هواجس 8 آذار من الاندفاعة الجنبلاطية الجديدة

في 14 مارس 2005 كان خطاب النائب وليد جنبلاط الأعنف والأشرس حيث هاجم فيه النظام السوري وحلفاءه في الداخل اللبناني من دون تردد، الا ان جنبلاط لم يمكث طويلا في بيت الأكثرية آنذاك، واختار اعادة التموضع في اغسطس 2009.

جنبلاط المعروف بسياسته التقلبية أدار اللعبة الداخلية في فترة معينة، فقلب الأكثرية أقلية والأقلية أكثرية وأصبح ينتمي للفريق الحليف للنظام السوري، أما اليوم وفي ظل ما تمر به سورية يبدو وبحسب المراقبين ان رئيس جبهة النضال شرع في اعادة النظر بحساباته السياسية ولاسيما بعد عودته من زيارة روسيا ولاحقا من تركيا.

وفي ظل ما يُحكى عن توجهات لإعادة التموضع، ثمة من يتحدث عن فتور يكتنف علاقات رئيس جبهة النضال بكل من دمشق وحزب الله وان الاتصالات شبه متوقفة بين دمشق والمختارة، وبين الضاحية الجنوبية وكليمنصو، وترافق ذلك مع دخول قوى وشخصيات من 8 آذار على خط التهجم على جنبلاط بينهم النائب السابق ناصر قنديل الذي طالبه بمواقف حاسمة تجاه ما يجري في سورية، كما وصف الوزير القومي علي قانصو من ينتقد النظام السوري بالخائن!

وسبقت ذلك حملة شنها اللواء المتقاعد جميل السيد على جنبلاط من على شاشة «المنار» التابعة لحزب الله، هذه الحملة برأي المراقبين حملت في مدلولاتها السياسية ومكانها وتوقيتها ايحاءات وإشارات تنم عن عدم رضا الأكثرية الجديدة ومرجعيتهم الاقليمية عن اداء جنبلاط ومواقفه الأخيرة وتحديدا نظرته ورؤيته لمسار الأوضاع في سورية والانزعاج من فتح قنوات الاتصال مجددا بينه وبين الرئيس سعد الحريري.

وفي اعتقاد هؤلاء ان قوى 8 آذار تعيش هاجس الاندفاعة الجنبلاطية الجديدة في هذه المرحلة، وذلك على خلفية تداعياتها لجهة فكفكة التحالفات القائمة والتأسيس لتوازنات داخلية أخرى على وقع تحولات جذرية مرتقبة في المنطقة.

ورغم هذا الهاجس فان الاوساط المراقبة تستبعد ان تصل الامور الى حد القطيعة النهائية، مشيرة الى دخول «سعاة الخير» على خط اعادة ترتيب العلاقة بين الجانبين، ورجحت ان يقوم جنبلاط في الساعات المقبلة بزيارة دمشق، ورأت ان الاكثرية تعتقد ان الوقائع الراهنة تجعل من جنبلاط اكثر من اي وقت «بيضة القبان» في التوازنات الراهنة داخل الحكومة وخارجها، وان المهم برأيها الا يتموضع مجددا الى جانب 14 آذار.

الاوساط اياها التي تستبعد لجوء جنبلاط الى هذا الخيار، اكدت ان رئيس جبهة النضال يسعى حاليا الى تظهير وسطيته اكثر فأكثر بالتعاون مع الرئيس ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وهو يحمل خريطة طريق نحو تسوية لبنانية ـ لبنانية تجنب البلد مخاطر الاستحقاقات المقبلة.

في هذا الوقت دعا رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط الى تأجيل البحث عن النسبية والابقاء على الوضع الحالي من اجل الحفاظ على التنوع والتعدد والتمايز، مشددا على التمسك بالعيش المشترك والتفاعل وتثبيت التنوع واحترام الرأي الآخر في الجبل.

وفي حفل «افطار الشوف» الذي نظمته مؤسسة العرفان التوحيدية لابناء الشوف، والذي كان جامعا لمختلف الطوائف الاسلامية والمسيحية والقوى السياسية والشخصيات فضلا عن النواب: محمد الحجار (المسقبل) وجورج عدوان (القوات) ومروان حمادة، ورفض جنبلاط في كلمته بالمناسبة، نظرية «النسبية» في الانتخابات التي طرحها الرئيس ميشال سليمان مؤخرا، مستبعدا ان تكون المدخل لالغاء الطائفية، جميل جدا، اذكر بان شعار النسبية اتى في سياق تاريخي في سياق برنامج متكامل، وبرنامج الحركة الوطنية بقيادة كمال جنبلاط انذاك من اجل لبنان الجديد، ومن اجل الغاء الامتيازات الطائفية، اما وان اليسار اللبناني قضى، او ضعف ومعه كمال جنبلاط، واما وان عناوين صغيرة بديهية، الاحوال الشخصية، او غيرها من العناوين، يبدو انها دفنت في المهد، ولا اريد الاسترسال اكثر من هذا، فيستحسن تأجيل هذا البحث، البحث عن النسبية، ويفضل البقاء على الحال الحالي من اجل الحفاظ على التنوع والتعدد والتمايز وغير مثال هذه الجمعة الكريمة.

وفي مجال آخر استغرب النائب جنبلاط ما ذكر عن عدم لقائه الرئيس بشار الاسد خلال زيارته الاخيرة الى دمشق، وقال جنبلاط في تصريح له، لم يكن هناك موعد للقاء الرئيس الأسد.

وحول حركته العربية والرهان عليها، قال ضاحكا: حركة بلا بركة.

السابق
الحياة: تزكية الصقر رئيساً للمجلس وعلاوي نائباً أول وبن عيسى ثانياً
التالي
“التجمع المدني اللبناني”..للمستقلين الشيعة