قصّة فرار عناصر فتح الإسلام من رومية

كيف تمكّن عناصر من فتح الإسلام من "مغادرة"وليس الفرار من سجن رومية، حيث تمّ تجاهل "إخبار" بعمليّة فرار قيد الإعداد، وسُجّل إهمال رسمي من الحكومة من خلال تَرك أبواب الغرف محطّمة منذ ثلاثة أشهر، إضافة الى تورّط محتمل من عناصر الأمن سهّل خروج أخطر الإرهابيين من السجن سيراً على الأقدام! مسؤول بارز لخّص لـ"الجمهورية" المشهد في سجن رومية بقوله: السجن هو تحت سلطة المساجين. الإرهابيون وتجّار المخدّرات يديرون عملياتهم في الخارج عبر الهواتف الخلويّة، من دون حسيب ولا رقيب، حتى أصبح السجن "غابة فلتانة" يسرح فيها المساجين ويمرحون.

وفي التفاصيل، خلال آخر عمليّة شغب حصلت في سجن رومية، تمّ تحطيم أبواب الغرف في المبنى د. وعلى رغم إرسال قيادة الدرك تقارير بوجوب إصلاح الأبواب المحطّمة، من أجل إعادة نحو ثمانين سجيناً إلى غرفهم (4 مساجين داخل كلّ غرفة تقريباً)، حتى يتمكّن عناصر الدرك من الدخول الى هذا القسم من المبنى، للمعاينة والتفتيش والتأكّد من سلامة الأمور. إلّا أنّ إهمال هذه التقارير فتح هذه الغرف البالغ عددها نحو عشرين غرفة بعضها على بعض، ما جعل منها ساحة واحدة يسرح فيها جميع نزلائها بحرّية كاملة وبعيداً من الرقابة، بحيث لا يمكن لأيّ عنصر أمن أن يدخل إليهم حتى لا يقع رهينة بين أيديهم.

وقبل أربعة أيّام تمّ ضبط سكاكين و"عويسيّات" في آخر غرفة قرب شبّاك التهوئة في المبنى د. كما أنّ عاملاً للصيانة دخل لإنجاز بعض الأعمال وخرج تاركاً عدّته، وفيها منشار في إحدى الغرف. ولمّا سأله أحد الدركيين: أين أغراضك؟ أجابه من خلف الباب أحد عناصر "فتح الإسلام" مهدّداً: "سنتّهمك بأنّك تبيع حبوب الهلوسة في السجن إذا فتحت فمك".

وقبل يومين، افتُعل إشكال داخل مبنى آخر تمّ على إثره نقل سجينين من "فتح الإسلام" الى غرفة فيها 4 من "فتح الإسلام" أساساً. وبدأوا العمل على نشر حديد النافذة بعدما فتحوا بابَ آخرِ غرفة قرب شبّاك التهوئة، ما حجب الرؤية عن عنصر الأمن المراقب الذي صاح قائلا: أقفلوا الباب. لكنهم لم يمتثلوا لكلامه، بل أكملوا عملهم وتركوا الحديد المنشور معلّقا في مكانه لعدم لفت الانتباه.

وعند الساعة صفر لتنفيذ عملية الهروب، أزالوا الحديد بعد فتح الباب مجدّدا لحجب الرؤية، ونزلوا إلى باحة السجن بواسطة شراشف كانوا ربطوها بعضها إلى بعض، ثمّ تسلّلوا بين زوّار السجن ووصلوا إلى أوّل باب للخروج، فلم يدقّق أحد من العناصر في هويّاتهم، فأكملوا سيرهم على الأقدام حتى الباب الثاني، وكذلك لم يسألهم أحد من عناصر الأمن عن هويّاتهم، وخرجوا مع الزوّار المدنيّين واستقلوا باصاً للركّاب حتى نهر الموت، ثم تواروا.

بهذه البساطة، فرّوا. لكن الفضيحة الأكبر هي في الإهمال الخطير الذي تجلّى في الوقائع الآتية:

1 – قبل نحو خمسة أيّام وردت معلومات تفيد أنّ عناصر من "فتح الإسلام" يحضّرون لعملية فرار من سجن رومية بمساعدة ملازم أوّل(…) في قوى الأمن الداخلي في السجن لقاء مبلغ مليون دولار. وقد تبيّن لاحقاً أنّ الضابط المذكور كان في خدمته يوم تنفيذ الفرار، وتمّ توقيفه لاحقاً للتحقيق معه.

كما تبيّن أنّ مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر كان تلقّى اتّصالا من مجهول عن عمليّة فرار محتملة، فأعطى إشارة بمراقبة خطّ هاتف المتّصل والتحقّق لافتا إدارة السجن الى الأمر لاتّخاذ الإجراءات الاحترازية، لكن شيئا لم يحصل.

2 – أنفقت هيئة الإغاثة مبلغ خمسة ملايين دولار لإجراء تصليحات وصيانة في السجن، لكن تبيّن أنّ المبلغ أنفق على "طعام" للسجناء، وليس لتصليح الأبواب المخلّعة أو تركيب كاميرات للمراقبة.

3 – أرسلت قيادة الدرك وإدارة السجن أكثر من ثلاثة تقارير لوزير الداخلية عن وضع السجن وضرورة معالجة الثغرات الأمنية فيه، لجهة تركيب كاميرات وزيادة العناصر والإسراع في الصيانة. إلّا أنّ شيئاً لم يحصل. حتى الأبواب المخلّعة لم يُرصَد لها مبلغ لتصليحها.

وبنتيجة التحقيقات تبيّن أيضاً أنّ هناك كاميرتين معطلتين كان أحد "الجيران" أهداها للسجن، ولا يوجد حرّاس على أسطح المباني ولا في باحة السجن، حيث نزلوا بواسطة الشراشف من دون أن يراهم أحد. كما تبيّن الإهمال في عدم التدقيق في هويّات وأغراض الداخلين إلى السجن والخارجين منه، وأنّ عدد العناصر يناهز 25 عسكريّا وإداريّا فقط، ما يعني أنّ السجن متروك. حتى أنّ القضاة والمحقّقين، عندما حاولوا الاقتراب من "اللولب" وهو المكان الذي من خلاله يرى عناصر الحرس كلّ الأجنحة، انهمرت عليهم زجاجات الماء والحجارة والمعادن (تنك) وبيض وبندورة من غرف الجناح المحطّمة الأبواب حيث بدا السجناء كما لو أنّهم في غابة "فلتانين على بعضن". وقال أحد عناصر الدرك للمحققين: "بَلا ما تستفزّوهم حتى لا يفتعلوا الشغب ويحرقوا السجن مُجدّدا"

السابق
في عيد انتصار المقاومة:هل تخسر العروبة قلبها النابض؟
التالي
كتاب جديد للسفير الدكتور غضنفر ركن أبادي