الجمهورية: لبنان على”صفيح ساخن” وبرّي يدعو لكشف مصير الصدر ,باسيل “ينكّع” بوزراء ومشروعه الكهربائي قد لا يُقر اليوم

بدا لبنان امس، كسائر دول المنطقة، واقفا على صفيح ساخن نتيجة تسارع التطورات الاقليمية على اكثر من محور. وظل المشهد الليبي فارضا نفسه بندا أول على جدول الاهتمامات السياسية المحلية والاقليمية والعالمية، في ضوء احتضار نظام العقيد معمر القذافي الذي ما يزال مصيره مجهولا، ما لاقى ردات فعل دولية مرحبة قطعها قلق روسي على مستقبل ليبيا مرفق بنصيحة الى الغرب بعدم التدخل في الشأن الداخلي الليبي.

وفيما سارع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى تهنئة الثورة اللييية متمنيا وضع حد لجريمة اختطاف الامام موسى الصدر ورفيقيه، قال رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط "إن طاغية ثالثا يسقط في سياق الثورات الشعبية"، سائلا "أين اصبح اعتراف الحكومة اللبنانية بالمجلس الانتقالي الليبي؟"، ودعا الى "تقديم الدعم اللازم لمصر لتقوم بدور ريادي عربي".

في غضون ذلك ظلت مقابلة مجلة "التايم" أخيرا مع احد المتهمين بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري محور الاهتمام المحلي. وفي انتظار حل لغزهذه القضية وما سيعلنه "حزب الله" على لسان رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد في مؤتمرصحافي يعقده ظهر اليوم حول ما نشرته "التايم" والقرار الاتهامي، كرر مدير مكتبها في بيروت نيكولاس بلانفورد بعدما استمع اليه النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا أمس انه "لم يجر المقابلة، وان الاسئلة يجب ان توجه الى الشخص الذي أجراها". لكنه شدد على "أنّ لهذه المقابلة صدقية وأنّ "التايم" لا يمكن ان تنشر مقابلة الاّ اذا كانت متأكدة منها". واشار الى أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان إذا طلبت منه المثول امامها سيقول ما قاله امام القاضي ميرزا. ورفض اعطاء اي معلومات عن جلسته مع المدعي العام التمييزي.

خوري

في غضون ذلك، قال مستشار الرئيس سعد الحريري النائب السابق الدكتور غطاس خوري لـ"الجمهورية": "إن هناك واقعا قد فرض نفسه وهو صدور القرار الاتهامي، الأمر الذي يفرض طريقة تعاط مختلفة، إذ لا نستطيع القول ان القرار صدر وكأن شيئا لم يكن. هناك محاولة لقوى 8 آذار للقول ان القرار قد صدر ولم يحصل شيء في البلاد، صحيح أن حربا لم تقع، لكن حصل فقدان ثقة عميق بين كل الاطراف وبات هناك شعور لدى فريق ان الفريق الآخر لا يريد لا الحقيقة ولا العدالة، ولا يريد ان يتعاون مع المحكمة الدولية ويقول لنا ببساطة "روحوا بلطوا البحر"، وهذا الأمر يؤسس لمشكلة في موضوع العيش المشترك".

واكد خوري ان "الحكومة هي المسؤولة عن تسليم المتهمين الأربعة وعن التعاون مع المحكمة الدولية، وعن الرد على ما جاء في مجلة "التايم". وقال: "في النهاية، هناك احد مسؤول، هناك مسؤولية تقع على الحكومة وعليها ان تحسم أمرها، فهل ستتعاون مع المحكمة ام انها ستجابهها؟ فإذا قررت الحكومة عدم التعاون لا مع المجتمع الدولي ولا مع المحكمة واذا قررت إدخال لبنان في متاهة معاكسة المجتمع الدولي فيجب ان لا تبقى للحظة".

وعما اذا كان مقتنعا بجواب الحكومة على طلب المحكمة منها القبض على المتهمين الأربعة، قال خوري: "اذا كنا مقتنعين قليلا فلم نعد كذلك إطلاقا بعد الكلام الذي نشر في "التايم". واضاف:"في النهاية، وظيفتنا ليست التحقق مما اذا كان احد يركّب مؤامرة على المحكمة، انها مسؤولية الدولة وأجهزة القضاء، ونحن في النهاية نتعاطى مع خبر اعلامي صدر في مجلة محترمة على لسان صحافي له وزنه. واذا تبين لاحقا من خلال التحقيقات ان ما نشر كذب فليعلنوا ذلك، لكن لا نستطيع نحن ان نعتبر ان هذا الكلام لا قيمة له، لأنه في النهاية صادر عن مرجعية اعلامية جيدة".

وأمل خوري في "ان لا تنتقل العدوى نفسها الى المسؤولين اللبنانيين، إذ يتحدثون في أمور لا علاقة لها بالواقع السائد راهنا على الأرض، كقانون الانتخاب والنسبية وتقسيم الدوائر… فيما نحن على عتبة انفجار طويل عريض في المنطقة بسبب تداعيات ما يجري راهنا في الخارج، وبسبب المحكمة وعدم التعاون معها وانعكاسات مقاومة المجتمع الدولي في الداخل، فعلى رئيسي الجمهورية والحكومة الاعتراف بوجود أزمة التعامل مع الواقع الموجود والبدء في التفكير ان هناك أزمة حقيقية وان حلّها لا يكون عن طريق التغاضي ودفن الرؤوس في الرمال".
.

الكهرباء

وفي الشأن الداخلي، يعقد مجلس الوزراء جلسة في الثانية بعد ظهر اليوم في بيت الدين برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعلى جدول اعمالها 64 بندا مع ملحق بثلاثة بنود ما رفع عددها الى 67 بندا. وعلمت "الجمهورية" انه سيتم تعيين احمد دياب مديرا عاما أصيلا للتعليم المهني والتقني، وعلي الخطيب في إحدى مديريات القصر الجمهوري.

وعشية الجلسة، نوقشت خطة الكهرباء التي قدمها وزير الطاقة جبران باسيل في اجتماع وزاري عقد في السراي امس برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي غاب عنه وزير المال محمد الصفدي لوجوده في الخارج.

وشرح باسيل مندرجات خطّته للوزراء، ورد على اسئلتهم. وتحدثت معلومات عن خلاف حصل بين المجتمعين على تحديد الجهة التي ستتولى الصرف المالي على الخطة.

وفي معلومات لـ"الجمهورية" ان النقاش الذي حصل خلال الاجتماع لا يوحي بإمكانية إقرار مشروع الكهرباء في جلسة مجلس الوزراء اليوم، إذ هناك عدد من النقاط التي تحتاج الى استيضاح، خصوصا لجهة آلية صرف الأموال إضافة الى بعض القضايا المالية التي ما تزال عالقة.

وإذا كان اجتماع الأمس استبعدت عن نقاشاته الخلفية السياسية وحُصر بالنقاش التقني العلمي، حسبما أجمع عدد من الوزراء على التأكيد، فإن السياسة بعينها ما تزال تتحكم بهذا الملف. وعلمت "الجمهورية" ان رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي يميلان الى اعتماد خطة الكهرباء ضمن القانون 462 النافذ، اما اذا تم الاتفاق على اقتراح باسيل فسيحال بمشروع قانون مستقل عن القانون النافذ. ما يفسر ان الأمر يحتاج الى مزيد من النقاش وسط استبعاد اكثر من مصدر وزاري ان يقر اليوم.

وقد أبدى باسيل امام الوزراء ارتياحه الى سحب الخلفية السياسية من المناقشات وحصرها بالنقاش التقني، معلنا انه لم يعد يتمسك بالاقتراح كوزير للطاقة بعدما انتقل الملف الى الحكومة.

وفي المعلومات ان ما نوقش امس هو المرحلة الأولى من خطة الكهرباء وهو انتاج 700 ميغاوات، وما تزال هناك مرحلتا الـ4000 ميغاوات في العام 2012 والـ5000 ميغاوات في العام 2014.

والى ذلك كشفت مصادر وزارية أن الاجتماع الوزاري أظهر وجود تضامن غير معلن بين وزراء الرؤساء ميشال سليمان وبري وميقاتي فضلا عن وزراء جنبلاط لاستبعاد إقرار المشروع في جلسة اليوم في بيت الدين من أجل مزيد من النقاش والدرس والتمحيص،سواء لجهة إشراك القطاع الخاص في المرحلة الاولى، الأمر غير الملحوظ في خطة باسيل، أو لناحية الضوابط المالية والإدارية المطلوبة، خصوصا وأن الموضوع المالي تمت مناقشته في غياب وزير المال.

على ان مصادر وزارية أخرى قالت ان الجو بين وزراء ميقاتي ووزراء تكتل التغيير والاصلاح ووزراء الحزب التقدمي الاشتراكي كان متشنجا منذ بداية الاجتماع، ولفت بعضهم الى ان الشرح الذي تقدم به باسيل لم يكن مقنعا ومدعما بالأرقام والمعلومات التقنية بعدما ظهر انه استرسل في كثير من النظريات ما اعتبره بعض الوزراء "تنكيعا" بمواقف بعض الوزراء الذي انتقدوا الخطة.

ولفت أحد الوزراء الى صعوبة عبور الملف في جلسة مجلس الوزراء اليوم لأسباب عدة ابرزها ان القراءة التي أجريت في اجتماع السراي "لم تكن كافية ووافية وهي بالتالي غير نهائية".

الامن

من جهة ثانية، وتزامنا مع الحوادث الأمنية المتنقلة استمعت لجنة الدفاع الوطني النيابية في جلستها امس الى وزير الداخلية مروان شربل، وتشعبت الأسئلة النيابية حول هذه الحوادث حسبما توقعت "الجمهورية" بدءا من خطف الآستونيين السبعة الى الإعتداءآت على القوات الدولية واحداث لاسا ومتفجرة انطلياس وانفجار الرويس وصولا الى مسلسل حوادث السير وعدد الضحايا الذي ارتفع بشكل كبير في بعض المناطق.

وقالت مصادر نيابية ان شربل كان واضحا وصريحا في رواياته حول كل حادث بمفرده فلم يأت بجديد لكنه وضع النقاط على كثير من الحروف الغامضة، مشددا على حجم الجهود المبذولة للإمساك بالوضع الأمني والإستقرار في البلد. ولفت الى ان استباق نتيجة التحقيق في بعض الأحداث هو في الغالب ما اثار أجواء البلبلة التي اشار اليها النواب. وجدد التأكيد على "الطابع الشخصي" لحادثة متفجرة انطلياس. واكد ان القانون سيطبق في بلدة لاسا وان المخالفات ستزال ما لم تُسوّ بين الأهالي وأصحاب الأملاك الموضوعة اليد عليها، سواء كانت لمرجعيات دينية او لعائلات في المنطقة. وقال ان الأمور مرهونة بالعمل الجاري لإعادة ترسيم الأراضي في المنطقة وتحديدها في شكل نهائي وتوافقي التزاما بالمبادرة التي قادها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. وعن حادثة الضاحية الجنوبية وخطف الاستونيين لفت شربل الى ان التحقيقات في الأولى مستمرة، كذلك فإن التنسيق بين لبنان وآستونيا والإتحاد الأوروبي مستمر من أجل بلورة تصور نهائي حول خاطفي الاستونيين لتقديمهم الى العدالة لدى تحديد هوياتهم.

وفي ملف حوادث السير لفت شربل الى ان بعض الرادارات توقفت في بعض المناطق وهو امر ادى الى تجاوزات لنسبة السرعة ما قضى على من قام بها من دون رقابة ميكانيكية جيدة لبعض السيارات وقدرتها على تحمل السرعة أحيانا.

وتبنى شربل اقتراحا للنائب ميشال عون بتشكيل لجنة امنية تنسق بين الأجهزة المختلفة لتخصيص الجهود ووضعها في اتجاه واحد متى حصل ما يجب ملاحقته على اكثر من مستوى. ولفت الى ضرورة إجراء قراءة متأنية للوضع في المنطقة والعمل لمنع اي انعكاسات سلبية على الداخل اللبناني

السابق
الحياة: القضاء استمع الى مراسل “تايم”.. المقابلة قررها محررو نيويورك
التالي
… وسقط آخر المهرجين!