مليار و420 مليون دولار كلفة تعويضات حرب تموز حتى اليوم

في أيلول العام 2010، لمّا عادت ريما ناصر إلى منزلها في حارة حريك، «عادت إليها الروح». كان منزلها يتألف من خمس غرف، وقد هدمته قوات الإحتلال قبل يوم واحد من وقف إطلاق النار في حرب تموز، يوم الثالث عشر من آب العام 2006. انتقلت في بداية الحرب مع زوجها وأولادها الأربعة: ثلاث بنات وصبي إلى قريتهم حجولا في قضاء جبيل، وعادت مع العائدين يوم وقف إطلاق النار في الرابع عشر من آب لتفقد منزلها.

تصف ريما ما وجدته لمّا وصلت قائلة «كانت شقتنا في الطابق الخامس، ولكن لمّا عدت، وجدتها على مستوى الأرض، إذ تكدّست الشقق فوق بعضها البعض على شكل طبقات، وعرفت منزلي من الطاولة المصنوعة من الحديد المصقول التي كانت موضوعة على الشرفة، ومن نسخ كتاب زوجي المتخصص بالعلوم السياسية التي كان قد أحضرها من المطبعة لتوزيعها على المكتبات بناء على عقود بيع. كانت النسخ، وعددها نحو ألف، مازالت مرصوفة فوق بعضها البعض، لكنها تحوّلت إلى رماد. لم أستطع تمييز أي أغراض أخرى من أغراض البيت لأنها كانت كلها محترقة».

للوهلة الأولى، سألت ريما نفسها عندما شاهدت منزلها: «أين سأذهب؟ وأين سأقيم»؟. ثم جربت البحث عن حقيبة صغيرة تتضمن الأوراق الثبوتية لأفراد الأسرة وتلك المتعلقة بملكية المنزل، ومن بينها سندات ملكية وأوراق الجنسية الفرنسية التي يحملها أفراد العائلة وهي لا تعطى سوى مرة واحدة، بالإضافة إلى مبلغ مالي، هو عبارة عن بدل رحلة سياحية إلى تركيا كانت تنوي العائلة القيام بها، وبدل إيجارات شقق مبنى ورثه زوجها وأشقاؤه عن أهلهم، ومبلغ مالي للمصروف الإحتياطي.
يتعلم أولاد ريما في مدرسة الليسيه فردان في بيروت، وزوجها موظف في مؤسسة الضمان الاجتماعي، لذا لم يكن العيش في حجولا مناسباً. ولم تكن فكرة التعويض على المنازل واردة بعد انتهاء الحرب مباشرة،
قررت العائلة السفر إلى فرنسا: «كانت السفارة الفرنسية تنظم رحلات لأفراد الجالية الفرنسية في لبنان طوال فترة الحرب، ولكن لم نفكر في الرحيل إلا بعدما تهدّم منزلنا».

لدى وصول أفراد العائلة إلى فرنسا، قدمت لهم الحكومة الفرنسية راتباً شهرياً ومنزلاً يدفعون جزءاً بسيطاً من إيجاره، وبدأ الأولاد عامهم الدراسي في أيلول. ولكن، عندما بدأ الحديث عن قرار حزب الله بدفع التعويضات للمتضررين من الحرب، وقررت مؤسسة «جهاد البناء» دفع بدلات الإيواء للذين تهدمت منازلهم، قرروا العودة إلى بيروت، بعد ثلاثة أشهر من وصولهم إلى فرنسا.

بعد عودتهم، حصلوا على مبلغ اثني عشر ألف دولار بدل إيواء من مؤسسة «جهاد البناء»، فاستأجروا شقة في منطقة برج البراجنة، وعاد الزوج إلى عمله في مؤسسة الضمان والأولاد إلى الليسيه.
تقول ريما إنها تزوّجت في منزلها، وفيه أنجبت أولادها وفيه عاشوا، واعتادوا على طريقة تقسيم المنزل، كما اعتادوا على نمط الحياة في المنطقة وعلى الجيران. كانت تفكر دائماً قبل الحرب بشراء شقة أكثر اتساعاً من أجل تخصيص غرفة لابنها، لكن أولادها كانوا يرفضون الانتقال من منزلهم. قبل عودتها إلى شقتها، أجرت تعديلات على طريقة تقسيمها، وألغت شرفة إحدى غرف النوم وحوّلتها إلى غرفة خاصة بابنها.

عندما دخلت مع عائلتها إلى الشقة، شعرت أنها بنت منزلاً جديداً، وعندما باتت ليلتها الأولى في المنزل بعد إعادة بنائه، «شعرت أنها المرة الأولى منذ الحرب التي أنام بشكل عميق». تقول «دخلنا إلى غرفنا مساء، ولم نر بعضنا البعض إلا في الصباح، كانت العودة بالنسبة لي حلماً، فنحن اعتدنا في بلدنا أن المهجرين لا يستعيدون منازلهم … إلا استثناءً».

وتعدد أغلى ما فقدته مع تهدّم شقتها قائلة «صور والدة زوجي المتوفاة، وهي كانت تعيش معنا قبل وفاتها، وصور الأولاد في طفولتهم المبكرة، وأشرطة الفيديو الخاصة بهم، بالإضافة إلى المكتبة، وسجاد مشغول باليد من منطقة الفاكهة في البقاع». إلا أنها تردف «صحيح أننا فقدنا أغراضنا، ولكننا لم نفقد أرضنا. فماذا يعني المنزل وأغراضه لو كان على أرض مُحتلّة؟».

ثم تضيف ضاحكة «لقد كانت العودة فأل خير علينا، فقد تزوجت ابنتي الكبرى وخطبت ابنتي الثانية».
متاهة إحصاء التعويضات: مئة مليون دولار لاستكمال الإعمار
أصبحت التعويضات الخاصة بالوحدات السكنية التي دمرت خلال حرب تموز في كل أنحاء لبنان، في مراحلها الأخيرة. لكن تعويضات تلك المرحلة سوف تدفع من خزانة الدولة اللبنانية، بعدما نفدت أموال الدول المانحة.
وقد تبين أنه لا يوجد في السرايا الحكومية إحصاء شامل بقيمة التعويضات المتبقية، وعدد الوحدات التي يترتب استكمال الدفع لها، ربما بفعل المرحلة الإنتقالية التي تعيشها الحكومة، وعدم إمساكها بكل الملفات قيد المتابعة.

وقد أفادت المسؤولة عن متابعة التعويضات في السرايا إيفا خوري أن الجداول الخاصة بالوحدات السكنية ترد تباعاً إلى الهيئة العليا للإغاثة من الشركة الاستشارية «الخطيب وعلمي» التي تدقق في الوحدات السكنية، «لذلك فإن الإحصاء الشامل غير متوفر».

وما زالت شركة «الخطيب وعلمي» تقوم حتى اليوم بعمليات التدقيق في الوحدات المدمرة والمتضررة. واستنادا إلى إحصاءات «مجلس الجنوب»، ما زال هناك 3893 وحدة سكنية قيد التدقيق، تفوق قيمة تعويضات كل منها الخمسة ملايين ليرة، بالإضافة إلى 23438 وحدة تبلغ قيمة تعويضاتها ما دون الخمسة ملايين ليرة.
وما زال هناك 212 وحدة سكنية قيد التدقيق في بلدتي قانا والقليلة، تضاف إليها تعويضات خاصة بـ5240 سيارة وآلية لم تدفع بعد.
وفي صندوق المهجرين، أوضح المدير العام للصندوق فادي عرموني أن نسبة التعويضات المدفوعة للوحدات السكنية خارج الجنوب، أي في البقاع والجبل والضاحية الجنوبية، بلغت حتى حزيران الفائت 66 في المئة، وهي تدفع بواسطة شيكات يسلمها الصندوق إلى المتضررين.
وقد بلغ عدد المعاملات التي وصلت إلى الصندوق من وزارة المهجرين 36 ألف و333 معاملة، وسلم الصندوق شيكات خاصة بإحدى وثلاثين ألف معاملة، بينما توجد 5283 معاملة جاهزة في وزارة المهجرين. أما عدد المعاملات المتبقية فهو غير معروف، ولا يتسلم المتضرر شيكا بكامل تعويضه، لأن تعويضات المنازل المدمرة تعطى على دفعتين.

من جهته، أفاد رئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء يحيى رعد أن الرقم النهائي للأموال التي دفعتها الدول المانحة بلغ ما يقارب ملياراً ومئتي مليون دولار، فيما دفعت الحكومة مبلغا إضافيا قيمته 220 مليون دولار من الخزينة، وتحتاج الهيئة حاليا إلى مبلغ مئة مليون دولار لاستكمال دفع باقي التعويضات.
ومن المعروف أن الأموال التي دفعتها الدول المانحة لم تخصص فقط للوحدات السكنية، وإنما لكل عمليات التأهيل التي حصلت بعد الحرب، يضاف إليها مشاريع إنمائية نفذّها مجلس الإنماء والإعمار وهي غير مرتبطة بحرب تموز.

وقد شملت عمليات التأهيل البنى التحتية من مياه وكهرباء وهاتف وطرقات، وعمليات رفع الردم وتنظيف الأماكن التي تعرضت للدمار. وبلغت كلفة بناء وترميم الوحدات السكنية، حسب رعد، سبعمئة وخمسين مليون دولار، بينما بلغت كلفة تأهيل البنى التحتية ثلاثمئة مليون دولار. وحصل الجيش اللبناني على مئة مليون دولار من الهبات، فيما خصص للمدارس تسعون مليون دولار.

مشروع وعد: تسليم المباني كافة نهاية العام
في الضاحية الجنوبية ، شكل مشروع «وعد» لإعادة الإعمار مادة للباحثين في علم الاجتماع والهندسة من أجل الاطلاع على تجارب إعادة البناء بعد الكوارث والحروب.

وأفاد مدير المشروع المهندس حسن الجشي أن ما يقارب مئة باحث أجنبي وعربي ولبناني زاروا حتى الآن مقر «وعد»، وحصلوا على معلومات خاصة بأبحاثهم في الدراسات العليا والدكتوراه، وبينهم باحثون من الولايات المتحدة والصين واليابان وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والنروج. وكان آخرهم وفد فرنسي ضم خمسة أساتذة بدرجة بروفوسور في الهندسة وعلم الإجتماع وخمسة وستين طالباً.

وأجرى بعضهم مقارنات بين طريقتي إعادة الإعمار في وسط بيروت وفي الضاحية، حيث برزت الفوارق الجوهرية بين عملية إعادة إعمار راعت الحفاظ على النسيج الاجتماعي في الضاحية، بينما تغير ذلك النسيج بشكل جذري في وسط بيروت التي أصبحت خاصة بالميسورين وبأصحاب الثروات.
وقد وجهت انتقادات سياسية وهندسية عدة لتولي «وعد»، وهي مؤسسة تابعة لحزب الله، لعملية الإعمار. وبعد خمس سنوات على مرور الحرب، يطرح سؤال: لو لم تتولّ «وعد» عملية البناء فهل كانت ستنجز خلال هذه الفترة؟

يقول عدد من سكان المباني إنهم طلبوا تعديلات في البناء، واعترضوا على تفاصيل كمثل البلاط والدهان والأدوات الصحية، إلا أنهم يجمعون على أنه لولا «وعد»، لكانوا مازالوا يعيشون فترة انتظار. فهؤلاء خبروا طريقة دفع تعويضات الحرب الأهلية، إذ مازالت هناك مناطق في الجبل وفي الضاحية لم يستكمل دفع تعويضاتها، على الرغم من مرور عشرين سنة على انتهاء الحرب، بينما توجد مناطق مثل الشوف ووادي أبو جميل ومحيط مستشفى بيروت الحكومي دفعت لمهجريها تعويضات مضاعفة عن القيمة المقررة لهم.

ويوضح الجشي أن عملية الإعمار شارفت على نهايتها، وقد تم تسليم مئتين وأربعة وثلاثين مبنى، من أصل مئتين وتسعة وستين مبنى مدمراً أشرفت «وعد» على إعادة بنائها. ومازال هناك خمسة وثلاثون مبنى في مراحل البناء النهائية، يفترض تسليمهم نهاية العام الجاري، في حال أنهى أصحاب الشقق طلبات إجراء التعديلات على شققهم، وتوفر العمال في الوقت المناسب.

وأعلن الجشي أن كلفة المشروع لم تتخطّ الميزانية التي وضعت له وهي أربعمئة مليون دولار، دفعت الحكومة منها حتى الآن مئة وعشرين مليون دولار، ويترتب عليها دفع ستين مليون دولار بعد، استناداً إلى قيمة التعويضات التي أقرتها للضاحية وهي مئة وثمانون مليون دولار. أما المبلغ الباقي، وهو مئتان وعشرون مليون دولار، فقد توزع بين مواد بناء قدمها العديد من رجال الأعمال كهبات، وجزء مالي دفعه حزب الله. وتوقع الجشي أن تستكمل الحكومة الجديدة دفع تعويضات تموز، بما في ذلك تعويضات الأضرار الاقتصادية والزراعية والبنى التحتية، موضحاً أن مصلحة كهرباء لبنان وكلاً من مصلحتي مياه بيروت وجبل لبنان ومؤسسة «أوجيرو» تقوم بعمليات تمديد للمياه والكهرباء والهاتف في المناطق التي تعرضت للدمار، وقد أنجزت ما يقارب سبعين في المئة من التمديدات.

كما لزم «مجلس الإنماء والإعمار» شركة «معمار للمقاولات» عمليات تأهيل الأرصفة والإنارة وتعبيد الطرقات بقيمة مليون دولار، على أن تنهي أعمالها خلال ثمانية أشهر. بعد ذلك، سوف يتم تشجير الشوارع والفسحات الدائرية بالتعاون بين «وعد» وبين بلدية حارة حريك.
وبالنسبة لمواقف السيارات، أمّنت المؤسسة في المنطقة التي بنتها مواقف لألف سيارة، واشترت لتلك الغاية قطعة أرض مساحتها سبعمئة متر مربع بالقرب من مجلس الشورى في حارة حريك، وبنت تحتها ثلاثة طوابق مخصصة للسيارات، على أن يتم تحويل سطحها إلى حديقة، وهي تفاوض حالياً لشراء قطعة أرض ثانية واستخدامها بالطريقة نفسها، كما اشترت عدداً من الطوابق السفلية التي وافق أصحابها على بيعها، وبذلك أمنت مواقف لسبعين في المئة من السيارات. ويوجد حالياً توجه لاتحاد بلديات ساحل المتن الجنوبي لبناء الحدائق ومواقف السيارات.

أما بناء الملاجئ، «فهو مسألة صعبة ومرتفعة التكاليف»، بحسب الجشي، لافتاً إلى أن غالبية المباني التي تهدمت كلياً، دُمرت بفعل القنابل الفراغية، وهي قادرة على اختراق الملاجئ مهما كان عمقها.
وأعرب الجشي عن اعتقاده بأن حماية الضاحية لا تكون في بناء الملاجئ، على ضرورتها، وإنما في بناء استراتيجية تمنع الطيران الإسرائيلي من الوصول إلى أجوائها وقصفها.
ونفى بشكل قاطع ما أشيع عن استغلال «وعد» لعملية إعادة الإعمار وبناء طوابق زائدة في المباني التي تهدمت وبيعها، وقال إن ما حصل هو العكس «فقد أجرينا تراجعات لكل المباني المخالفة عن الطريق العام، وهناك مبان قلت مساحتها عما كانت عليه بسبب التراجعات».

وأورد مثالاً على ذلك، مبنى ألغي من مساحة كل شقة فيه ما بين عشرين وثلاثين متراً، واضطرت المؤسسة لدفع تعويضات مغرية لسكانه من أجل القبول بإلغاء الأمتار لأن قرار الحكومة قضى بإعادة إعمار جميع المنازل كما كان عليه الحال قبل الحرب.

وعلّق على الشائعة بالقول: نحن نبني لأهلنا الذين دمرت منازلهم، فهل يعقل أن نستفيد منهم؟ كما أن سكان كل مبنى يعرفون عدد طوابق مبناهم، فلو تم بناء شقق إضافية فسوف ينتشر الكلام في الضاحية عن الاستغلال الذي نمارسه».
وبعد انتهاء المشروع تنوي مؤسسة «جهاد البناء» عقد مؤتمر يتناول عملية إعادة الاعمار بعد الحرب، وطرح قانون للبناء في لبنان يأخذ في الاعتبار مستلزمات البناء المواجه للكوارث الطبيعية وغير الطبيعية.
المعامل والمصانع المتضررة:
عقبة شروط مصرف لبنان
تعتبر المؤسسات الاقتصادية التي تعرضت للدمار والأضرار في الحرب أكثر القطاعات حرماناً من التعويضات، لأن الشروط التي وضعها مصرف لبنان على أصحاب المؤسسات المتضررة من أجل الحصول على قروض جعلتهم يحجمون عن تقديم الطلبات.

وتبعاً لذلك، أعيد بناء المعامل والمؤسسات المدمرة، ضمن برنامج بناء الوحدات المدمرة، من دون إعطاء تعويضات خاصة بالتجهيزات والمعدات التي كانت موجودة فيها. وبينها مثلاً معمل «ليبان ليه» في البقاع، ومعمل «إلكترا» للتجهيزات الكهربائية في الضاحية اللذين دمرا كليا، وتم التعويض عن قيمة البناء فيهما فقط.

واستناداً إلى إحصاء أجرته جمعية الصناعيين، وكلفت لجنة من الخبراء اللبنانيين المعترف بهم دوليا بتنفيذه، بالتعاون مع شركات التأمين، بلغ عدد المعامل والمصانع التي دمرت أو تضررت بفعل الحرب 192 معملا ومصنعا، من دون إحصاء المؤسسات الصغيرة. وقدرت الأضرار التي لحقت بها بما يقارب مئة وثمانين مليوناً وخمسمئة ألف دولار.

وقد توزعت المعامل والمصانع كما يلي: في البقاع، 14 عشر معملاً ومصنعاً، بينها ثمانية معامل دمرت بشكل كلي وستة بشكل جزئي، وبلغت قيمة الأضرار التي لحقت بها ما يقارب 89 مليون دولار.
في الجنوب، 86 معملا ومصنعا، بينها 55 معملا دمرت بشكل كلي، و31 بشكل جزئي، وبلغت قيمة الأضرار التي لحقت بها ما يقارب 39 مليون وخمسمئة ألف دولار.

في الضاحية الجنوبية، 77 معملا ومصنعا، بينها 45 دمرت بشكل كلي، و32 بشكل جزئي.
في الشويفات، أربعة معامل دمرت بشكل كلي وتسعة بشكل جزئي، وفي الشوف، لحق الدمار بمعملين.

وبعد الحرب، أصدرت حاكمية مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف قرارين لإعطاء القروض الميسرة مع لائحة الشروط المطلوبة.
ويوضح رئيس تجمع صناعيي الضاحية أسامة حلباوي أن الصناعيين المتضررين قدّموا دراسة إلى وزارة الصناعة أوضحوا من خلالها أن عشرة في المئة من المصانع فقط تستطيع الإستفادة من القرارين، أما باقي المصانع فلا تستطيع إنجاز ملفاتها نظراً للشروط المفروضة فيهما.

أضاف إن القرض سوف يعطى فقط على قيمة الأبنية المدمرة والتجهيزات العائدة لها من كهرباء ومياه وأثاث، من دون أن يشمل المعدات التي تستخدم في الصناعة وهي الأهم. ولن يمنح القرض إلا بعد إجراء دراسة جدوى اقتصادية، تتضمن إمكانية متابعة العمل، ومصادر تسديد الأموال، وبيانات مالية عن السنوات الثلاث التي سبقت الحرب، يضاف إلى ذلك وضع مبلغ مالي يوازي جزءاً من القرض كرهن في مصرف لبنان، وبرمجة القرض على فترة سبع سنوات.
ويقول حلباوي إنه إذا كان على صاحب المعمل وضع رهن مالي في المصرف من أجل الحصول على القرض، فالأجدى إذا كان المال متوفراً لديه، استخدامه في تأهيل معمله، موضحاً أن القرارين أدخلوا المتضررين في متاهات الأرقام.

وقد قام أصحاب المعامل المتضررة بجولات على رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة السابق فؤاد السنيورة ووزير الصناعة السابق، ولكن لم يتم التوصل إلى أي تعديلات على الشروط. وبعد تشكيل الحكومة الحالية، ينوون استئناف تحركهم مع رئيس الحكومة ووزير الصناعة.
ويقول حلباوي إن جغرافية الضاحية الصناعية تغيّرت بعد حرب تموز «فهناك معامل أقفلت نهائيا ومعامل انتقلت إلى أماكن أخرى».

ويسأل حلباوي، وبما إنه لا توجد لدى الحكومة حتى اليوم أي حوافز لتشجيع الصناعة، «فكيف يمكن أن يرد في البيان الوزاري قرار بتشجيع الصناعة، ولم تعط تعويضات للمتضررين قسراً حتى اليوم؟».

السابق
مسيرة بعنوان: يا رجال العالم جسد المرأة ملكها وحدها؟
التالي
الحص: مصلحة لبنان في الدائرة الكبرى والنسبية