لم يحمل جديداً ويخدم مسلسل المحكمة المسيسة

لم تحمل "الدفعة الجديدة" من تفاصيل القرار الاتهامي الصادر عن المحكمة الدولية بشأن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري أي جديد، سوى أنها جاءت في سياق مسلسل إذاعة هذا القرار المسيَّس وفق روزنامة زمنية وسياسية باتت معروفة الأسباب والأهداف.

وعلى عكس ما يتوخاه الفريق الذي يتسلح ويراهن على هذا القرار، فإن ردود فعل الناس شكّلت صدمة لهؤلاء، خصوصاً أن معظم الرأي العام اللبناني بات يدرك جيداً الدوافع السياسية وراء تظهير هذا القرار بالتقسيط وعلى دفعات، ويعرف أيضاً أنه تحوَّل إلى أداة لإثارة الفتنة في البلاد.

ويشكل المشهد الذي سجل في ساحة النجمة ومحيطها أمس نموذجاً لهذه الردود، فبينما كانت وسائل الإعلام تذيع بالتفصيل الممل نص القرار الاتهامي كانت الحكومة والمجلس يجتمعان تحت قبة البرلمان لمناقشة وإقرار عدد من مشاريع واقتراحات القوانين في أجواء تشريعية طبيعية غابت عنها السجالات السياسية التي كانت قد سجلت في جلسات سابقة.

أما في ساحة النجمة فكان الجو هادئاً إلى درجة السكون.. ولولا بعض الحركة الناجمة عن انعقاد الجلسة التشريعية لكانت الساحة ومحيطها في حالة من السبات العميق.
وحدها بعض وسائل الإعلام استعادت أو أعادت تكرار مشهد الجريمة بطريقة تطرح علامات استفهام حول التناغم بين إصدار القرار وتلقف بعض وسائل الإعلام له، والعكس صحيح. ففي السابق أذاعت بعض وسائل الإعلام الغربية والعربية معظم مضمون القرار قبل صدوره بسنة أو سنتين أو أكثر.

ويقول مصدر سياسي في الأكثرية إن ما شهدناه هو أحد فصول المحكمة الدولية المسيسة، وإن مضمون القرار الاتهامي ليس جديداً على الإطلاق، ملاحظاً أنه يرتكز على سيناريو وهمي يعتمد بالدرجة الأولى على عنصر الاتصالات الذي بات معروفاً للقاصي والداني.

ويضيف: المهم في ما أذيع هو أن هناك إصراراً على المضي في هذا المسلسل الذي اسمه المحكمة الدولية لغايات سياسية تستهدف بالدرجة الأولى المقاومة والضغوط على حزب الله وما يمثِّله في هذا الإطار.
ويلاحظ المصدر أن توقيت إذاعة مضمون القرار ليس بريئاً على الإطلاق، بل هو مدروس ومبرمج ويأتي في سياق السعي إلى إثارة القلاقل والنيل من الاستقرار في البلاد، وهو يصب في خانة خلق أجواء فتنة لا يستفيد منها أحد سوى أعداء لبنان.

ولا يستبعد أن يكون التوقيت مرتبطاً أيضاً بالحملة التي تشنها واشنطن ودول أخرى على سورية التي تشكل الداعم الأول للمقاومة في لبنان، والتي يحاولون اليوم الاقتصاص منها نظراً لموقفها المقاوم والممانع في المنطقة.

وفي رأي المصدر أن مفاعيل مثل هذه المحاولات، أي إعلان مضمون القرار الاتهامي اليوم، هي ضعيفة للغاية وتكاد تكون معدومة، لأن التجربة السابقة مع القرار الاتهامي أثبتت عدم صدقيته، وأكدت أنه مجرد وسيلة ضغط تمارس عبر محكمة مسيسة الهدف منها أولاً وأخيراً النيل من المقاومة.

ويقول المصدر: لقد عرف اللبنانيون سلفاً الجهات التي وجّه إليها الاتهام، وعرفوا أيضاً السيناريو الذي وضع على أساس شهادات الزور التي رتّبت ونظمت من بداية التحقيق. وبالتالي، فإن ما أذيع في هذا الصدد أمس، لم يكن ولم يحمل أي جديد سوى أنه جاء في سياق هذا المسلسل الذي بدأ بشهود زور، ويستمر لخدمة أغراض سياسية لا تخدم لبنان ولا مصلحة اللبنانيين.

السابق
ذكاء اميركي مزعوم
التالي
السياسة تأمر..واللاذقية تنزف