هل تندلع الحرب الشاملة في شهر أيلول المقبل؟

نشرت في الأيام القليلة الماضية العديد من التقارير الدبلوماسية والسياسية والإعلامية والأمنية التي تتحدث عن احتمال اندلاع «حرب اقليمية شاملة» في شهر أيلول المقبل بين الكيان الصهيوني من جهة وحزب الله أو ايران أو سوريا أو الفلسطينيين من جهة أخرى، وقد اختلفت التقارير في من سيبدأ المواجهة وما هي الأسباب المباشرة أو غير المباشرة التي قد تؤدي الى اندلاعها.
ففيما اشارت بعض هذه التقارير الى ان الحرب ستبدأ من الجبهة اللبنانية من خلال قيام حزب الله بتسخين الجبهة الجنوبية رداً على التطورات الداخلية وملف المحكمة الدولية وما يجري في سوريا، تحدثت مصادر دبلوماسية واعلامية أخرى عن امكان قيام الجيش الاسرائيلي ببدء هذه الحرب رداً على المساعي الفلسطينية للاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة أو لتوجيه ضربة الى ايران لتعطيل جهودها النووية ونظراً إلى التطورات الجارية في المنطقة، التي اضعفت سوريا وإيران وحزب الله.
وأشارت بعض المصادر أيضاً الى احتمال قيام سوريا بتفجير الجبهة العسكرية مع الكيان الصهيوني وذلك للفت الأنظار عن التحركات الشعبية في سوريا وللرد على الضغوط التي يتعرض لها النظام السوري من القوى العربية والاقليمية والدولية.
فما هي الأسباب والتطورات التي دفعت المراقبين والجهات المعنية إلى توقع حصول حرب في شهر أيلول المقبل؟ وما مدى واقعية هذه التوقعات ومدى استعداد الأطراف المختلفة لشنّ حرب جديدة قد تكون أشد تدميراً وقسوة من حرب تموز 2006

وحرب غزة 2009؟
أسباب احتمال حصول الحرب
تحدثت التقارير الدبلوماسية والسياسية والأمنية عن أسباب عديدة قد تؤدي الى اندلاع «حرب شاملة» في المنطقة في شهر أيلول المقبل وكانت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية قد نشرت دراسة مطوَّلة حول الحرب المقبلة تحت عنوان «الحرب المقبلة: كيف سيكون شكل النزاع الجديد بين حزب الله واسرائيل؟ وكيف يستعد لها الطرفان» وتضمنت الدراسة معلومات مفصلة عن الاستعدادات الأمنية والعسكرية لدى الطرفين والأسباب التي قد تؤدي الى اندلاع الحرب.
كما نشرت في بيروت عدة تقارير دبلوماسية واعلامية ومن مصادر غربية عن احتمال شنّ الجيش الاسرائيلي حرباً على لبنان أو ايران لأسباب مختلفة، فيما اشارت مصادر أخرى الى احتمال قيام حزب الله بشن هجوم كبير على الكيان الصهيوني هرباً من التحديات المختلفة، وتحدث بعض المحللين عن احتمال قيام سوريا بشن الحرب الجديدة للهرب من المشاكل التي يواجهها النظام داخلياً.
وكانت تقارير اسرائيلية قد توقعت حصول تطورات عسكرية على الجبهة الفلسطينية بسبب طلب السلطة الفلسطينية من الأمم المتحدة الاعتراف بدولة فلسطين واحتمال اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة ونشرت مجلة «بمحانية» العسكرية الاسرائيلية تقريراً عن الاستعدادات الاسرائيلية لهذه الحرب.
كما نشر موقع «معهد أبحاث الأمن القومي» الاسرائيلي دراسة موسعة عن شكل المواجهة الجديدة بين الكيان الصهيوني وقوى المقاومة في لبنان وفلسطين.
إذاً، التقارير متنوعة حول احتمال حصول الحرب والأسباب التي قد تؤدي إلى هذه الحرب هي الآتية:
1- الصراع على تنقيب النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية والفلسطينية والخلاف بين لبنان والكيان الصهيوني حول ذلك.
2- استمرار الانتهاكات الاسرائيلية للأراضي اللبنانية وحصول مواجهات على طول الحدود.
3- التطورات الحاصلة في سوريا واحتمال قيام سوريا أو حزب الله بإشعال الجبهة لمنع تدهور الأوضاع.
4- الملف النووي الايراني والمساعي الأميركية – الاسرائيلية لوقف تقدم البرنامج النووي الإيراني.
5- الملف الفلسطيني والمطالبة باعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين أو اندلاع انتفاضة جديدة في الأراضي المحتلة.
واقعية حصول الحرب
المسؤولون في حزب الله يؤكدون الاستمرار في الاستعداد لمواجهة أية حرب جديدة، وقد اطلق الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله تهديدات متواصلة للكيان الصهيوني إن اعتدى على المنشآت اللبنانية النفطية التي ستُقام لاستخراج النفط والغاز.
لكن رغم أجواء التوتر فإن المسؤولين في الحزب يعتبرون «ان امكانية حصول حرب واسعة وشاملة في هذه المرحلة ليس محسوماً، لأن المسؤولين الصهاينة يدركون ان أي حرب سيشنونها، سواء على لبنان أو ايران أو حتى قطاع غزة لن تحقق اهدافها في القضاء على المقاومة أو على البرنامج النووي الايراني، وستؤدي هذه الحرب الى نتائج كارثية ستطال جميع كيانات المنطقة».

وأما عن إمكانية فتح جبهة الجنوب أو جبهة الجولان رداً على التطورات الحاصلة في سوريا وإمكانية تعرض النظام السوري لمخاطر كبرى، فتستبعد مصادر إسلامية لبنانية مثل هذا الاحتمال لأن شن حرب جديدة لن يوقف المخاطر التي يواجهها النظام في سوريا بل قد يزيد من حجمها في ظل انشغال الجيش السوري بمواجهة التحركات الشعبية الداخلية وعدم قدرته على فتح جبهتين داخلية وخارجية في الوقت نفسه.
لكن استبعاد المسؤولين في حزب الله لاحتمال حصول حرب جديدة في الأفق المنظور لا يلغي استمرار الاستعداد لمثل هذه الحرب من قبل كل الأفرقاء المعنيين، ولا يلغي كذلك احتمال حصول تطورات عسكرية أو ميدانية على احدى جبهات الصراع مع الكيان الصهيوني، وخصوصاً اذا حصلت تطورات سياسية أو أمنية غير تقليدية، فالأوضاع في المنطقة تشهد توترات كبرى وكل ذلك يهيئ الأرضية لحصول مثل هذه الحرب. لكن جميع الأطراف يؤكدون ان اندلاع أي حرب جديدة لن يكون حدثاً محدوداً وتقليدياً، بل إن أية مواجهة ستتحول الى حرب مدمّرة وشاملة، فالاسرائيليون يؤكدون «ان عقيدتهم القتالية الجديدة تقضي بتدمير كل لبنان، لا مواجهة مقاتلي حزب الله فقط، وانهم يستعدون لتوجيه ضربات قاسية تطال كل المؤسسات والبنى التحتية اللبنانية»، وبالمقابل فإن قادة حزب الله يؤكدون «ان قيام الجيش الاسرائيلي بأي هجوم يستهدف لبنان سيدفعهم للرد بقوة واستهداف كل الكيان الصهيوني وصولاً لاحتلال الجليل الأعلى، اما اذا دخلت سوريا وايران على خط المواجهة فإن ذلك يعني ان الحرب ستكون شاملة ومدمرة وستأخذ ابعاداً خطيرة».

اذاً لبنان والمنطقة يمران حالياً بأجواء ساخنة وكل الاحتمالات واردة والاستعدادات قد اكتملت لكن من يملك القدرة والجرأة على إطلاق الطلقة الأولى في حرب ستكون مدمرة وشاملة؟

السابق
مشاهدات تتوالى .. وحزب الله «جسمو لبّيس»
التالي
حزب الله والعدالة في سجن مشيمش والحسيني