عقاب قاس…

صورة طريفة قد يضحك عليها كل من يشاهدها، لأنها تبدو كصور المسابقات لاختيار أفضل لقطة مضحكة. يبدو فيها مسؤول كبير في إحدى الدول الأوروبية وهو يقود ما هو أشبه بالمصفحة، وقد صعد فوق سيارة ثمينة مخالفة لقانون المرور وقفت في مكان مخصص للدراجات. كما حكم في بريطانيا في خضم أعمال العنف والتظاهرات والسرقات التي شهدتها بعض المناطق أخيراً على شاب سرق زجاجة ماء لا يزيد ثمنها على خمسة دولارات بالسجن ستة أشهر. هاتان الصورتان قد تبدوان مبالغات لا تتناسب مع حجم الحدث. فالأولى يكفي أن تحرر مخالفة وتوضع على الزجاج الأمامي للسيارة المخالفة. والثانية أن هناك من سرق ما هو أثمن وأغلى من زجاجة الماء، ولم يحكم عليه بشيء أو حتى لم يعتقل. وهنا مكمن الموضوع.

في الكويت الكل تقريباً يتفق أن مخالفات مستخدمي الطريق خرجت على نطاق السيطرة. فشيء طبيعي أن تفاجأ بكيس يقذف من شباك السيارة التي أمامك، أو من ينطلق من الحارة اليمنى في الشارع كالرصاصة، متجهاً إلى الحارة الشمالية، أو من يجلس ابنه الطفل على حجره، وهو يقود سيارته بكل أريحية، أو من يغلق الطريق عليك في موقف سيارات ليعود بعد فترة طويلة، ويقول لك بكل برود «اشدعوة، شنو صار عاد، قلنا آسفين خلاص». وأنا هنا يا كبار مسؤولي الداخلية لا أدعي الفهامية والتميز عنكم، ولا أقوم بدور الواعظ، ولا أمارس دور المنتقد الحنان الذي يجد من ذلك مجالاً للتميز أو الشهرة، «لا والله»، فمن شدة حبي ورغبتي في إصلاح ما يمكن إصلاحه بالتعاون معكم، وبتنبه بعض الأطراف لأمور قد تكون غائبة عنهم لأي سبب كان،

أكرر ويكرر غيري التطرق إلى موضوع فوضى المرور، لعل وعسى أن نتعاون جميعنا في إصلاح ما يمكن إصلاحه، وهذه رغبة صادقة ونقية أنقلها إليكم يا كل مسؤولي المرور. من الصعب ضبط كل المخالفين، وهذا شيء عادي، ولكن بتشديد العقوبات ولو لفترة مؤقتة، وتحذير الناس من أن المخالفة ستضاعف في حال ضبطها وفوراً. فأنا قد أنجح في مخالفة السرعة مرة واثنتين وثلاثاً، ولكن ما أن أقع في قبضة الشرطة، فسأخسر سيارتي ورخصة قيادتي لفترة طويلة، حتى أشعر بفداحة المخالفة التي اقترفتها. وبعد جريمة السماح باستخدام حارة الأمان كحل لأزمة الازدحام، فمن الصعب إعادة إفهام الناس بأن ما صرحتم به، وعلى لسان مسؤول عال في المرور، وبعد نشر التصريح في كل الصحف ووسائل الإعلام، من الصعب إعادة إفهامهم أن ما قلتموه خطأ، ولكن في حال إيضاح أن من سيخالف هذا الموضوع ومن يضبط وهو يسير في حارة الأمان ستصادر سيارته فوراً، فسيعمل ألف حساب قبل التفكير في تجاوز الآخرين بطريقة خاطئة، وسينظر إلى قانون المرور بشيء من الاحترام الذي أفل وللأسف منذ فترة. عندما تعجن سيارتك الثمينة أمام عينيك، لأنك لم تسد الطريق ولم تسر على طريق حارة الأمان، ولم تتسبب في قيادتها بسرعة غير طبيعية في وقوع حوادث للآخرين، ولكن لأنك وقفت في مكان مخصص للدراجات وليس للسيارات، فهذا والله ما يثبت جدية الرغبة في إعادة هيبة قانون المرور.

لقد ترك كل سائقي السيارات في الكويت ومستخدمي الشارع فترة طويلة يعبثون بأمن الآخرين وسلامتهم، كل وفق ضميره، وحان الوقت لأن يبدأ الضرب وبقوة لعدد محدد من المخالفين بشكل يرعبنا كلنا، وكما قلت من المستحيل ضبط كل المخالفين، ولكن من السهل معاقبة عشرة فقط، ليكونوا درساً قاسياً يعمل حسابه كل من فلتوا مرة واثنتين من هذا العقاب.
قد تطبقون كل هذا وتثبتون جديتكم، وهذا ليس بعيداً عنكم يا مسؤولي وزارة الداخلية، بوجود الرغبة الخالصة، ولكن هل ستنجحون بوجود الواسطات، نعم إذا ما أعلنتم أمام المخالفة اسم من توسط لإلغائها ليتم الرجوع إليها عند الحاجة؟

السابق
أمين وهبي: نشد على أيدي الشعوب العربية المطالبة بحريتها وبتحديد مستقبلها ومصالحها
التالي
السحلب والقطايف أميرا الحلويات في رمضان