نائب سابق تحت مجهر المحكمة

عندما تكون الأسماء مجموعة من الأحرف التي لا يعرف العامّة الشيء الكثير عن اصحابها، فإنّ وقع قراءتها يتصدّر عناوين الصحف، ولو بتهمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ممّا يترك في اذهان المتلقّين شعورا هو اقرب الى اللامبالاة، منه الى ايّ شيء آخر.

من هذا المنطلق يمكن الجزم بأنّ كلّ ما رسخ في عقول الناس من المضمون المعلن للقرارالظنّي هو فكرة واحدة مفادها انّ اربعة من عناصر حزب الله متورّطون في جريمة اغتيال الحريري، فيما لم تبقَ اسماء العناصر خارج دائرة الضوء الّا في اوساط الصحافيين والسياسيين المتابعين لعمل المحكمة.

لذلك، وبما انّ القول من دون مبالغة انّ كثيرا من العامّة فيما لو سألوا عن اسم حسن عنيسي او اسد صبرا لن ينجحوا في الربط بين صاحبي الاسمين وجريمة الاغتيال، فإنّه يمكن القول ايضاً انّ التوجّه نحو اتّهام الحزب (وليس بعض عناصره) باغتيال الحريري والتي اعطى رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع اشارته الأولى اليها عندما استبعد ان يتمكّن فرد واحد، ولو كان من طينة مصطفى بدر الدين، من تنفيذ جريمة اغتيال بهذا الحجم من دون علم قيادته ودعمها، هو توجّه لا زال يحتاج من الناحية الإعلامية الى اسم من دم ولحم معروف ومتداوَل بين الناس يعطي للرواية بُعداً دراميّاً

وزخما شعبيّا…

وإذا كان القرار الظنّي الحالي الذي ركّز في مجمله على الحلقة الوسطى التي أشرفت على تنفيذ عملية الاغتيال قد حرم خصوم الحزب من هذه الأسماء المطلوبة للاستهلاك السياسي فإنّ ملحقات القرار والتي ستصدر في فترة لن تتجاوز العام ستسير صعوداً نحوالحلقة العليا ونحو تقديم اكثر من اسم دسم.

وعلى رغم من انّ ورود اسماء من حجم اسم الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله يبقى أمرا غير وارد، اقلّه في المرحلة الحاليّة، فإنّ في حبر الأقلام في لاهاي أكثر من اسم مثير بينها، بحسب ما بدأ يتسرّب، اسم المسؤول العسكري الأوّل في حزب الله في تلك الفترة الحاج عماد مغنية.

لكن اسم مغنيّة لن يكون ابرز الأسماء ولا اكثرها جاذبيّة في الدفعة الجديدة من الأسماء، بل لعلّ البروز كلّه والجاذبية كلّها ستكون من نصيب اسم نائب سابق في الحزب، فصاحب هذا الاسم كان ذات يوم، وتحديداً في أواخر التسعينيات وأوائل الألفيّة الجديدة بمثابة ممثل لحزب الله في وسائل الإعلام المرئيّة قبل ان ينسحب (او يُسحَب) فجأة من دائرة الضوء في الفترة التي سبقت اغتيال الحريري.

وعلى الرغم من انّ صاحب هذا الاسم كان يعتبر بين الناس من الوجوه الهادئة في الحزب والقادرة على مواجهة خصومه والاستماع الى وجهة نظرهم من دون انفعال أو عصبيّة (له في هذا الإطار حلقة شهيرة في مواجهة النائب الراحل جبران تويني على شاشة الـ (ام. تي .في) فإنّ المحكمة الدولية كوّنت عنه اقتناعا مفاده انّه جزء من الجناح المتشدّد في الحزب، والذي لا يؤمن كثيراً بالتسويات، كما انّه من اكثر من كانوا يحملون موقفاً سلبيّاً ضدّ الرئيس رفيق الحريري في داخل حزب الله.

هذا القيادي الذي بدأ قبل فترة يعاود الظهور عبر وسائل الإعلام على عكس المتّهمين الأربعة ليس مجهول مكان الإقامة، وبالتالي فإنّ الحكومة وحزب الله لن يستطيعا التعاطي مع المذكّرة المحتملة لاستدعائه مثلما تعاطيا مع المذكّرات السابقة، بل سيكونان في حاجة الى ابتداع اساليب جديدة.

ولأنّ بين صفوف النوّاب الشيعة نائبا تجاوز الثمانين من عمره ولم يعد وضعه الصحّي يسمح له بمتابعة نشاطه السياسيّ فإنّ استقالته وترشيح النائب السابق بديلاً عنه ليعود فيصبح نائبا حاليّا هو أحد الخيارات المطروحة لتصبح الحصانة النيابيّة سلاحا دستوريّا يرفع في وجه مذكّرة جلبه. وهذا خيار مطروح لكنّه ليس بالخيار الوحيد، ففي جعبة حزب الله خيارات أخرى.

أيّاً يكن، فالمؤكّد، أو على الأقلّ شبه المؤكّد، انّ اسم هذا النائب السابق سيعود قريبا إلى دائرة الضوء.

السابق
البريطانيون في ضائقة مالية
التالي
رعد: المقاومة لن تقبل الابتزاز ولن تخضع وهي تحدد طريقة الدفاع عن نفسها