النهار: المحكمة تطالب لبنان بتكثيف جهوده وتلويح فرنسي بالانسحاب من اليونيفيل

ظلل نص القرار الاتهامي للمحكمة الخاصة بلبنان في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه والذي نشرته المحكمة بمعظم أجزائه أول من أمس، المناخ الداخلي وطغى على مجمل الملفات المطروحة بما فيها ملف الكهرباء الذي أرجأ مجلس الوزراء بته أمس الى مطلع الاسبوع المقبل سعيا الى توفير تفاهمات سياسية بين أطراف الحكومة عليه.

وإذ سجلت حملة اعلامية واسعة وحادة على القرار تناوب عليها عدد من حلفاء "حزب الله" وسوريا في وقت متزامن، بدت المحكمة ماضية في الاجراءات المكملة لاصدارها مذكرات التوقيف في حق المتهمين الاربعة في ملف الحريري ونشر الجزء الاكبر من القرار الاتهامي. وقد اتبع رئيس المحكمة انطونيو كاسيزي هاتين الخطوتين باصدار تقويمه للتقرير الذي قدمته السلطات اللبنانية قبل اسبوع عن الخطوات التي اتخذتها بحثا عن المتهمين. واعتبر في بيان اصدره أمس ان الجهود التي بذلتها السلطات اللبنانية "معقولة وتستوفي الشروط المنصوص عليها في المادة 147 من قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني".

لكن كاسيزي دعا هذه السلطات الى "تكثيف جهودها لاعتقال المتهمين"، مشددا على وجوب "استمرار الجهود الرامية الى احتجازهم". وأعلن ان "على النائب العام لدى محكمة التمييز اللبنانية الآن ان يقدم تقريرا شهريا الى المحكمة في هذا الشأن".
وتطرق رئيس الوزراء نجيب ميقاتي لدى رئاسته جلسة مجلس الوزراء أمس في السرايا الى بيان كاسيزي ونشر أجزاء من القرار الاتهامي، فقال "إن ما يعنينا هو الوصول الى الحقيقة في الجريمة بعيدا من أي تسييس او انتقام"، ملاحظا انه "كما في المرة السابقة أظهر القادة اللبنانيون وعيا وحسّا كبيرين بالمسؤولية (…) وعلينا التأسيس على هذا الوعي وعدم جرّ البلاد الى ما يريده المصطادون في الماء العكر الذين ينفخون في نار الفتنة الطائفية والمذهبية".

كما تحدث ميقاتي في افطار لجمعية المقاصد الخيرية الاسلامية فشدد على "تحصين وطننا لئلا نتعرض لتداعيات الوضع في سوريا على رغم أن ما من أحد إلا وينبذ إراقة الدماء من كل الاطراف ويؤيد الاصلاحات". وأضاف: "لنكن القدوة في عدم التدخل في شؤون الآخرين مثلما كنا نطالب بعدم تدخل الآخرين في شؤوننا"، لافتا الى "أن هناك خصوصية للعلاقة بين لبنان وسوريا وعلينا ان نحصنها بعدم التدخل في شؤون الآخرين".
في غضون ذلك، علمت "النهار" ان قيادات قوى 14 آذار أجرت سلسلة اتصالات ولقاءات في ما بينها عقب صدور القرار الاتهامي وخطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله مساء الأربعاء الماضي وخلصت إلى قرار بالتعامل مع "حزب الله" على انه "معرقل لسير العدالة وحام للمتهمين"، وقررت خطوات عملية للمواجهة السياسية ستبدأ بالظهور تباعاً. وأبلغت مصادر بارزة في هذه القوى "النهار" أن اجتماعاً موسعاً لقياداتها سيعقد على الأرجح مطلع الأسبوع المقبل على أن يصدر عنه بيان وصفته بأنه "مفصلي وصارم" ويليه لقاء استثنائي في فندق "البريستول" في موازاة حملة متعددة الوجه والنشاط قد تصل الى التظاهر "دفاعاً عن المحكمة الدولية والعدالة ولحمل حكومة الرئيس ميقاتي على الوفاء بالتزامات لبنان الدولية أو الاستقالة".

أما على صعيد الأصداء الدولية لنشر القرار الاتهامي للمحكمة، فبرز موقفان لواشنطن وباريس.
وصرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند بأن القرار الاتهامي الصادر عن المحكمة الخاصة بلبنان يشكل "مرحلة مهمة" في محاولة لبنان وضع حد للعنف السياسي. وقالت: "نحن نثمّن العمل الذي قامت به المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وندعو الحكومة اللبنانية الى مواصلة الوفاء بالتزاماتها تجاه القانون الدولي من خلال دعمها المحكمة الخاصة".

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية أن "العدالة يجب أن تأخذ مجراها" في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وأوضحت أن "فرنسا تؤيد عمل المحكمة الدولية منذ انشائها وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 1757"، مشيرة الى ما صدر في اليومين الأخيرين من قرار اتهام في قضية الحريري.

ساركوزي و"اليونيفيل"
وفي سياق آخر، برز امس تطور لافت تمثل في نشر الموقع الالكتروني للسفارة الفرنسية في بيروت نص رسالة وجهها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى نظيره اللبناني ميشال سليمان ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي في الثالث من آب وأكد فيها ان فرنسا قد تعيد النظر في مشاركتها في القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان "اليونيفيل" اذا تعرضت لاعتداء مماثل للهجوم الذي استهدف جنودها في نهاية تموز.
وقال ساركوزي في الرسالة التي لم تكشفها بيروت: "اذا تكرر هجوم 26 تموز 2011 فانه سيطرح بالنسبة الى فرنسا سؤالاً عن مبرر ابقاء جنودها في مواجهة أخطار لا تتعامل معها الدولة المضيفة كما ينبغي". وأضاف: "من الضروري تالياً اتخاذ تدابير سريعة لضمان الأمن وخصوصاً على الطريق التي تصل بين الشمال والجنوب". وأبدى "استعداد" فرنسا لتعزيز تعاونها مع الجيش اللبناني الذي ينتشر في الجنوب.

السابق
تساؤل ؟
التالي
أيّ خيار سيذهب إليه حزب الـله؟