البناء: الأسد: أيّ عمل عسكري ضدّنا ستكون تداعياته أكبر ممّا يتحمّلون ولن نسمح لأيّ دولة في العالم بأن تتدخّل في قرارنا

لكل من ساوره القلق في سورية أو عليها, ولكل من راوده الطمع بسورية أو التسلط عليها, ولكل من أغراه العبث بسورية أو معها, بل ولكل من راهن بسورية الوطن والشعب والقيادة أو عليها, جاء حديث الرئيس بشار الأسد إلى الفضائية السورية أمس ليقول للسوريين عامة: اطمئنوا فثمة حكمة لا يشق لها غبار تدير مصيركم من ألفه إلى يائه نحو الغد الحر الكريم, وليقول للعالم قريبا أم بعيدا، اطمئنوا أيضا, فثمة من يعرف في سورية دواء لكل داء, وثمة من يجيد الرؤية بوضوح مهما اعتكرت الأجواء. قال الرئيس الأسد ما انتظره السوريون وما توقعوه وما كانوا يعيشونه وسيعيشونه دائما، منذ عشرة آلاف عام مضت وإلى عشرة آلاف عام مقبلة، قال إصلاحا وجداول زمنية إلى سورية الغد, وقال مقاومة وكبرياء وقرارا حرا , مثلما قال جرأة واطمئنانا يثلج الصدور ويوسعها.

فقد أطلّ الرئيس الأسد ليؤكد مرة جديدة على أن سورية هي أكبر من كل المؤامرات التي تستهدفها، مراهناً بالدرجة الأولى على وعي الشعب السوري الذي يعلم تماماً أن سورية كما خرجت من كل الأزمات السابقة أقوى، فهي ستخرج من أزمتها الآن أقوى وأشد عزيمة.

وإذ شدد الرئيس الأسد على أن الهدف من كل ما يحصل ليس موضوع الإصلاحات بل هو استهداف دور سورية في المنطقة، أشار إلى أن كل البنود الإصلاحية تسير في اتجاهها الصحيح ووفق مواقيتها المرسومة. وأكد أن عدداً محدوداً من الأشخاص جرت محاسبتهم نتيجة لوجود أدلة دامغة بتورطهم، وسيحاسب من يثبت تورطه، فنحن لن نبرئ مذنباً ولن نحاكم بريئاً.
وفي رسائله الواضحة إلى الخارج، أكد الرئيس الأسد أن سورية لن تسمح لأي دولة في العالم بأن تتدخل في قرارها، لافتاً إلى أن احتمالات العمل العسكري ضد سورية صعبة بسبب جغرافيتها أولاً، وإمكانات سورية التي يعرفونها والتي لا يعرفونها ثانياً، ومحذراً من أن أي عمل عسكري ضد سورية ستكون تداعياته أكبر بكثير مما يتحملون.

مع حديث الرئيس الأسد ومع ارتقاء خمسة جدد من شهداء الجيش والقوى الأمنية أمس، أصبح السوريون شمس هذا اليوم على معينين من الحكمة والتضحية لا ينضبان.. ولن يخذلا سورية والسوريين أبدا.
في التفاصيل، فقد أجرى التلفزيون العربي السوري مساء أمس حواراً مع الرئيس بشار الأسد حول الأحداث التي تشهدها سورية وواقع سورية ووجهتها في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية المحيطة بها إضافة الى مشروع الإصلاح وتنفيذ المراسيم والقوانين الخاصة به وعلاقة سورية مع الغرب وتعاملها مع حملة الضغوط الدولية.
وقال الرئيس الأسد رداً على سؤال حول الدخول في مرحلة الاطمئنان الأمني: لا نستطيع أن نأخذ الجانب الأمني بمعزل عن كل الجوانب الأخرى، والمهم هو الجانب السياسي والجانب الاقتصادي، والجانب الاجتماعي مهم، لكن نسمي كل هذه الجوانب بالجانب السياسي. المهم أن نعرف أين نحن، أن نعرف ما الأسباب السابقة للأحداث الحالية، وأن نعرف لاحقا كيف نتعامل معها.
وأضاف الرئيس الأسد: إن ما يطمئن اليوم ليس الوضع الأمني الذي يبدو أنه أفضل، ولكن ما يطمئن أن المخطط كان مختلفا تماما، كان المطلوب إسقاط سورية خلال أسابيع قليلة، ومن حمى الوطن هو وعي الشعب السوري وهذا ما نطمئن إليه.. فإذا.. تفاقم الأحداث لا يشكل مشكلة الآن.. بالنسبة الى الوضع الأمني حاليا تحول باتجاه العمل المسلح أكثر وخاصة خلال الأسابيع الأخيرة وتحديدا في الجمعة الماضية من خلال الهجوم على نقاط الجيش والشرطة والأمن وغيرها وإلقاء القنابل وعمليات الاغتيال ونصب الكمائن لحافلات النقل المدنية أو العسكرية…
وجوابا على سؤال يتعلق بالتعامل الأمني للقيادة السورية مع الأحداث والقول إن التعامل السوري اختار الخيار الأمني قال الرئيس الأسد: طرح هذا الموضوع عدة مرات وكان جوابي إنه لا شيء اسمه الحل الأمني ولا الخيار الأمني.. يوجد فقط حل سياسي.. لا خيار أمنيا بل يوجد حفاظ على الأمن لكي نكون دقيقين.
وأضاف الرئيس الأسد: لكي نكون واضحين في سورية الحل هو حل سياسي، ولو لم نكن قد اخترنا الحل السياسي منذ الأيام الأولى للأحداث لما ذهبنا باتجاه الإصلاح، وبعد أقل من أسبوع أعلنّا حزمة الإصلاحات، فإذا الاختيار أو الخيار السوري بالنسبة للدولة السورية هو خيار الحل السياسي.. ولكن الحل السياسي لا يمكن أن ينجح من دون الحفاظ على الأمن وهذا واجب من واجبات الدولة.

وحول الجديد الذي حمله اجتماع أعضاء اللجنة المركزية لحزب البعث الذي عقد قبل أيام قال الرئيس الأسد: تناقشنا في موضوع الحزمة الإصلاحية التي طرحت وخاصة بعد قرب انتهاء القوانين التي تحدثت عنها في خطابي على مدرج جامعة دمشق. ولاحقا في الفترة المقبلة سيكون الانتقال الى مناقشة موضوع الدستور وهو شيء جوهري فكان لا بد من الاستماع الى وجهات النظر الموجودة لدى الكوادر.
وردا على سؤال حول الحوار الوطني وإلى أين وصل اليوم قال الرئيس الأسد: لاحظت خلال الفترة الماضية أن هناك أحيانا سوء فهم لما هو محتوى أو ما مهام هذا الحوار الوطني… استغللنا هذا الحوار قبل إصدار حزمة الإصلاحات أو حزمة القوانين التي تسبق الدستور من أجل جس نبض الشارع بشكل عام.. نحن في مرحلة انتقالية وسنتابع القوانين وستكون هناك انتخابات وستكون هناك مراجعة للدستور.. هي مرحلة انتقالية وحتى بعد صدور كل هذه الحزمة سنبقى في مرحلة انتقالية.. والمرحلة الانتقالية هي مرحلة حرجة وحساسة وأهم شيء في هذه المرحلة أن نستمر في الحوار.. فالآن قررنا بعد أن صدرت هذه الحزمة أن نبدأ بالعمل من أجل حوار في المحافظات يتطرق الى كل شيء.. الى القضايا السياسية والى القضايا الاجتماعية والخدمية.. طبعا هذا من مهام الأحزاب.. ولكن الأحزاب في حاجة الى وقت لكي تؤسس وتصبح موجودة في الشارع.

وبشأن الدستور وما إذا كنا أمام دستور جديد للبلاد والخطوات الإجرائية لذلك… قال الرئيس الأسد: هذه إحدى أهم النقاط التي نوقشت خلال اجتماع اللجنة المركزية والفروع في المحافظات.. فتبديل المادة الثامنة فقط هو كلام غير منطقي، وتبديل المواد الأخرى من دون المادة الثامنة أيضا كلام غير منطقي.. وبالتالي التعامل مع أي بند يتطلب التعامل مع كل البنود الأخرى.. فمن البديهي أن تكون هناك مراجعة لكل الدستور سواء كان الهدف المادة الثامنة أم بقية البنود السياسية…
وجوابا على سؤال حول الإجراءات التطبيقية والجدول الزمني والتقريبي لتنفيذ قانوني الانتخابات والأحزاب على الأرض بشكل نهائي، قال الرئيس الأسد: ليس تقريبيا بدقة.. في هذا الأسبوع يجب أن نصدر بالنسبة لقانون الأحزاب اللجنة المعنية بقبول الطلبات أي لجنة الأحزاب، وبالنسبة لقانون الانتخابات أيضا سيكون جاهزا، لكن قانون الانتخابات كان مرتبطا من جانب بقانون الأحزاب ومرتبطا من جانب آخر بقانون الإدارة المحلية الذي سيكون أيضا جاهزا خلال الأيام القليلة القادمة لكي يصدر مع تعليماته التنفيذية، ولاحقا يمكن أن نحدد موعد الانتخابات.
وحول ما تحمله القوانين من جديد للمواطن وللشارع السوري بشكل عام قال الرئيس الأسد: من الناحية التقنية هناك الأشياء الجديدة الموجودة في القانون والتي تزيد من مصداقية وشفافية الانتخابات. وأنا حاورت كثيرا من الشباب خلال الأشهر الماضية.
هناك شعور كبير لدى الشباب تحديدا بالتهميش، وهذا شيء خطر ويخلق إحباطا.. إذا كان الشاب محبطا فأين طاقة الدولة… الشاب هو الطاقة وعندما يحبط الشاب فهذا يعني أن الطاقة في البلد وفي الوطن تخمد وهذا شيء خطر.. فأعتقد أنه لا بد من أن نفكر بطريقة مختلفة كمجتمع ككل بأن هذا الشاب له دور…

وحول الاسراع بتطبيق قانون الإعلام وبحدوث حراك سياسي وإصلاح حقيقي وآلية تنفيذ المراسيم والقوانين والجدول الزمني واجراء انتخابات مجلس الشعب وتعديل الدستور قال الرئيس الاسد: بدءاً من الأسبوع المقبل من المفترض أن نكون جاهزين عمليا لإعلان أحزاب جديدة ولقبول طلبات من الأحزاب ضمن جدول زمني يحدده القانون.

وأضاف الرئيس الأسد: إن قانون الإدارة المحلية انتهى منذ أيام قليلة في الحكومة وسوف يصدر خلال الأيام القليلة المقبلة.. وربط قانون الإدارة المحلية مع قانون الانتخابات هو ربط طبيعي.. نستطيع أن نقول ان انتخابات الإدارة المحلية يمكن أن تكون بعد ثلاثة أشهر من صدور هذا القانون.. أي عمليا في شهر كانون الأول.
وقال الرئيس الأسد: ما تبقى هو قانون الإعلام المفترض أن يصدر قبل نهاية رمضان وتصدر تعليماته التنفيذية ونبدأ مباشرة بتطبيقه.. وبعد حزمة القوانين أي بعد شهر رمضان لا بد من الانتقال إلى تشكيل لجنة من أجل البدء بدراسة ومراجعة الدستور.. هذه اللجنة تحتاج كحد أدنى إلى ثلاثة أشهر ولا أعتقد أنها تحتاج إلى أكثر من ستة أشهر.. فإذا نستطيع أن نقول إن الزمن المتوقع لانتخابات مجلس الشعب هو في شهر شباط المقبل.. وبهذه الحزمة من القوانين والإجراءات نكون قد أنهينا مرحلة الإصلاح من الناحية التشريعية والانتخابية.
وردا على سؤال حول ما إذا كان مرسوم تجنيس الأخوة الأكراد جاء نتيجة القلق من احتمال تحريك هذا العامل في الأزمة قال الرئيس الأسد: عندما قررنا إصدار هذا المرسوم في بداية الأحداث كان جاهزا لذلك صدر بسرعة، أي أن الدراسات كانت منتهية والقرارات جاهزة على الورق، ولم يكن باقيا سوى توقيع المرسوم .. الإخوة الأكراد هم جزء أساسي من النسيج العربي السوري.. وبالتالي هذا التشكيك نعتبره مرفوضا ونعتبر الحالة الوطنية العامة بالنسبة للأكراد والعرب وغيرهم بديهية.

وجوابا على سؤال حول ما يقوله البعض إن القوانين والمراسيم التي صدرت في الأونة الأخيرة ليست إلا حبرا على ورق، قال الرئيس الأسد: الحقيقة لا نستطيع أن نعمم وأن نفترض ان كل المراسيم كانت إنجازا أو أن كل المراسيم كانت حبرا على ورق، هناك كل الحالات ولكن إذا أردنا أن نأخذ الجانب الذي يسمى حبرا على ورق، بغض النظر عن الكلام المغرض، أنا أتحدث الآن عن القوانين التي فعلا لم تحقق نتائج على الأرض فعلينا أن نحلل الأسباب أولا، طبعا نحن نجرب ونتعثر، نحاول أن نتعلم، أعتقد أن الحل الأساسي هو في توسيع دائرة الحوار مع الشرائح المستفيدة. وكلما وسعنا دائرة الحوار بالنسبة لإصدار القوانين خففنا من الأخطاء.. ولكن سنستمر بإصدار القوانين ولدينا مرونة لكي نبدل بالقانون والتعليمات التنفيذية.. فهي ليست كتبا منزّلة، والقوانين تبدل ربما في اليوم نفسه ولا عيب في ذلك.

وردا على سؤال حول محاسبة من أخطأ في المرحلة السابقة أيا كان، قال الرئيس الأسد: كمبدأ نعم والحقيقة إنه ربما يفهم أحيانا من سؤال أو ما يدور بين الناس بأنه لم تجرِ المحاسبة بل حصلت محاسبة عدد من الأشخاص، عدد محدود، هذا العدد المحدود ارتبط بإمكانية إيجاد أدلة دامغة على تورط هؤلاء، فبالمبدأ كل من تورط بجرم ضد مواطن سوري سواء كان عسكريا أو مدنيا فسوف يحاسب، هذا الكلام حاسم.. كل من يثبت عليه بالدليل القاطع بأنه متورط فسوف يحاسب لن نبرئ مخطئا ولن نحاسب بريئا، وهناك مبدأ محاسبة سيطبق على الجميع ولا يموت بالتقادم، لأن حق الدم ليس فقط حقا للعائلة وإنما هو حق للدولة.. وحتى لو تنازلت العائلة عن الدم فسيبقى الحق العام فهذا حقنا لأنه حق الانضباط العام.
وحول التجاوب السلبي للغرب مع موضوع الإصلاحات قال الرئيس الأسد: لو عدنا لمراحل سابقة مع الحكومات الغربية أي شيء تفعله ماذا هو الرد عادة، الرد التقليدي لا يكفي.

وأضاف الرئيس الأسد: الإصلاح بالنسبة لكل هذه الدول الغربية الاستعمارية ولا أقول كل الغرب، كل الدول الاستعمارية من الدول الغربية. هو فقط أن تقدم لهم كل ما يريدون وأن تقول لهم أنا متنازل عن كل الحقوق، هذا هو الإصلاح بالنسبة لهم، تنازل عن المقاومة.. تنازل عن حقوقك.. دافع عن أعدائك.. كل الأشياء البديهية التي نعرفها عن الدول الاستعمارية في الغرب، وهذا شيء أقول بكل بساطة لن يحلموا به في هذه الظروف، ولا في ظروف أخرى.

وحول رده على دعوة أوباما على لسان وزيرة خارجيته وبريطانيا وفرنسا وألمانيا للتنحي قال الرئيس الأسد: في لقاءات عدة مع مواطنين سوريين في الأيام القليلة الماضية سئلت السؤال بطريقة أخرى، كانوا يسألونني لماذا لم تردوا ولم يسألوني ما الرد، عادة أحياناً تردون وأحياناً لا تردون، فقلت نحن نرد، نتعامل مع كل حالة بطريقتها، وأحيانا إن كانت دول شقيقة أو صديقة نرد لكي نوضح الموقف، وخصوصا إذا علمنا بأن هذه الدول ربما أخذت موقفا لا يتناسب مع قناعاتها لأسباب دولية معينة.. أما مع الدول غير الصديقة فأحياناً نرد لكي نقول لهم بأنكم إذا كنتم ستذهبون بعيدا في سياساتكم فنحن جاهزون للذهاب أبعد، وفي حالات أخرى نريد أن نقول لهم بأن كلامكم ليس له أي قيمة من خلال الامتناع عن الرد.. في هذه الحال اخترنا هذه الطريقة لكي نقول لهم كلامكم ليس له قيمة.
وعن وصفه علاقة سورية مع الغرب وتحديداً الدول الكبرى قال الرئيس الأسد: نستطيع أن نصفها بأنها علاقة نزاع على السيادة، هدفهم المستمر أن ينزعوا السيادة عن الدول بما فيها سورية، المشكلة ليست فقط مع سورية، ونحن نتمسك بسيادتنا من دون تردد، كانوا يحاولون التدخل في الشأن الداخلي بطرق لطيفة.. طرق تدريجية لكي نعتاد.. ونحن كنا بالمقابل نجعلهم يعتادون على أن سورية بلد لا تمس سيادته ولا يمس قراره المستقل.
وحول موضوع الضغوط الغربية على سورية والتدخل بشؤونها الداخلية، مع الحديث عن استصدار قرار إدانة من مجلس الأمن واحتمال ضرب سورية عسكرياً من حلف الناتو، قال الرئيس الأسد: بالنسبة للموضوع العسكري أولا.. أي عمل ضد سورية ستكون تداعياته أكبر بكثير مما يمكن أن يحتملوه لأسباب عدة.. السبب الأول هو الموقع الجغرافي السياسي لسورية.. والسبب الثاني هو الإمكانيات السورية التي يعرفون جزءا منها ولا يعرفون الأجزاء الأخرى التي لن يكون بمقدورهم تحمل نتائجها.. ولذلك نحن علينا أن نفرق بين التهويل والحقائق أي بين الحرب النفسية والحقائق.
وأضاف الرئيس الأسد.. القرار الوطني أهم بكثير من أي قرار دولي، هذا موضوع مبدئي.. الموضوع منته، بمجلس الأمن أو بغير مجلس أمن لا يعنينا الموضوع، لكن بالنسبة لكلمة.. أن نخشى .. هذا الموضوع يتكرر الآن ايضا بين الناس أقول يجب أن يكون الموضوع مبدئيا، إذا كنا نخاف من مجلس الأمن ومن حرب ومن غيرها فعلينا ألا نواجه بالأساس وألا نتمسك بالحقوق، ولكن إذا قررنا أن نتمسك بالحقوق والثوابت فعلينا أن نضع الخوف جانبا.

وحول وضع سورية الاقتصادي الآن، وفي المستقبل القريب، في ظل الضغوط الاقتصادية التي تمارسها الدول الغريبة على سورية، والخوف من تاثيرها على لقمة عيش المواطن السوري قال الرئيس الأسد: لا شك أن الأزمة أثرت اقتصاديا ولكنها أثرت لأسباب معنوية، أولا الحصار موجود لم يتغير وما زالوا ينتقلون من خطوة إلى أخرى في ظروف مختلفة، حتى في ظروف العلاقة الجيدة ظاهريا بيننا وبينهم ..لكن بكل الأحوال في العالم الذي نعيش فيه اليوم البدائل موجودة، فالساحة الدولية لم تعد مغلقة، ومعظم البدائل موجودة من أعلى التقنيات إلى أبسط المواد التي نحتاجها هذا من جانب.
وتابع الرئيس الأسد: من جانب آخر إن سورية لا يمكن أن تجوع، فنحن لدينا اكتفاء ذاتي فان تجوع سورية هذا كلام مستحيل.. لذلك علينا ألا نخشى من هذا الموضوع والمهم أن تكون معنوياتنا عالية في الموضوع الاقتصادي، وألا تهزنا الأزمة وأن
نحاول قدر المستطاع أن نعيش الحياة الطبيعة.

وحول العلاقة السورية التركية والموقف التركي المتذبذب كثيرا، وإن كان يميل إلى اللهجة التصعيدية في ما يتعلق بعلاقتها مع سورية، والذي دفع البعض للقول إن تركيا أصبحت أداة أو لعبة بيد واشنطن تحركها كيف تشاء في الشرق الأوسط وفي أي ساعة تشاء قال الرئيس الأسد: بالنسبة الى تركيا، بما أننا لا نعلم النوايا الحقيقية نستطيع أن نضع هذه التصريحات في احتمالات عدة، إذا كانت نوعا من الحرص فنحن نقدر ونشكر حرص الآخرين على سورية، وربما تكون قلقا من أي خلل يحصل في سورية يؤثر على تركيا وهذا قلق طبيعي.. والاحتمال الثالث هو أن يكون محاولة أخذ دور المرشد أو المعلم أو لاعب الدور على حساب القضية السورية وهذا الموضوع مرفوض رفضا باتا من أي مسؤول في أي مكان في العالم بما فيها تركيا.
وبالنسبة الى الإعلام الوطني خصوصاً بعد قانون الإعلام الجديد وعن رفع السقف في ما يتعلق بطرح القضايا الشائكة وممارسته دور الرقيب قال الرئيس الاسد: أنا لا أعتقد بأنه يجب ان نضع سقفا، فالسقف هو القانون الذي يحكم أي مؤسسة.. السقف هو أن يكون الإعلام موضوعيا، وألا تكون لدينا صحافة صفراء تعتمد على الفضائح والابتزاز. هذا هو السقف وإن لم نكن نريد للإعلام أن يساهم بشكل جدي في المرحلة المقبلة، فلا داعي لإصدار قانون جديد، فإذاً الإعلام يجب أن يكون له دور أساسي ومحوري في العملية المقبلة.
وجوابا على سؤال حول نظرته إلى الإعلام في المرحلة الحالية، وفي ما اذا واكب الإعلام الفكر الإصلاحي قال الرئيس الأسد: لكي نكون موضوعيين وأنتم تسمعون كما أسمع أنا من انتقادات للإعلام الرسمي فعلينا أن نقول: هل أعطينا المعلومات للإعلام الرسمي لكي ينطلق هذا أولا، وهل أعطيناه الهامش أيضا لكي ينطلق… فعندما نعطي الإعلام الرسمي الهامش والمعلومات يحق لنا أن نقيمّه سلباً أو إيجاباً عدا ذلك فمؤسسات الدولة الأخرى تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية في نقاط الضعف الموجودة في الإعلام، ومع ذلك أستطيع أن أقول والكثيرون حتى من ينتقد الإعلام الرسمي يقول إن الإعلام في الشهرين الأخيرين قد حقق نقلة مهمة الى الأمام.

ورداً على سؤال حول ماذا تقولون للشعب السوري وخصوصاً أن سورية مرت قبلاً بأكثر من أزمة وخرجت منها أقوى قال الرئيس الأسد: عندما نقول سورية خرجت من الأزمة اقوى فمن خرج هو الشعب السوري نفسه، فلست بصدد أن أقول للشعب السوري عليك أن تطمئن وعليك ألا تخاف لأنك أقوى ولأنك ستخرج أقوى، فهو يعرف ذلك، نحن نتحدث عن حضارة عمرها خمسة آلاف عام على الأقل، ربما منذ كتب التاريخ وقبل ذلك، لا نعرف، ولكن بكل تأكيد كنا موجودين قبل ذلك بكثير فهذا الشعب موجود وفي كل مرحلة من المراحل كان يصبح أقوى، ومن هنا أتت الحضارة السورية بشكلها الراهن ولا يمكن أن نسقط إلا إذا أتت أزمة وأنهت سورية بشكل كامل، ولا أعتقد أننا في مواجهة أزمة ستنهي سورية، فالخيار الطبيعي الذي استطيع أن أتحدث عنه لنفسي أن أقول بأنني مطمئن لأن الشعب السوري كان دائما يخرج أقوى وبشكل طبيعي هذه كأي أزمة سوف تعطيه المزيد من القوة، ولذلك أنا لا أشعر بالقلق ولا أدعو أحداً للقلق وأطمئن القلقين.

تشييع خمسة شهداء
وبالعودة إلى الشأن السوري المحلي، فقد شيعت من مستشفيات تشرين وحمص العسكريين صباح أمس جثامين خمسة شهداء من عناصر الجيش استهدفتهم المجموعات الارهابية المسلحة في حمص ودرعا إلى مثواهم الأخير في مدنهم وقراهم.
وجرت للشهداء مراسم تشييع رسمية حيث لفوا بعلم الوطن وحملوا على الاكتاف بينما عزفت موسيقى الجيش لحني الشهيد ووداعه. والشهداء هم: المقدم عبد اللطيف يونس غانم من طرطوس، المقدم علي ابراهيم خضر من طرطوس، الرقيب يزن باسم سلامة من حمص، العريف خالد علي زيدي من حلب، العريف حسين محسن الخضر من حمص.
كذلك شهدت مدينة جسر الشغور وقراها خلال اليومين الماضيين عودة 121 مواطنا الى بلداتهم وقراهم ممن هجرتهم المجموعات الإرهابية المسلحة بفعل أعمال القتل والتخريب والترويع التي مارستها في المدينة والريف وذلك عبر بوابة الحسانية الحدودية. وعبّر العائدون عن شوقهم إلى بيوتهم وحقولهم وحنينهم الكبير لوطنهم بعد ان شردتهم المجموعات الإرهابية وأبعدتهم عنه تحت تهديد السلاح ما اضطرهم الى ترك منازلهم للحفاظ على ارواحهم وارواح اطفالهم.
سياسيا, أكد رئيس مؤسسة تطوير الثقافة والعلم والتعليم في روسيا دميتري بوندارفكو أن الأحداث الجارية في سورية ومحاولات الدول الاجنبية للتدخل في شؤونها الداخلية تعد تجسيدا واضحا للسياسات الاستعمارية القديمة التي تمارسها الدول الغربية لفرض هيمنتها على سورية ودول المنطقة.

ولفت بوندارفكو الى أن أعمال المجرمين والاستفزازيين الساعين الى زعزعة الاستقرار في سورية عن طريق اثارة الخلافات والانقسامات تثير قلقا متزايدا في المجتمع الروسي. وأوضح أن الرأي العام الروسي يقف بطبيعة الحال الى جانب سورية ويؤيد موقف القيادة الروسية التي أعلنت مرارا دعمها الثابت لسورية في الحلبة الدولية.
وشدد بوندارفكو على ضرورة مواجهة الحرب الإعلامية الشرسة التي تشن على سورية في حرب إعلامية أقوى منها من خلال استخدام احدث التكنولوجيات العصرية، لافتا الى أن الصدق هو السلاح الامضى في الحرب الإعلامية.

كذلك أكد الكاتب والباحث السياسي الروسي نيكولاي ستاريكوف أن الأحداث الجارية في سورية شديدة الارتباط بأجهزة مخابرات أجنبية وأن الطريقة المتقنة التي يستخدم فيها المجرمون الاسلحة الحديثة تؤكد أن هؤلاء تلقوا تدريبات على أيدي خبراء أجانب.
وشدد ستاريكوف على ضرورة استخدام كل الوسائل المتاحة لوضع حد للأعمال الاجرامية في سورية. وانتقد ازدواجية معايير وسائل الإعلام في التعامل مع الأحداث الجارية في سورية.
ورأى ستاريكوف أن روسيا ستبقى متمسكة بمواقفها الرافضة لأي قرارات دولية ضد سورية رغم الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها لثنيها عن هذه المواقف، لافتا الى التعاطف الكبير للشعب الروسي مع الشعب السوري اللذين تربطهما علاقات صداقة وتعاون راسخة.

السابق
الانباء: مقابلة التايم تشعل حرب البيانات بين المستقبل وحزب الله وبلانفورد ينفي إجراءها بنفسه
التالي
النهار: القذافي ثالث زعيم عربي تطيحه ثورة شعبية مصيره مجهول بعد سقوط طرابلس واعتقال سيف الاسلام