مشاهدات تتوالى .. وحزب الله «جسمو لبّيس»

مرّ أسبوع على انفجار انطلياس، الذي أودى بحياة شابين من الطائفة الشيعية قرب سيارة أحد القضاة اللبنانيين، تاركاً تساؤلات كثيرة واتهامات وتكهنات غريبة، وكل ذلك قبل الانتهاء من التحقيق او من الافضل القول قبل البدء به أصلا. إتهامات بات معروفاً مسبقاً أنها ستكون موجهة ضدّ حزب الله على قاعدة أنّ “جسمه لبيس وبيتحمل”.

هدأت نفوس بعض الناس بعد انتهاء الاستثمار السياسي والاعلامي الذي رافق الحادثة، وبعد التقرير الذي قدمه وزير الداخلية مروان شربل وأفاد أن الإنفجار وقع نتيجة خلاف مادي بين شخصين، ومن ثم صدر بيان عن القوى الامنية مؤكدا أنه لا بُعد سياسي للقضية، وسجّلت الحادثة في موقف السيارات ضدّ مجهول، وتركت العديد من علامات الاستفهام… فماذا تفعل قنبلة يدوية او متفجرة حاضرة للانفجار بين يدي مدنيين يسحبان المال من المصرف؟ وهل من الطبيعي أن تتم معالجة هذا الانفلات الامني بهذه البساطة على اعتبار أن القتلى هم من المواطنين وليسوا من الطاقم السياسي؟

غموض تكلل بفلكلور إعلامي وفرصة لأصحاب الاقلام الصفراء لإطلاق العنان لأفكارهم وفبركة القصص والروايات الفارغة، موترين الشارع العام ومتعدين على أعصاب الناس وكأن هؤلاء لعبة باياديهم، وكل ذلك بفعل العادة، فقط تعودت وسائل الاعلام على المشارعة والتنافس بين 8 و14 آذار وبين أكثرية وأقلية أو معارضة وموالاة… في زمن يغلب عليه طابع الصدفة.

ما أجمل الصدف وما أكثرها في لبنان، إذ تزامن انفجار محلة انطلياس مع انتهاء مهلة الثلاثين يوما المحددة لتوقيف المتهمين الواردة اسماؤهم في القرار الاتهامي الصادر عن مدعي عام المحكمة الدولية دانيال بيلمار في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ومع صدور بيان عن القاضي انطونيو كاسيزي يطلب من المتهمين الأربعة التعاون وبدء مرحلة البحث عن محامين للدفاع عنهم واعدا الشعب اللبناني بصدور مزيد من القرارات الاتهامية في الايام القادمة. اكتمل هذا اليوم بلقاءات سرية في مكتب المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا بين فريق من المحققين الدوليين وكل من النائب مروان حمادة والوزير السابق الياس المر والزميلة مي شدياق للتحقيق معهم أو لأسباب أخرى لم تعلن لسرّيتها. في حين سارع رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى دعوة المجلس الاعلى للدفاع إلى الاجتماع رداً على سلسلة الاحداث التي بدأت في طرابلس والصراع المتقطع في جبل محسن ومن ثم الاحداث المتفرقة في الجنوب بين الجيش وإسرائيل من جهة والحوادث المرتكبة ضدّ قوات اليونيفيل، وأيضا لبحث قضية الإتهامات بتهريب السلاح إلى الداخل السوري وصولا إلى هذا الانفجار الذي كسر حاجز الصمت وأوصل الى التوافق على وضع خطة أمنية لدرء خطر تجدد سلسلة الاغتيالات التي شهدها لبنان في العام 2005 .

وصدفة أخرى في الفترة نفسها شوهت أهميتها والغي الحديث عنها لارتباطها بنائب في البرلمان اللبناني، إذ قامت نقابة الغواصين بإصدار بيان مُرفق بصور، يتهم النائب هادي حبيش، بأنّ شركته تسرق رمول بحر لبنان عبر وضع 5 شفاطات من العيار الثقيل في عرض البحر وكل ذلك دون رقيب أو رادع وكأنها ملك خاصا له، مع غياب كامل للمتابعة الاعلامية لهذه الكارثة البيئية والوطنية المتلمثلة بسرقة أملاك عامة من قبل أحد ممثلي الأمة!

ثم كانت صدفة جديدة هي بذكرى انتصار لبنان ومقاومته في حرب تموز 2006 ضدّ العدو الاسرائيلي، التي أرّخت هزيمة أقوى ترسانة عسكرية في الشرق الاوسط أمام المقاومة اللبنانية، والتي ما تزال ضرباتها وارتداداتها تطرق على رؤوس السلطات الاسرائيلية وشعبها، بحيث تسعى الحكومة إلى مراجعة حساباتها وكشف نقاط ضعفها وعمل كل ما يمكن فعله لحفظ ماء الوجه، إن بانفجارات او اغتيالات لتأجيج الفتنة وزيادة الشرخ والانقسام وإن بسياسة الضغط المحلي والاقليمي والدولي لرفع خطر السلاح الموجه نحوها، بهدف معالجة أزماتها الداخلية التي تشتد حدتها كلما ذكرت صيغة التوازن العسكري النوعي والجزئي والكمي بين لبنان واسرائيل. وهذه الاخيرة ما زالت تتخبط وتتنقل من دولة إلى أخرى للوصول إلى صيغة تعوّض عن حجم خسارتها التي مضى عليها خمس سنوات وما زالت قائمة من خلال بناء آلاف المستوطنات لنقل مواطنيها المقيمين من منازلهم المجاورة للحدود اللبنانية خوفا مما قد يكشف في المرحلة المقبلة إذا ما فكرت اسرائيل بالاعتداء على الدولة اللبنانية مرة جديدة.

مرت الذكرى كما أنها لم تكن بفعل الضغوط السياسية والاعلامية الممارسة على حزب الله، لتتكلل هذه الممارسات بصدفة جديدة مع صدور الجزء الاكبر من القرار الاتهامي على العلن موضحا أوقات لاتصالات قام بها اعضاء من حزب الله بالدقائق والثواني على قاعدة ان تحقيق 6 سنوات قائم على تحليل لاتصالات اللبنانيين، وعلى استنتاجات وافتراضات لم تحمل جديد بل هي معلومات قد عرضت مسبقا من خلال تقارير اعلامية وتسريبات صحفية !

صدف وحقائق منها ما هو مفتعل لالهاء الشعب بأمنه لاتمام صفقات ملغومة ومنها ما هو معلوم ومتمثل باتهام حزب الله الذي بات اتهامه كما شرب الماء، فقبل ان يقع الانفجار او بعده النتيجة واحدة والمتهم واحد وبناء لأصحاب المخيلات هناك انفجار سيهزّ إحدى القبائل البرازيلية المنقرضة في الامازون بعد أشهر والمجتمع الدولي حقق وسجل اسم المتهم، وهو نفسه منذ أكثر من خمس سنوات.

السابق
عدم المشاركة !!
التالي
هل تندلع الحرب الشاملة في شهر أيلول المقبل؟