إذا انتهت المهلة التركية للأسد

من الصعب تصديق أن الأتراك لم يقدموا مهلة أسبوعين لنظام الأسد، رغم نفي وزير الخارجية التركي لذلك. فلماذا لم ينف أوغلو ذلك بعيد مغادرته دمشق فورا حيث كان الخبر على جميع وسائل الإعلام الدولية؟!

حتى إن المتظاهرين السوريين قاموا برفع لافتات الجمعة الماضية كتب عليها رسالة لرئيس الوزراء التركي مفادها أن 15 يوما كفيلة بإبادة الشعب السوري، ورغم ذلك لم ينف الأتراك المهلة. وهناك أدلة أخرى تدل على أنه قد تكون تركيا أعطت بالفعل مهلة للأسد. لذا، فإنه من المقبول القول اليوم بأن المهلة التركية للأسد قد انتهت. وعليه، فيجب أن لا ننشغل بما كان يريده الأتراك من الأسد، أو ما الذي ستفعله أنقرة الآن، بل إن السؤال الأهم الآن هو: هل تعلم الأتراك جيدا بأنه من الصعب الوثوق بنظام الأسد؟

فالمعطيات، وطوال السنوات الماضية، كانت تؤكد بأنه من الصعب الوثوق بنظام الأسد؛ فقد جرب السعوديون ذلك، ولم يفِ النظام بوعود قطعها. وجرب القطريون حظهم حيث كان يروج بأن الدوحة قادرة على النجاح لأنها ليست طرفا في لبنان مثل السعودية، وتتمتع بعلاقات مع جميع الأطراف، بما فيها إيران، وفشل القطريون أيضا. وكذلك جرب الفرنسيون ولم يحققوا شيئا، بل انسحبوا بعد أن تأكدوا أن نظام الأسد غير جاد في وعوده وعهوده، إلا أن الأتراك كانوا دائما واثقين بأن لديهم حلولا سحرية لسوريا غير موجودة لدى غيرهم، وأن بمقدورهم «تصفير المشاكل». ويبدو أنه قد غرهم قول حسن نصر الله، ذات مرة، بأن الأتراك عرب أكثر من العرب، لكن أنقرة لم تتنبه إلى أن ذلك كان جزءا من حيل نظام الأسد، وحلفائه في لبنان وإيران!

اليوم تواجه أنقرة الحقيقة، القديمة الجديدة، وجها لوجه، وهي أنه من الصعب الوثوق بنظام الأسد، حتى لو عين إخوانيا رئيسا لوزراء الحكومة السورية. فيكفي تركيا إحراجا أنه بينما كان أوغلو مجتمعا مع الأسد في دمشق كانت قوات الأخير تشن هجوما على مقربة من الحدود التركية، ناهيك عن مسرحية الانسحاب من حماه. ولو راجع الأتراك تاريخ قوات الأسد في لبنان، للاحظوا كثرة عدد المرات التي أعلن فيها نظام دمشق إعادة انتشار جيشه في الأراضي اللبنانية فقط لإيهام المجتمع الدولي بأنهم يخففون عديد قواتهم هناك!

والحقيقة أن قلة في منطقتنا الذين يتعلمون من التاريخ، وإلا لما تكررت الأخطاء، ولما استطاع نظام الأسد وإيران، وحزب الله، من كسب تعاطف عربي من خلال كذبة الممانعة والمقاومة، فها هي قوات الأسد تفعل بالفلسطينيين اليوم في مخيم الرمل باللاذقية ما فعلته بهم من قبل في «تل الزعتر»، حتى إن وكالة «الأنروا» تحذر مما يقع بحق الفلسطينيين في اللاذقية مثل ما كانت تحذر أيام حرب إسرائيل على غزة!

ملخص القول للأتراك اليوم، إن الحل المنطقي لسوريا هو رحيل نظام الأسد، وأول خطوة لفعل ذلك هي صدور قرارات حقيقية من مجلس الأمن الدولي، فمن دونها ستطول معاناة السوريين، ومصالح تركيا ستكون في خطر حقيقي.

السابق
خلافات تقنية لن تعيق الإنتاجية
التالي
الكافيين لمكافحة السرطان