مهرجانات الصيف تجمع ما فرّقته السياسة

تشكّل مشاركة الشباب في المهرجانات الصيفيّة علامة فارقة، إذ يشعلون بحضورهم المدرّجات، ويكاد يلامس تصفيقهم الحارّ السحاب، أمّا العدد الأكبر منهم فلا يتردّد في اعتلاء كرسيّه متمايلا بعد أن تضيق الساحة بالراقصين. إهدن، البترون، فالوغا، جزّين، صور، وغيرها من المناطق اللبنانية التي تحوّلت مؤخّرا فيها الاحتفالات الفنّية إلى تظاهرات شعبيّة، والشباب إلى كورس، لا سيّما بالنسبة إلى المعجبين بالفنّانين.

مُتنفّس الشباب

تعتبر الشابّة إلسا فغالي نفسها محظوظة هذا الصيف أكثر من أيّ موسم آخر، "هذه السنة مميّزة، لا سيّما وأنّ نشاطات البوب ستار رامي عيّاش كثيرة، أبرزها حفل بيصور الذي شارك فيه نحو عشرة آلاف شخص". تحرص إلسا على متابعة أدقّ تفاصيل المهرجانات التي يحييها رامي، فهي من أشدّ المعجبات به، "لا أجد نفسي مجبَرة على المشاركة، إلّا أنّني أجد في الاحتفالات متنفّسا لا بدّ منه، وفرصة للتعبير عن مدى تعلّقنا بفنّاننا المفضّل". لا تنكر إلسا أنّ الفنّ في لبنان نجح حيث فشل السياسيّون، فتقول: "في آخر احتفال أحياه رامي نفِدت بطاقات الحفل بعد أسبوع من طرحها، وأجمل ما في الأمر هو الحضور الشبابيّ الطاغي الذي يتفاعل مع البوب ستار في كلّ مهرجان، أيّاً تكن الانتماءات الدينية والسياسية". وتضيف: "لقد نفِد صبر الشباب من الانقسامات التي لم تقُدنا سوى إلى حائط مسدود، في حين وجدنا في الموسيقى لغة عالميّة".

"نحن دينامو السهرات"

من جهتها، تثني الشابّة هبة إسماعيل، وهي من مُحبّات الفنّان محمّد اسكندر، على دور الشباب في الحفلات الفنّية: "لا نشارك نزولا عند رغبة الفنّان اسكندر، ولا حتى بإشارة منه، إنّما فقط لأنّنا نحبّه، ونجد في هذه المناسبات فرصة للالتقاء به وتشجيعه". وما يزيد مشاركتهم اندفاعا وحماسة، توضح هبة: "هي التعديلات العفويّة التي يستحدثها محمد على مواويله، والتي تنسجم مع عادات المنطقة وتقاليدها، لذا ما إن ينتهي من تأديتها حتى نلحّ عليه ليعيدها".

إنطلاقا من مواظبتها على متابعة حفلات الفنّان اسكندر، ترى هبة في "مشاركة الشباب "دينامو السهرات"، مع الإشارة إلى أنّ الكبار والصغار حفظوا أغانيه عن ظهر قلب". وبشيء لا يخلو من الاشمئزاز من الأوضاع السياسيّة، تقول: "بعدما بات الشابّ يشعر بأن لا قيمة له إلّا في يوم الانتخابات، وجد في المجال الفنّي ملاذا آمنا له، لا سيّما وأنّ الفنّان اسكندر يعمد إلى أخذ رأي معجبيه بأعماله الفنّية على الدوام، ولا يرى فيهم أرقاما يستخدمها للحشد في سهراته، إنّما قيمة إنسانيّة ثمينة".

حيث فشل السياسيّون

أمّا بالنسبة إلى جو بو غزالي الذي يعتبر نفسه "من الأوفياء للفنّانة نجوى كرم"، فيقول: "كثيرة هي المهرجانات التي تحييها السيّدة نجوى، إلّا أنّ روح الحماسة واحدة، فمنذ بدء الأغنية الأولى يصعب على المرء رؤية أيّ مشارك في مكانه، سرعان ما نطلق العنان لزغاريدنا". يجد بوغزاله أنّ "في المتابعة الفنّية ما من مطامع فرديّة لدى الفنّان، لا سيّما لدى الفنّانة كرم، عكس المجال السياسي الذي ينضح بمآرب السياسيّين الخاصة". ويردف قائلا: "غالبا ما يكون الاهتمام المتبادل في المجال الفنّي مجّانيا، ونابعا من محبّة متبادلة".

"بيت مري، ميروبا، البترون، صور، ما همّني اسم المنطقة، المهمّ أن أوجد حيث الفنّانة نجوى كرم"، هذا ما يعبّر عنه الشاب أحمد صيداوي في كلّ مرّة يسمع فيها بمهرجان للفنّانة كرم، مشدّدا على أهمّية مشاركة الشباب. ويقول: "نضفي نكهة جنونيّة على هذه الحفلات الفنّية، كما نجد فيها فرصة للتعبير عن ذواتنا وعن تقديرنا لشمس الأغنية".

لا يولي صيداوي أيّ أهمّية للتجمّعات السياسية، "أكثر من أيّ وقت مضى الشباب اللبناني في حاجة إلى من يزرع الابتسامة على محياهم، ويطرد الملل من يوميّاتهم، بعدما مللنا الانتظار والوعود الفارغة، وحدها الفنّانة نجوى تفي بما تعد به جمهورها وتخصّه بالتقدير وحسن المعاملة، ممّا يزيد من حماسة الشباب وتعلّقهم بها".

من الواضح أنّ المهرجانات الصيفيّة نجحت في استقطاب الشباب، وخلقت بينهم لغة مشتركة، فهل تنتقل العدوى إلى السياسة؟

السابق
منع دخول القاصرين إلى الحانات
التالي
فادي عبود: الاتهامات ضد باسيل في موضوع الكهرباء حكم على النوايا