فرصة لا تجوز اضاعتها

حدث مُلحة قديمة ـ ليست من النوع المضحك جدا لكنها ذات صلة جدا ـ عن ضيف يدخل مطعما ويطلب مرق البندورة، فيقول له النادل لا يوجد. فليكن مرق الفاصولياء، يقول الضيف، فيقول النادل نفد. فربما مرق البروكلي يحاول الضيف. نحن لا نطبخ مرق البروكلي، يجيب النادل، فمرق الدجاج؟ يسأل الضيف بصوت دقيق، أربما عندكم بالصدفة مرق دجاج؟ ليحفظنا الله، يغضب النادل، كم مرقا يريد سيدي؟!.

اذا كان هذا هو المشبه به فان المشبه هو الامور التي تكتب هنا منذ خمس سنين وشهر في شأن جلعاد شاليط. فالكلام المكرر، بصيغ مختلفة والذي يفضي في نهاية الامر الى نفس المكان بالضبط: إدفعوا الثمن وأعيدواشاليط الى البيت. اذا لم يكن مقابل 100 من ناس حماس فليكن مقابل 200، وإن لم يكن مقابل 200 فليكن مقابل 300. وكذلك ايضا الاجوبة التي تدحرج نحو أسفل من القدس: ليس هكذا، ولا على نحو آخر وليس غدا، وفي الغد كذلك فقط، وليس بهذا السعر ولا بذاك السعر وليس بسعر ألبتة.

إن الأنباء التي تنشر في هذه الايام عن ان خالد مشعل يأتي الى القاهرة تُعيد التفاوض في شأنشاليط الى العناوين الصحفية. ربما جاء في الحقيقة للفحص عن امكانية نقل مقر قيادة المنظمة من دمشق الى القاهرة، حيال الأحداث في سورية. وربما وجب علينا أن نأخذ في الحسبان أن له ترتيب أفضليات خاصا به لهذه الاتصالات بالقاهرة. لكن وكما كتب هنا أمس اليكس فيشمان، ربما توجد هنا ايضا فرصة للعودة الى مائدة المباحثات، ولمسح الغبار عن مقترحات قديمة، والفحص عن جديدة، ولنرى ماذا يمكن أن نفعل في نهاية الامر كي ينتهي هذا النضال من اجل اعادة شاليط.

منذ خمس سنين واربعة اسابيع ودولة اسرائيل في اختلاف بين أجزاء تتغير مع الوقت بين من يعتقدون أن كل ثمن، سليم بالطبع، مناسب واولئك الذين لا يأتي في حسابهم أي ثمن سواء أكان سليما أم باطلا. وفي خلال ذلك يستمر والدا شاليط، أفيفا ونوعام في الانتظار ومعهما الشقيق يوآل والجد تسفي وأبناء العائلة الآخرون، وجزء كبير من شعب اسرائيل يعتقد أنه حان الوقت، أنه حان وقت دفع الثمن واعادته الى البيت.

نسمع أن حماس لم تغير مطالبها. وعندنا، وماذا نفعل، لا توجد دعاوى جديدة. والدعاوى القديمة ايضا أخذت تضعف لا لأن الزمن يدحضها مثل اللاءات العامة والتعب الجماعي الذي يغشانا جميعا في ذروة الصيف وذلك بيقين حينما تُجذب جميع الطاقات الى الخيام في روتشيلد.

قيل كل شيء تقريبا من قبل. عن المعاناة الخاصة، والخوف الخاص والتوقع الفظيع الذي يرهق الجسم والنفس.
وقد قيل بلا نهاية كل ما يمكن أن يُقال عن الحساب النهائي وحساب الربح والخسارة في الأمد البعيد. وعن فقدان ثقة الجمهور بالتزام المؤسسة السياسية الامنية لكل واحد اجل لكل واحد من أبناء هذه الدولة يُرسل الى المعركة. قيلت الاقوال وتلاشت، عن أن عدة عشرات من المخربين في الضفة لن يغيروا الصورة العامة ولن يخيفونا لا بالارقام ولا بالهدف. وسؤال هل يفرج عنهم الى الضفة أو الى القطاع يُثقل على متخذي القرارات، لكن الصفقة يجب ألا تنفذ أو تسقط بسبب ذلك.

إن النضال الذي لا يفضي الى أي مكان، وجنديا مختطفا لا يفرجون عنه، واحتجاجا يضيع صوته أخطر كثيرا على منعة دولة اسرائيل.
لا تضيعوا الفرصة الحالية. إدفعوا بالقوة نحو كل صدع صغير فُتح لنا في التفاوض الآن.

السابق
نبوءة سائق بريطاني
التالي
اسرائيل تعيش الذعر 7 قتلى بعملية نوعيّة