المعوقون والأطفال يمثّلون خطراً على أمن اسرائيل !!

لا بد، أن أحداً ما في هذا العالم، لا يزال يذكر حكاية المواطن نعيم ذياب (27 عام) الفلسطيني، وهو أصم وأبكم من بلدة كفرراعي بالقرب من جنين، التي حدثت بتاريخ 20 تشرين الثاني 2001، حيث قامت مجموعة كبيرة من جنود الاحتلال، بعدما تلقى أمرا بالوقوف من قبل بضربه ضرباً مبرحاً لمدة ساعتين متواصلتين، بسبب أنه وبحكم إعاقته لم يسمع نداء جندي «اسرائيلي» بالتوقف، ما سبب له صدمة نفسية أدت إلى تدهور صحته، إلى جانب كل ما يعانيه من إعاقة في السمع والنطق.

أو ربما يذكرون، ما حدث في تاريخ 28 تشرين الأول، حين2002 عندما اعترضت دبابة عسكرية «إسرائيلية» أمام كاميرات الإعلام، بإعتراض سيارة إسعاف فلسطينية، كانت تقل المواطن المقعد (بسبب بتر ساقه) بسام أديب جرار (42 عاماً)، والمواطن الكفيف محمد أحمد عبدالكريم عصاعصة (46 عاماً)؛ من المستشفى في جنين إلى قرية جبع حيث يسكنون. حيث اعتقل جنود «الدفاع»، المواطنين ونكّلوا بهم لساعات طويلة واحتجزوهما لـ«أسباب أمنية»!.

نعم، بالنسبة إلى ما يجري في فلسطين يومياً، إنها حكايات أقل من عادية، لكن السؤال «ماذا تحرك هذه الحكاية في ضمائر دعاة الحفاظ على حقوق الانسان حول العالم»؟.

استهداف ممنهج
في السادس عشر من آب الجاري، قتلت قوات الاحتلال في ساعات المساء الفتى سعد عبد الرحيم المجدلاوي (17 عاماً) من سكان مخيم النصيرات، الذي يؤكد ذووه أنه يعاني من إعاقة عقلية جزئية، تؤثر أيضاً في حركته الفيزيولوجية، لتواجده على بعد 400 متر من الشريط الحدودي مع «إسرائيل» شرق مدينة دير البلح وسط القطاع.

وفي الخامس عشر من أيار الماضي قتلت قوات الاحتلال في جريمة جديدة من جرائم الاستخدام اليومي للقوة المسلحة المميتة ضد الفلسطينيين، طفلا مختلاً عقلياً بالقرب من معبر "ناحل عوز" الحدودي مع «إسرائيل» شرق مدينة غزة، بعد إطلاق قذيفة مدفعية باتجاهه، حيث عثرت الأطقم الطبية الفلسطينية على الطفل القتيل على بعد نحو 300 متر إلى الغرب من المعبر، وهو مصاب بشظايا قذيفة مدفعية في الصدر والرأس ونقل إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة.
وفي الثالث من تشرين الثاني 2010 فتحت قوات الاحتلال النار باتجاه مختل عقلي شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، عندما اقترب من الحدود مع «إسرائيل»، ما أدى إلى إصابته بجروح فوق المتوسطة.

القتل هو الغاية
المحامي جميل سرحان رئيس الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان والمختص القانوني عقَّب على هذه المسالة قائلاً: «من حيث المبدأ فإن «إسرائيل» تمارس القتل باستمرار ومن دون أي مبرر أو مسوغ قانوني وبشكل ممنهج، بهدف إيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر الفلسطينية البشرية وغير البشرية، بما في ذلك إطلاق النار على من يقترب من الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، ما يخالف القانون الدولي«.

وأضاف سرحان أن تفصيلات هذه الأحداث وغيرها، تؤكد أن «إسرائيل» تهدف إلى القتل من أجل القتل، حيث ظهر للعيان أن المواطن المجدلاوي الذي قُتل مساء أول من أمس غير مسلح ولا يرتدي بزة أو زياً عسكرياً بل أكثر من ذلك فإنه ظهر في سيره ووقوفه أن لديه مشكلة في عقله، حيث كان بإمكان جنود الاحتلال تحذيره بالتوقف أو احتجازه أو اعتقاله إلا أنهم يمارسون القتل من دون تمييز أو ضرورة عسكرية، الأمر الذي يخالف قواعد القانون الدولي الإنساني.

انتهاك دولي
وتابع إن هذا الأمر يستدعي التوقف وإعادة النظر في آليات مواجهة الاحتلال وفضح سياسات القتل التي يمارسها بحق المدنيين، والتي كان جزءاً منها الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة أو المعوقون، مؤكداً أن الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة مكفولون بحماية القانون الدولي الإنساني، حيث أكدت ذلك اتفاقية جنيف الرابعة والملحقان الخاصان بها وجميع المعايير الدولية التي تنظم العلاقات ما بين الجهات المتحاربة.

وطالب سرحان جميع الجهات القانونية والحقوقية بعمل ملفات قانونية مكتملة توضح فيها الوقائع والأساليب القانونية، وتعمل على توثيق ذلك بهدف توحيد الجهة تحو مقاضاة "إسرائيل" لدى المحاكم الوطنية في الدول المختلفة، مؤكداً أن انتهاكات حقوق الإنسان لا تسقط بالتقادم وسيتقاضى «إسرائيل» يوماً «ما» على ما ارتكبته من جرائم بحق المدنيين العزل.

حرب متواصلة
من جهته، جدد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إدانته لهذه الجرائم، مؤكداً أن تلك الجرائم تأتي وفقاً لسلسلة متواصلة من جرائم الحرب «الإسرائيلية» في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تعكس مدى استهتار تلك القوات بأرواح المدنيين.

ودعا المركز في بيان له، المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف تلك الجرائم، مجدداً مطالبته الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها الواردة في المادة الأولى من الاتفاقية والتي تتعهد بموجبها بأن تحترم الاتفاقية وأن تكفل احترامها في جميع الأحوال، كذلك التزاماتها الواردة في المادة 146 من الاتفاقية بملاحقة المتهمين باقتراف مخالفات جسيمة للاتفاقية، علماً بأن هذه الانتهاكات تعد جرائم حرب وفقاً للمادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين وبموجب البروتوكول الإضافي الأول للاتفاقية في ضمان حق الحماية للمدنيين.

وأكد أن كل تحقيقات المركز تدل على أن قوات الاحتلال استخدمت القوة المفرطة وأطلقت النار مباشرة على الطفل المجدلاوي بهدف قتله، على الرغم من أنه لم يمثل تهديداً لحياة جنودها وأنه كان موجوداً ضمن المنطقة المسموح التواجد فيها.

السابق
الحالة المصرية..هل هي الصراع بين الليبراليين والإسلاميين؟
التالي
مانجيان: خطة الكهرباء التي قدمها الوزير جبران باسيل ستقر الثلاثاء المقبل في جلسة مجلس الوزراء العامة