اللواء: لمحكمة تنشر قرار اتهام 4 من حزب الله بجريمة الحريري

مع انتقال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الى الخطوة التالية والقاضية بالرفع الجزئي للسرية عن مضمون القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والذي سمى اربعة عناصر من حزب الله كمتهمين في الجريمة <بمسؤوليتهم الجنائية الفردية في الاعتداء على رفيق الحريري>، ايذاناً بالانتقال الى المحاكمة الغيابية، يكون لبنان دخل مرحلة جديدة في مجالات السياسة والامن والقضاء، وربما في العلاقات بين الكتل والاحزاب·

ومن المؤكد ان مرحلة ما قبل 17 آب 2011 لن تكون بالضرورة مماثلة او امتداداً للمرحلة التي سبقتها:

1- المدعي العام لدى المحكمة دانيال بيلمار رحب بقرار المحكمة رفع السرية عن القرار الاتهامي، مع الابقاء على وقائع اخرى لن يكشف النقاب عنها الا في قاعة المحكمة، حيث تعقد محكمة مفتوحة وعلنية وعادلة وشفافة تصدر حكماً نهائياً·

2- شكل قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين تصديق قرار الاتهام، تأكيداً على ان القاضي بيلمار <قدم ادلة كافية بصورة اولية للانتقال الى مرحلة المحاكمة>· ومن وجهة اجراءات المحكمة اعلن فرانسين <ان قرار الاتهام يلبي شرطي التعليل والدقة اللذين يفرضهما الاجتهاد القضائي الدولي>، وفهم ان السرية <مرتبطة باعتبارات امن المتضررين والشهود ومسائل يمكن ان تؤثر في تحقيقات المدعي العام الجاري> وفقاً لما جاء في قرار القاضي فرانسين·

3- جاء في القرار ان الاشخاص الاربعة، وهم على التوالي: مصطفى بدر الدين (بأسمائه المتعددة)، وهو مسؤول العمليات الخارجية في حزب الله، وسليم عياش واسد صبرا وحسين عنيسي ينتمون الى حزب الله، وهؤلاء الاشخاص <دربهم الجناح العسكري للحزب ولديهم القدرة على تنفيذ اعتداء ارهابي، بغض النظر عما اذا كان هذا الاعتداء لحسابه (اي الحزب) أم لا>·

4- حدد القرار طبيعة التهم وطبيعة المسؤوليات في تنفيذ الاعتداء، فاتهم بدر الدين <بأنه المشرف على الاعتداء، وعياش بالقيام بتنسيق مجموعة الاغتيال المسؤولة عن التنفيذ الفعلي، وحسن عنيسي وأسد صبرا باعداد وتسليم شريط الفيديو الذي أعلنت فيه المسؤولية زوراً بهدف توجيه التحقيق إلى أشخاص لا علاقة بهم بالاعتداء، وذلك حماية للمتهمين المتآمرين من الملاحقة القضائية>· والتهمة المشتركة للاربعة هي الاشتراك في مؤامرة هدفها عمل إرهابي، فيما اتهم عياش وبدر الدين <بارتكاب عمل ارهابي واستعمال أداة متفجرة والقتل عمداً ومحاولة القتل عمداً واستعمال مواد متفجرة>·

5 – وحسب فرانسين، فان المتهمين الأربعة لا يعني انهم مسؤولون، بل إن القرار يبين <توافر مواد كافية لمحاكمتهم، وعلى المدعي العام أن يثبت أثناء المحاكمة أن المتهمين مسؤولون دون أدنى شك معقول>·

ووفقاً لمرجع قانوني، فان هذا المدخل يُشكّل مناسبة قوية للحزب لممارسة الحق بالدفع والدفاع عن المتهمين، وعدم الاكتفاء بما أعلنه السيّد حسن نصر الله بدراسة تشريحية للقرار الاتهامي·

6 – ارتكز القرار الاتهامي على بيان الاتصالات الهاتفية <الداتا> الذي أشار إلى وجود شبكات سرية (أي أرقام هاتفية لا يتصل اعضاؤها إلا ببعضهم) وشبكات مفتوحة (يتصل اعضاؤها بآخرين خارج مجموعتهم)· وتحدث القرار عن شبكة حمراء استخدمتها المجموعة التي نفذت الاغتيال، وشبكة خضراء استخدمت للاشراف على الاعتداء وتنسيقه (توقفت عن العمل يوم تنفيذ الاغتيال) وشبكة زرقاء استخدمت للتحضير والمراقبة، وشبكة ارجوانية استخدمت للاعلان <زوراً عن المسؤولية عن الاعتداء>، وشبكة صفراء استخدمت حتى 7 كانون الثاني فقط· (راجع تفاصيل القرار على الصفحات 9 و10 و11 و12)·

مواقف الحريري ونصرالله أوّل ردود الفعل على نشر القرار الاتهامي جاء من الرئيس سعد الحريري الذي اعتبر الخطوة متقدّمة على طريق كشف الحقيقة، متسائلاً عن أي عقل شيطاني يمكن أن يكون قد استولى على عقول المتهمين لارتكاب مثل هذه الجريمة·

وأكد أنه يتطلع بصدق وأمانة الى موقف تاريخي من قيادة حزب الله ومن السيد نصر الله لوضع حد لسياسات الهروب إلى الأمام والإعلان عن التعاون مع المحكمة، بما يؤدي إلى تسليم المتهمين، لافتاً إلى أن المطلوب من قيادة حزب الله الاعلان عن فك الارتباط بينها وبين المتهمين·

أما للحكومة فقال الحريري <إن لغة التذاكي على الرأي العام وإعلان الشيء ونقيضه وسياسة توزيع الأدوار بين رئيس الحكومة وحلفائه ومحاولات التهرّب من تحمّل المسؤولية تجاه ملاحقة المتهمين وتحديد الجهات التي تعطل الملاحقة لم تعد تجدي نفعاً، محملاً الحكومة مسؤولية الاشتراك في عدم التعاون والتخلي عن التزامات لبنان>·

ولاحقاً، رد الحريري على كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي اعتبر أن القرار مؤامرة لتخريب العلاقات بين الطوائف اللبنانية، فاعتبر أن نصر الله لم يكن موفقاً خصوصاً لجهة الكلام غير البريء الذي حاول من خلاله أن يضع الطائفة الشيعية في دائرة الخطر>· وتوجّه الحريري في تصريح لمحطة <اخبار المستقبل> إلى نصر الله بالقول: <كأنّك تعمل من خلال ذلك على تجيير الإتهام بجريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الشهداء من أربعة أشخاص حزبيين إلى كامل أبناء الطائفة الشيعية وفي ذلك منتهى التحريف والسعي إلى قلب الحقائق>·

ولفت الحريري إلى أن <المتهمين محددون بالإسم والهوية و>حزب الله> يعترف بإخفائهم، أمّا الطائفة الشيعية فهي أشرف من أن تتورط في دم الشهيد الحريري، وليست محل إتهام من أحد وما يتهددها يتهدد سائر اللبنانيين>، مضيفاً <نحن جميعاً في مركب واحد وسنواصل العيش في وطن واحد ولن يكون هناك اي معنى للتلاعب بعواطف الأخوة الشيعة وإستنفارهم في وجه مخططات وهمية يعلم السيد حسن أنّها من نسج الخيال او نسيج الحاجة لتبرير الهروب من الحقيقة>·

وكان نصر الله في رد أولي على القرار قد اعتبر أن ما نشرته المحكمة الدولية أمس من قرار اتهامي يؤكد صحة ما قلناه خلال السنتين الماضيتين بأن التحقيق ليس شفافاً ولا علمياً ولا حرفياً، وتم تسريبه وموجود في صحف عربية وأجنبية وتلفزيون سي بي سي·

ولفت السيد نصر الله في إفطار الهيئات النسائية في هيئة دعم المقاومة الاسلامية أمس إلى أنه <لا يوجد أي دليل مباشر في النص كله، والأمر الوحيد الذي يستند إليه هو موضوع الاتصالات الهاتفية، ويقول عن تزامنات هاتفية وبعض التحليلات والاستنتاجات التي لا معنى قضائياً لها>·

وأشار الى أن ما ذكر لا يكفي أن يكون دليلاً، وأن كل ما ورد يزيدنا قناعة أن ما يجري هو درجة عالية من التسييس والظلم·

وأشار إلى إدراك المقاومة أنها مستهدفة وأكد <أن هناك فريقاً في لبنان على صلة بمشروع كبير فشل في كل شيء، وأن الوجوه الكالحة السوداء البائسة واليائسة التي رأيناها في 14 آب 2006 تعمل اكثر من ذلك>·

ولفت الى ان لبنان اصبح حاضراً بقوة في المعادلة الاقليمية ولا يمكن ان يكون هناك تسوية في المنطقة قبل الاخذ بعين الاعتبار مصلحة لبنان·

انعكاسات القرار وتساءلت اوساط دبلوماسية عن انعكاسات نشر القرار على الوضع الحكومي كمدخل لما يمكن ان يحمله من تداعيات على الوضع الداخلي برمته·

وكان لافتاً، على هذا الصعيد، مسارعة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى اعلان استمرار الحكومة بالالتزام بالقرارات الدولية، ولا سيما فيما خص المحكمة الدولية، لافتاً الى ان نشر القرار خطوة متوقعة في اطار الاجراءات التي تعتمدها المحكمة، آملاً في ان يتمكن التحقيق الدولي من جلاء الحقيقة كاملة احقاقاً للحق والعدالة مع المحافظة على استقرار لبنان ووحدته واستتباب الامن فيه· في وقت علمت <اللواء> ان اتصالات تجري بين افرقاء آخرين في الحكومة، وخاصة حزب الله والتيار العوني وحركة <امل> للبحث في الخطوات الواجب اتخاذها بعد نشر القرار الاتهامي، وبما يمكن ان يصدر عن المحكمة في قضية الوزيرين السابقين الياس المر ومروان حمادة والامين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي، والذي يتوقع ان ينشر في خلال الساعات القليلة المقبلة·

وعلم انه من بين الافكار المطروحة على بساط البحث من الافرقاء الثلاثة، تطيير الحكومة الحالية من خلال استقالة 11 وزيرا (الثلث زائداً واحداً)، وابقائها في اطار حكومة تصريف اعمال، نظرا لتعذر امكانية تشكيل حكومة جديدة في الظروف الراهنة بسبب الانقسامات السائدة في البلد، وحالة عدم الاستقرار التي من المتوقع ان تتخذ اشكالاً مختلفة في المرحلة المقبلة·

ويعتقد اصحاب هذا الرأي ان استقالة الحكومة تعفي السلطة اللبنانية من مسؤولياتها الأكيدة تجاه المحكمة والمجتمع الدولي، بحجة ان لا سلطة تنفيذية في البلد تتخذ القرارات اللازمة·

ولم تستبعد المصادر ان يكون ملف الكهرباء هو صاعق التفجير للحكومة من الداخل، بعد تلويح النائب ميشال عون بانسحاب وزرائه من الحكومة اذا لم يستجب لطلبه بالنسبة لاقتراح بخصوص الكهرباء والذي يفترض ان يناقش اليوم في مجلس الوزراء·

السابق
النهار: القرار الاتهامي يكشف الجزء الأكبر من “مؤامرة مجموعة الاغتيال” وسجال بين الحريري ونصرالله حول ارتباط المتهمين بالحزب
التالي
نهاية التضليل