تجار حاصبيا يعرضون بضائعهم والمستهلكون لا يشترون

لم يحرك شهر رمضان الركود الذي يغط فيه سوق الفقراء الأسبوعي، والذي يتوسط قرى حاصبيا والعرقوب، بعد فشل كل العروض المغرية والأسعار المتدنية التي لجأ اليها تجاره الذين اعتادوا التردد اليه منذ القدم، عارضين كل يوم ثلاثاء مئات الأصناف من بضائعهم الموزعة بين الأواني المنزلية، الملابس، الأحذية، الفاكهة والخضار، الحلويات والسكاكر، إضافة الى مختلف انواع الحبوب واللحوم مع جناح خاص بالحيوانات والطيور.

هذا السوق العريق الذي كان خانه ملتقى مختلف الحضارات، وقوافل التموين بين فلسطين والشام، يمر بحالة من الفتور تعكس الوضع الاقتصادي المتردي، والأزمة المعيشية الخانقة التي تطوق الشريحة الواسعة من أبناء هذه المنطقة وجوارها، مما أدى الى تراجع الحركة الشرائية المقتصرة، رغم شهر رمضان، على الحاجيات الضرورية والملحة بكميات قليلة وحسب الحاجة. كما يقول تاجر الألبسة حسن حيمور: الحركة معدومة، ليس هنا فقط،، بل في مختلف الأسواق الشعبية المشابهة، الزبون مفلس كما التاجر، والفقر يطال الجميع ولا من يسأل. كنا نعتقد أن اسواق هذا الشهر ستكون أفضل من سابقاتها، لكن واقع الحال فاجأنا، بالكاد نستطيع أن نبيع بخمسين ألف ليرة، وهذا يعني خسارة، بحيث يلزم اكثر من صفيحة بنزين للوصول الى السوق. فما العمل؟

التاجر علي عيسى يقصد أسبوعيا سوق الخان من بلدته في البقاع الغربي، يترحم على أيام زمان، يوم كان لمثل هذه الأسواق الشعبية عزها، فهي حقا كانت أم الفقير، أما اليوم وبرغم الأسعار المتدنية لمختلف الأصناف المعروضة، فالحركة بلا بركة، ولا يستعيد التاجر مصاريف تنقلاته، كنا نأمل أن يتحسن الوضع قليلا، لكن كل شيء الى الوراء، فأيام رمضان لا تغير شيئا وكأن الناس في حالة إفلاس لا يحسدون عليها، وما يزيد الطين بلة ارتفاع اسعار المحروقات الجنوني الذي انعكس سلبا على الحركة الاقتصادية عامة، وعلى الرغم من اننا لم نضف اية زيادة على بضائعنا رحمة بالعباد في هذا الشهر، بقيت الحركة جامدة والى تراجع. التاجر السوري وائل سويراتي يقصد، بشكل شبه يومي، معظم الأسواق الشعبية اللبنانية، من بعلبك وحتى البقاع الغربي وصولا الى بنت جبيل، يقول: هذه البسطة وهي حمل سيارة بيك آب، يكلف نقلها حوالى 50 الف ليرة، وندفع 10000ل ل رسم بلدية، والقطعة عندنا تباع بألف ليرة، وما «نحوشه» طوال النهار لا يغطي هذه المصاريف، ليس باليد حيلة، فهل نلتزم منازلنا؟ وان فعلنا من أين نطعم أطفالنا؟

الشيخ ابو حسين درهمين كان يعرض منتجات زراعية من عنب وتفاح وغيرها من الفاكهة والخضار بسعر الكلفة، فهو يبغي تصريفها بأي ثمن، كما يقول، لأن معظم الكمية ستبقى كاسدة داخل صناديقها في ظل غياب الزبائن، وعندها سنضطر لإعادتها الى المنزل أو تلفـــها، وفي كلــــتا الحالتين الخسارة واقعة، بالرغم من أيام العيد، لكن هذا لم يغير من واقع الحال.

المواطن ابراهيم حسن يعيد هذا الكساد والركود الى الوضع الشاذ السائد في البلد منذ فترة، فالجهات السياسية تعمل بالمناكفة وتقاسم الجبنة، وآخر همها وجع الناس، من غلاء المحروقات، الى أقساط المدارس، مصاريف من كل حدب وصوب ولا إنتــــاج، الديون تطال كل الفقراء وجميعنا فقير في هــــذا البلد، ولم نعد نتحمل وباتت لقمة عيشنا مهـــددة، فإلى من نشكو وهل من مجيب؟

السابق
السائقون العموميون إلى الإضراب والتظاهر في 15 أيلول
التالي
مؤسسات الإمام الصدر في صور على عتبة يوبيلها الذهبي