفسها، فإن اللجوء الى الصندوق العربي للتنمية، كما أي صندوق آخر، يلزم الحكومة القبول بشرط مراقبة المشروع من قبل الصندوق نفسه…

إذاً، يتأرجح اقتراح قانون الكهرباء للتغيير والإصلاح، بين تجنّب التوفير على لبنان من جهة وتجنّب الرقابة غير المحلية واعتماد الذاتية من جهة أخرى!!!

السابق
النهار: خطة الكهرباء إلى مزيد من الشدّ والجذب ولقاء أول للملك عبدالله والحريري منذ الأزمة
التالي
مسيرة للقوى الوطنية الجمعة رداً على الجماعة والسلفيين في صيدا