فضل الله: لاستنفار إنمائي في الجنوب يكون على قدر تضحيات أهله

  أقامت جمعية المبرات الخيرية حفل إفطار في ثانوية الرحمة في النبطية، في حضور فاعليات ووجوه اقتصادية واجتماعية وحزبية وتربوية وعسكرية ودينية ورؤساء بلديات ومخاتير.

افتتح الحفل بآيات من الذكر الحكيم، تلاها كلمة جمعية المبرات الخيرية ألقاها مدير العلاقات العامة والتكفل جعفر عقيل، جاء فيها: "مضى عام على رحيل المرجع المؤسس والراعي، تاركا فينا أمانة الضياء زادا مباركا للساعين إلى الخير لا يضلون معها أبدا، إنها لمسؤولية كبيرة أن تحيط بكل حدود هذه الأمانة وأن تحافظ على النهج الرعائي التنموي الذي لطالما انتهجته المبرات والذي ساهم بإعادة الحياة إلى اكثر من أربعة آلاف من الأيتام وخمسماية وخمسين معوقا ممن احتضنت المبرات وأمنت رعايتهم حياتيا وتعليميا، وقد بلغت نفقاتهم ما يقارب أحد عشر مليون دولار أميركي وذلك مما تقدمونه وما يقدمه أهل الخير من دعم عيني أو مالي أو بكفالة يتيم أو صدقة أو حقوق شرعية من الخمس والزكاة مضافا إلى ما تقدمه وزارة الشؤون الإجتماعية".

فضل الله

ثم القى العلامة السيد علي فضل الله كلمة جاء فيها: "نلتقي اليوم مجددا في هذا الصرح الذي أراده سماحة العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله أن يكون نقطة مضيئة، تنضم إلى كل نقاط الضوء الممتدة على مساحة الوطن وخارجها، تتحد من أجل أن يكون إنساننا حرا، أن يكون عزيزا كريما، لا يذل لفقر ولا لحاجة، ولا يضيع إذا ما عانى يتما، أو إعاقة أو مرضا، ولا يفتقد رعاية إذا ما كبر به السن. لقد أراد سماحة السيد لهذه المؤسسات أن تساهم مع غيرها، في تثبيت الإنسان، ومنع الضعف من أن يتسلل إليه، نتيجة الحاجات التي تحاصره وتأسره فيضطر لتقديم التنازلات".

وأضاف: "نقف اليوم على هذه الأرض الطاهرة من أرض جبل عامل، أرض العلماء والمجاهدين والثوار، أرض أبي ذر الغفاري، الأرض التي بقيت ولا تزال عقبة أمام جميع المستعمرين والمستكبرين الذين تساقطوا أمام صلابة هذا الجبل وطهارة أبنائه. هذه الأرض التي عانت طيلة عقود من الزمن من عدو غاصب احتل أرضها وعذب أبناءها، ولا يزال يتربص بها. وفي خط مواز، عانت أيضا من إهمال رسمي حيث لا اهتمام بمستوى حاجاتها ولا بمقومات صمودها. هذه المقومات التي هي حق طبيعي لكل شعب تشاء ظروفه أن يكون في دائرة الخطر، فكيف بأهل جبل عامل الذين ليس في ذاكرتهم البعيدة ولا القريبة سوى الإحتلال والهدم والإبعاد والأسر والمجازر والتهديدات بالعدوان".

وقال: "شاء الله أن ينضم إلى هذه الذاكرة مشهد خرج من رحم هذا الواقع الأليم كله فكانت المقاومة، التي تصدت لهذا العدو وأخرجته صاغرا ذليلا يجر معه أذيال الهزيمة، ونحن نعيش هذه الأيام الشعور بالعزة للذكرى المجيدة للإنتصار الذي تحقق على يديها وبتسديد من الله عام 2006. ومن رحم هذه المعاناة، كان الإنسان الذي تشبث بأرضه، أصر على أن يبني عليها بيتا له ولأولاده، يبني حتى على جدران الشريط الحدودي وفي أشد الظروف على الجنوب. والملفت أنه يبني لا من فاضل ماله وما زاد عنه، بل من أساس ماله، هو ثمرة شقاء وسفر وغربة في أصقاع العالم، ونحن نعرف حجم معاناتهم في طبيعة أعمالهم وفي ما يتعرضون له من كوارث وأخطار من أجل حصولهم على لقمة عيش كريمة لهم ولأولادهم ولأبناء بلداتهم".

وتابع: "لقد تفوق ابن الجنوب على نفسه وعلى غيره، فقدم أنموذجا في صدق انتمائه لأرضه وفي حبه لترابها، فلا يقبل إن هاجر أن يعرض عنها أو يتركها، ولا يقبل إن وافته المنية أن يدفن خارجها. وما هذه التنمية التي نشهدها على صعيد المبادرات الفردية والإستثمار الواسع بمؤسسات ومجمعات ومصانع إلا تعبير عملي عن ارتباط الجنوبي بأرضه. وهو وسام نعلقه على صدور جميع المغتربين، ولهم منا كل التحية والتقدير والإعتزاز".

وأضاف: "كان المطلوب من الدولة أن يكون لها الدور الفعال والمتقدم في إعادة الإعتبار لهذه المنطقة التي شكلت على مر التاريخ درعا حصينا يقي الوطن شرور العدو الصهيوني وغيره. وما حجم التضحيات من الشهداء والجرحى والمعوقين وتكبد الأضرار في الممتلكات سوى شاهد حي على ذلك. ولذلك يحق لأهل هذه الأرض أن يسألوا ويسائلوا دولتهم: أين خطط التنمية التي توازي خطط التنمية على المقلب الآخر من الشريط الحدودي لفلسطين المحتلة، أم أن إنسانهم غير إنساننا؟ أين دعم الاستثمارات الكبرى؛ الاستثمارات الزراعية والصناعية؟ ثم، لماذا يضطر المريض الذي يعاني من حالة صحية حرجة أن ينتقل إلى العاصمة، وقد يموت البعض على الطرقات؟ ولماذا تضطر العائلة الجنوبية في حالات كثيرة أن تتشتت عندما يضطر أولادها للانتقال إلى جامعات بيروت أو غيرها من أجل حصولهم على التعليم العالي؟ ألا تكفي الهجرة إلى الخارج لتزيد من معاناتها الهجرة إلى الداخل؟ إلى متى يضطر الشباب والشابات للغياب قصرا عن أهلهم وعن بلداتهم؟ لماذا صار الجنوبي يحسب ألف حساب لتنقله من وإلى المدينة؟ أين وسائل النقل العامة التي تسهل على الناس انتقالهم ولا سيما في ظل ارتفاع سعر المحروقات وكلفة النقل الخاص".

وقال: "إننا بحاجة إلى دولة تفكر بإنسان هذه البلد، تفكر بأمنه، تفكر بمستقبله، كي يشعر أنه آمن عزيز في وطنه. إننا وفي مواجهة كل التحديات التي نعيشها في من حولنا، والتحديات التي تواجهنا في أمننا واقتصادنا وثرواتنا بحاجة إلى تأكيد الوحدة الداخلية وتعميق الحوار الداخلي فهذا هو سبيلنا لمواجهة كل التحديات. لقد اختلفنا، فأنتجنا كل ما نعاني منه، فلنجرب أن نتفق من أجل الوطن ولحسابه، فبالإتفاق صنعنا الإنتصارات ونصنع الكثير منها، ونحقق المستقبل لنا ولأولادنا".
وختم قائلا: "لا يكفي أن تتحدث البيانات الوزارية عن دعم للجيش والشعب والمقاومة، ولا دعم كاف للجيش في سلاحه وعتاده ليدافع عن الوطن، ولا دعم كاف للشعب ليبقى ثابتا، صامدا في أرضه، والمقاومة التي هي سياج الوطن يصر البعض على عدم إنصافها لا بل المساومة عليها وحتى الغدر بها. إننا ومن هذا الموقع ندعو الدولة إلى أن ترفع مستوى خدماتها في هذه المنطقة العزيزة من لبنان من حدها الأدنى إلى استنفار إنمائي وتنموي، لتكون الخدمات التي تحصل عليها هي على قدر التضحيات، إننا في الوقت الذي يسعى فيه العدو إلى تثبيت وضعه الداخلي وتأهيله على الصعد المعيشية كافة وحتى النفسية لمواجهة كل الإحتمالات مع دراسة كل نقاط الضعف التي تربك جبهته الداخلية. أين نحن من تأهيل إنساننا وحمايته وتأمين خطط الطوارئ وما يحتاج اليه في حال أقدم العدو على مغامرة على أرضنا، هذا العدو الذي لا تزال طائراته تستبيح سماءنا وتهديداته تتكرر بمناسبة وبغير مناسبة؟". 

السابق
فضل الله: الكلام والسجال بشأن السلاح عبثي ولن يؤدي الى اي نتيجة
التالي
كبارة ناشد الملك السعودي و اردوغان بالتحرك الجدّي والفعّال والفوري لإنهاء مجازر نظام الأسد