هل اقترب الأسد من النهاية؟

ما يثير الشفقة ليس منظر الأسد وهو جالس جنب وزير الخارجية التركي اوغلو وهو ينصحه أن يوقف آلته العسكرية ضد شعبه، ولا الشعب السوري الذي يُضرب بالدبابات، بل الأميركيين وأعوانهم سواء في المحيط الاوروبي او العربي. فالموقف الأميركي تجاه سورية هو مثار الشفقة ويجعل الإنسان يستذكر التعليق الساخر للرئيس الإيراني الاسبق رفسنجاني حينما قال إن أميركا ديناصور بعقل طير!

قبل أن اقول لكم لماذا، مشكلة سورية أنها دولة لها قدمان؛ قدم في المحيط العربي وأخرى في معسكر الممانعة. فهي من جانب تتصف بمواصفات عربية صرفة، فهي دولة عربية يحكمها نظام واحد منذ عشرات الأعوام ولا يوجد فيها معان للديموقراطية من قبيل تداول للسلطة وحرية التعبير والصحافة وانتخابات وبرلمان حقيقي يشرع ومؤسسات المجتمع المدني لجانب دستور فاعل ينظم العلاقة بين الشعب ومؤسسة الحكم، فهي في هذا الجانب كأي دولة عربية أخرى. ومن جانب ثان دولة تقع ضمن الهلال الشيعي وفي معسكر الممانعة ضد إسرائيل وضد التوسع الأميركي ومخططها الشرق أوسطي الجديد!

فلهذا كيفما سرت الحكومة الأميركية معها سترى نفسها في مطب ومشكلة عويصة. فان اتهمت الحكومة السورية بأنها ضد الشعب وبعقلية شمولية، ستجد من بين حلفائها من هم أشد سوءا واستبداداً. وإن سكتت عنها ولم تحرك ساكناً، ظلت سورية دولة مزعجة تؤرق الكيان الصهيوني وتعمل على انهاكه من خلال قوى المقاومة سواء في الداخل الإسرائيلي أو الجنوب اللبناني. وإن تحركت بنفسها، يُطرح التساؤل ما أفضل السبل لإيقافها وتغيير النظام فيها، فهل هو عسكري، أم لا، مجرد عقوبات اقتصادية؟

مستبعد جداً التحرك العسكري لأن سورية تعيش في محيط جيوسياسي معقد. بل التصريحات الأميركية والدولية الأخيرة تحكي لنا عن درجة حساسية الوضع السوري عالمياً. المتبقي اذاً حلان: أحدهما، الاقتصادي والسياسي. لكن وبما أن النظام السوري يقع في معسكر المقاومة الذي أثبت قدرته وجدارته على العيش في ظل هذا الضغط، أكثر الظن أنه سيتعايش مع هذا الحصار كما يفعل دائماً من خلال التلاعب وشق وحدة المواقف الدولية. ولقد سمعنا أن الروس يعارضون الموقف الغربي المتشدد من الأسد، وقبل أيام فقط جددت الأمم المتحدة مشروع الشراكة مع حكومة الأسد للتنمية والتطوير في سورية لغاية 2012 برغم ما فيها من اضطرابات!

أما الثاني فالثورة المخملية. نعم صحيح أن المعارضة وجهت ضربة قوية لنظام الأسد، لكنها هي الأخرى لم يستطع الأميركيون استثمارها كثيراً بسبب عجز قوى المقاومة توحيد صفوفها، فهي منشقة على نفسها باستثناء رغبتها في تغيير الأسد! لذلك استطاع النظام السوري امتصاص الضربة وصار يتعامل معها بأنها قوى خارجية مدسوسة يجب القضاء عليها بدلاً من التفاوض معها. مازلت أظن الطريق طويلا لتحقيق أمنية استبعاد الأسد!

السابق
الحياة: السنيورة.. رفض المحكمة اثبات للتهم وعلى الحكومة السعي إلى تسليم المتهمين
التالي
السفير: نـهـايــة الـقــذافـي!