السفير: نـهـايــة الـقــذافـي!

قبل ايام من ذكرى «الفاتح من سبتمبر»، بدا أن حكم معمر القذافي، وهو النظام العربي الأطول عمرا، دخل ساعاته الاخيرة…
وتسارعت التطورات الميدانية منذ فجر الاحد مع الانهيار السريع لدفاعات قوات القذافي حول العاصمة طرابلس، التي ذكرت انباء غير مؤكدة ان الثوار وصلوا الى وسطها، من دون أي مقاومة تذكر، وذلك بعد أن تكثفت الغارات التي شنتها طائرات حلف شمال الاطلسي لتمهد الطرق امام تقدم الثوار نحوها من كل الجبهات، برغم تأكيد القذافي حتى ساعات ما بعد منتصف ليلة امس انه «سينتصر» في هذه المعركة متهما الثوار بالخيانة والعمالة.

وأظهرت صور ساعات الفجر الاولى، شبانا يحتفلون في احد شوارع طرابلس، في مكان لا يبعد كثيرا عن الساحة الخضراء، فيما ظل مصير العقيد القذافي مجهولا.
وتقدم الثوار الليبيون بسرعة كبيرة باتجاه طرابلس التي كان قسم من سكانها قد انتفضوا أول من امس على القوات الموالية للقذافي. ويشير دخول الثوار الى العاصمة إلى بدء مرحلة حاسمة في الصراع المستمر منذ ستة أشهر، والذي استغله حلف شمال الأطلسي لشن عمليات بحجة حماية «المدنيين».

وقال مراسل قناة «سكاي نيوز» البريطانية في طرابلس إن الثوار، الذين دخلوا من الغرب، وصلوا الى بعد 8 كيلومترات من وسط العاصمة، مشيرا الى ان حشودا من الليبيين تدفقت الى الشوارع لتحية الثوار، الذين لم يلاقوا مقاومة من قوات القذافي.
وأظهرت لقطات على الهواء مباشرة من طرابلس مئات من الليبيين يتدفقون على الشوارع ويطلقون النار في الهواء مبتهجين وهم يهتفون «الله أكبر» مع تقدم شاحنات صغيرة تابعة لقوات المعارضة سريعا الى وسط العاصمة. وشوهد أطفال يتقافزون فرحا في حين كان آخرون يتعانقون ويرددون الهتافات.

وذكرت قناتا «الجزيرة» و«العربية» ان الكتيبة المكلفة بحماية القذافي «استسلمت وتلقي السلاح». وقال رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل لـ«الجزيرة» ان هناك «انباء مؤكدة عن اعتقال (ابن القذافي) سيف الاسلام».
وقال رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل إن محمد الابن الأكبر للزعيم الليبي معمر القذافي استسلم لقوات المعارضة الليبية. وأكد أيضاً أن سيف الإسلام القذافي قد اعتقل.
وبدأت عملية «فجر عروس البحر»، في اشارة الى العاصمة طرابلس، أول من امس، وهي تتم بالتنسيق بين المجلس الوطني الانتقالي المعارض والمقاتلين داخل طرابلس وحولها، و«الاطلسي» وفق ما اوضح المتحدث باسم المجلس الانتقالي احمد جبريل.
وتنفيذا لخطة سرية وضعت منذ اشهر، بدأت «خلايا نائمة» للثوار بالتحرك داخل العاصمة أول من امس، حيث اندلعت اشتباكات مع اتباع القذافي. وقال مصدر دبلوماسي في باريس ان «الخلايا النائمة» في العاصمة ينفذون خطة وضعت منذ اشهر، وكانوا ينتظرون اشارة البدء، التي كانت «الافطار» حيث بدأ ائمة المساجد يدعون الى الانتفاض على القذافي.
في هذا الوقت، كانت طائرات «الاطلسي» تشن اعنف هجمات لها، حيث دوت الانفجارات في غالبية مناطق العاصمة ومحيطها. وأعلن «الاطلسي» انه دمر أول من امس 14 هدفا عسكريا في محيط العاصمة.
وفي مقدمة لإمكانية الدفاع عن المجازر التي قد تقع، قال «الاطلسي» ان التغير السريع في اماكن المعركة وانتقالها الى مدن وقرى يجعل من الصعب على الطائرات تحديد اهدافها بدقة. وقال المتحدث باسمه العقيد رولاند لافوا «يظهر بوضوح تأثير العملية المتواصلة للاطلسي»، مضيفا «قوات القذافي تخسر قدرتها على قيادة العمليات وتنفيذها».
وقال مسؤول في الحلف ان العمليات التي تشن ضد قوات القذافي اخذت منحى جديدا، موضحا «ان الاطلسي يهاجمها بالرغم من انها اعادت استخدام المدفعية والدبابات في محاولة لوقف تقدم الثوار». واعتبر «الاطلسي» ان نظام القذافي «ينهار». وقالت المتحدثة باسم الحلف اونا لونغيسكو «ما نراه الليلة هو نظام ينهار»، مضيفة «كلما اسرع القذافي بإدراك ان لا سبيل امامه للانتصار كلما كان ذلك افضل للجميع».
وقال مقاتل في المعارضة ان طائرات «الاطلسي» هاجمت مواقع القذافي في منطقة جدايم قرب العاصمة طوال الليل.
وقال ممثل المجلس الوطني الانتقالي في دولة الامارات عارف علي نياد «نتوقع الانتصار هذه الليلة»، مضيفا ان الثوار «طلبوا رسميا من الحلف الاطلسي» مشاركة اكبر لمروحيات «اباتشي» الهجومية في المعارك. وأضاف ان «مروحيات اباتشي تمتاز بدقة عالية ونحن في حاجة ماسة الى تدخلها. لقد تقدمنا بطلب رسمي في هذا الصدد الليلة الفائتة».
وقال شهود ان الثوار تمكنوا من السيطرة على حي تاجوراء في الضاحية الشرقية لطرابلس، وكذلك على حي سوق الجمعة. كما تمكن الثوار الآتون من غرب ليبيا من دخول العاصمة الليبية حيث كانت في استقبالهم حشود اخذت تهتف تأييدا لهم. وأفاد مراسل «فرانس برس» ان المقاتلين الآتين من الغرب الليبي دخلوا طرابلس. وتابع ان المعارضين يخوضون معركة شرسة مع قوات القذافي داخل قاعدة معيتيقة الجوية في حي تاجوراء بالعاصمة. ووصل ثوار الى طرابلس بحرا آتين من مدينة مصراتة التي تبعد 200 كلم شرقا، وفق متحدث باسم المعارضة.
وخلال تقدمهم، سيطر الثوار الآتون من جبل نفوسة في غرب ليبيا على ثكنة تابعة لكتيبة خميس القذافي عند مدخل طرابلس حيث استولوا على اسلحة وذخائر.
وكانت هذه الثكنة اكبر عقبة في طريق تقدم الثوار الى العاصمة من الزاوية في الغرب. وأطلق الثوار عشرات السجناء من سجن مية القريب من الثكنة.
وقال مسؤول في حكومة القذافي ان القتال الذي دار في طرابلس خلال اليومين الماضيين أسفر عن مقتل 376 وإصابة نحو ألف من الجانبين.
وأفاد شهود ان الثوار قطعوا العديد من الطرق الرئيسية في طرابلس ولا احد يجرؤ على الخروج. وأمام فندق «ريكسوس» الذي يقيم فيه الصحافيون الاجانب في العاصمة الليبية، اندلعت مواجهات عنيفة بين الثوار وقوات القذافي. ولا يزال عناصر حراسة مسلحون وبعض الموظفين موجودين فيه. واتهم رئيس الاستخبارات الليبية عبد الله السنوسي، في مؤتمر صحافي في الفندق، «الاستخبارات الغربية والحلف الاطلسي بالعمل مع القاعدة لتدمير ليبيا». وأضاف ان «ليبيا لن تحكمها ابدا عصابات ارهابية».
ورغم هذا التقدم غير المسبوق للثوار، اكد القذافي انه لن يستسلم وأنه «سينتصر» في معركة طرابلس. وقال، في رسالة صوتية بثها التلفزيون الليبي هي الثانية له في اقل من 24 ساعة، «سننتصر بإذن الله، لاننا مظلومون لا بد ان ينصرنا الله»، مؤكدا «لن نتنازل عن طرابلس للخونة والمستعمرين».
وأضاف «هذه محاولة بائسة كي يجدوا موطئ قدم لسيدهم المحتل في طرابلس، ازحفوا نحو تاجوراء الآن بالآلاف المؤلفة لتطهيرها من عملاء الاستعمار». وتابع «انا معكم في هذه المعركة. انا في طرابلس. فلتخرج النساء والرجال بالآلاف المؤلفة لتطهر تاجوراء وسوق الجمعة»، مؤكدا بذلك ان هاتين المنطقتين باتتا تحت سيطرة الثوار. وتابع «اليوم يجب حسم المعركة في تاجوراء، اخشى اذا تركتموهم ان يدمروا طرابلس. انا اتخوف اذا لم نتحرك، من انهم سيحرقون طرابلس. لن يكون هناك ماء وطعام وكهرباء او حرية». وكان التلفزيون الليبي بث فجر امس رسالة صوتية للقذافي حض فيها انصاره على تحرير المدن المدمرة.
وكان سيف الاسلام القذافي كرر، في خطاب بثه التلفزيون الليبي، ان نظام طرابلس «لن يسلم ولن يرفع الراية البيضاء». ودعا الثوار الى الحوار. وقال «اذا كنتم تريدون السلام فنحن مستعدون»، مذكرا بأنه «اشرف على اعداد مشروع دستور».
وأكد المتحدث باسم النظام في مؤتمر صحافي ان «آلافا من الجنود وآلافا من المتطوعين يدافعون عن المدينة ويحمونها». وبعث النظام برسائل قصيرة على الهواتف النقالة يــــدعو فيها «الشـــعب الى القضاء على الخونة والعــملاء».

وبعدما خسرت قوات النظام خلال الايام الاخيرة العديد من المدن لمصلحة المعارضين الذين بدأوا عمليتهم في اتجاه طرابلس، اعتبرت دول غربية عدة بينها الولايات المتحدة ان نظام القذافي يوشك على السقوط.
وقال المتحدث باسم البيت الابيض جوش ارنست ان الرئيس باراك اوباما ابلغ بالوضع في ليبيا من جانب مستشاره لمكافحة الارهاب جون برينان. وأكد ان «الولايات المتحدة على اتصال مستمر بحلفائنا وشركائنا والمجلس الوطني الانتقالي». وأضاف «نعتقد ان ايام القذافي معدودة وأن الشعب الليبي يستحق مستقبلا عادلا وديموقراطيا وسلميا»، مكررا الموقف المعتاد للادارة الاميركية حيال الازمة الليبية.

وكان مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جيفري فيلتمان قال، في مؤتمر صحافي بعد اجتماعه بقادة للمعارضة في مقرهم في مدينة بنغازي أول من امس، «من الواضح ان الموقف يتحرك في غير صالح القذافي». وأضاف «المعارضة تواصل تحقيق مكاسب ملموسة على الارض بينما تزداد قواته ضعفا… حان الوقت للقذافي كي يرحل ونعتقد بشدة ان ايامه اصبحت معدودة».

وحض الرئـــــيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الرئيس الليبي على «تجنيب شعبه عذابات لا طائل منها عبر التخلي من دون تأخير عما تبقى له من سلطة». وأضاف «في الوقت الذي تشــــهد فيه منطقة طرابلس، وطرابــــلس نفسها، احداثا حاسمة، يوجه رئيس الجــــمهورية تحية الى شجاعة مقاتلي المجلــــس الوطني الانتقالي وإلى الشعب الليبي المنتفض». وأضاف «يؤكد لهم مجددا الدعم الكامل لفرنسا لانهاء تحرير البلاد من القمع والدكتاتورية».

وعلق وزيـــــر الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني بأن «المأساة» الليبية «توشــــك على النهاية»، فيما اكد وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية اليستير برت ان الوضع بلغ «نقطة حاسمة».
وفي تونس اعترفت السلطات بالمجلس الوطني الانتقالي للمعارضة باعتباره الممثل الشرعي الوحيد للشعب الليبي. ومن ناحية اخرى اضطرت سفينة مالطية كان من المقرر ان تجلي رعايا اجانب من طرابلس الى العودة ادراجها بعد تعرضها لنيران، حسب ما ذكرت الخارجية البولندية.

السابق
هل اقترب الأسد من النهاية؟
التالي
بين العقيد واللواء!