الجمهورية: لوّح العونيون بالاستقالة فتأبّط رئيس الحكومة شرّ تصريف الأعمال “حزب الله” توسّط بين ميقاتي وعون لاحتواء توتر الكهرباء

فيما تتسارع التحركات الدولية والاقليمية الهادفة الى الضغط على نظام الرئيس بشار الاسد لوقف قمع الاحتجاجات في سوريا، بقي الوضع الأمني في لبنان متصدّرا الاهتمامات السياسية نتيجة الحوادث الامنية المتنقلة، فيما ينتظر الجميع صدور رزمة جديدة من القرارات الاتهامية عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ونشر مضمون القرار الاتهامي الصادر في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

سوريا وتركيا

وفيما تستمرّ الأنظار شاخصة الى الوضع السوري، حيث دخل سلاح البحرية على خط الدفاع عن النظام (صفحة 14)، توافرت معلومات لـ"الجمهورية" مفادها أنّ الجانب التركي اقترح على الأسد باسم واشنطن ودول الخليج ان يقود مرحلة انتقالية تشكل خلالها حكومة في رعايته وتكون مهمتها الاشراف على انتخابات مطلقة الحرية ويشارك فيها حزب البعث، مع اعطاء الأسد ضمانا له ولعائلته وطائفته. كذلك طلب الجانب التركي من الاسد، حسب المعلومات نفسها، أن يعلن على الملأ خلال اسبوعين قبوله هذا الاقتراح، في مقابل أن يعمل الاتراك على وقف حركة الاحتجاج بالتعاون مع الولايات المتحدة ودول الخليج.

واشارت المعلومات الى ان الجواب الاولي السوري عن هذا الاقتراح التركي لم يكن واضحا، وان السوريين لم يجدوا انفسهم مضغوطين الى درجة تفرض عليهم القبول بهذا الاقتراح "المدعوم اميركيا وخليجيا" حسب ما أكد لهم وزير الخارجية التركية احمد داوود اوغلو.

بين ميقاتي وعون

في غضون ذلك بدا الوضع الحكومي مهددا بالتفسخ نتيجة الخلاف على ملف الكهرباء بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس "تكتل التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون، بعدما تم تأجيل بت هذا الملف في جلسة مجلس النواب الأخيرة لكي يعاد درسه في مجلس الوزراء ووضع "ضوابط" لمّح اليها ميقاتي، ومن ثم طرحه في الجلسة النيابية المقررة الاربعاء المقبل.

وقالت مصادر مطلعة لـنا إن الرابية شهدت الأسبوع الماضي نقاشا في فكرة استقالة وزراء "تكتل التغيير والإصلاح" من الحكومة احتجاجا على تأجيل اقرار اقتراح القانون البرنامج الخاص بتمويل تنفيذ خطة وزير الطاقة جبران باسيل لإصلاح القطاع الكهربائي مدة أسبوع، إذ قرأ التكتل هذا التأجيل على أنه محاولة لنسف الخطة الكهربائية. واشارت المصادر الى ان التكتل كاد يتخذ قرارا بهذه الاستقالة لولا دخول "حزب الله" على الخط سريعا، إذ اوفد الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله معاونه الحاج حسين خليل الى عون ليهدّئه، واعدا بمعالجة الأمر مع ميقاتي. وذكرت أن رئيس الحكومة عاش ساعات الاسبوع الماضي هاجس استقالة الوزراء العونيين، فتأبّط شر تصريف الاعمال لأن استقالة من هذا النوع إذا حصلت تحول حكومته حكومة تصريف اعمال.

وكشفت هذه المصادر ان باسيل ما زال مصرّا على طرح موضوع الكهرباء في جلسة مجلس الوزراء المقبلة، ولكن ميقاتي لا يبدو متحمسا للفكرة، وانه يطرح تنفيذ قانون الكهرباء لجهة تشكيل الهيئة الناظمة لهذا القطاع، وقد عكس ذلك تصريحات اطلقها بعض الوزراء المحسوبين عليه، ومنهم وزير الاقتصاد نقولا نحّاس، الامر الذي يرفضه باسيل لأنه يعتبر ان هذه الهيئة تقيد صلاحيات وزير الطاقة.

حزب الله وجنبلاط

وإلى ذلك يتوقع ان تكون الاتصالات التي جرت بين "حزب الله" ورئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط قد عالجت فتورا اعترى العلاقة بين الجانبين الأسبوع الماضي.

وعلى خلفية الاتصالات المفتوحة بين جنبلاط ومختلف الأطراف في طرفي الصراع، توقفت الأوساط عند اللقاء الذي عقد السبت الماضي بين نصرالله والوزير غازي العريضي عقب زيارة جنبلاط دمشق واجتماعه إلى معاون نائب الرئيس السوري اللواء محمد ناصيف.

وعلى رغم التكتم الذي لف اللقاء، اكتفى العريضي بالقول لـ"الجمهورية" ان لقاءه ونصر الله "تناول العلاقات الثنائية بين الطرفين، اضافة الى الوضع العام في لبنان والمنطقة".

وسئل العريضي عن الكلام الذي يقال عن "زعل" سوري من جنبلاط، فأجاب: "في الأمس كنا معا في سوريا وصدر كلام رسمي عن الحزب التقدمي الاشتراكي بعد عودتنا".

وعمّا اذا كان لقاؤه ونصر الله يمهد للقاء بين الأخير وجنبلاط، أجاب العريضي:

"ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها الطرفان، كما أنها ليست المرة الأولى التي التقي فيها السيد نصر الله، بل التقيته مرات عدة، لكنّه شاء هذه المرة ان يُعلن عن اللقاء في الإعلام".

وكانت شاعت في اليومين الماضيين معلومات مفادها أن أزمة نشأت بين "حزب الله" وجنبلاط وتجري اتصالات بين الجانبين لتطويقها.

وكان سببها أن جنبلاط قلق عندما بلغته معلومات تفيد عن "تركيز" منصات لصواريخ كاتيوشا وراجمات صاروخية في تلة الـ888، فسارع إلى ابلاغ "حزب الله" عبر احد نوابه بوجوب سحبها ملوّحا باتخاذ موقف، وقد تولى هذه المهمة النائب أكرم شهيّب الذي اتصل بمسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في "حزب الله" الحاج وفيق صفا الذي استمهله بعض الوقت ليرد عليه بأن من اقدم على ذلك هم عناصر غير منضبطين ينتمون الى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ــ القيادة العامة وليس الى المقاومة، وتمت معالجة الأمر.

وذكرت المصادر أنّ جنبلاط فهم من الامر "رسالة ما" أُريد توجيهها اليه على خلفية مواقفه الأخيرة.

قرارات اتهامية

وفي غمرة الملفات المفتوحة، تنتظر الأوساط السياسية رزمة جديدة من القرارات الاتهامية سيصدرها المدّعي العام للمحكمة الدولية القاضي دانيال بلمار، بعدما عزز رئيس المحكمة القاضي دانيال فرانسين صدقية التهم التي وجهها الى المتهمين بالجرائم المترابطة مع جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، ولا سيما منهما محاولتي اغتيال نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع السابق الياس المر والنائب مروان حمادة واغتيال الأمين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي.

ولفتت اوساط تتابع اعمال التحقيق الجارية الى اقتراب موعد إصدار القرارات الاتهامية الجديدة في مهلة اقصاها منتصف الأسبوع الجاري، وسط حديث عن اتهامات مباشرة ستوجه الى بعض من المطلوبين الأربعة من مسؤولي "حزب الله" الذين شملتهم الدفعة الأولى من القرار الاتهامي، اضافة الى اسماء جديدة ستشملها القرارات وستحدث ضجة إضافية، وخصوصا إذا صحت المعلومات التي تتحدث عن وجوه معروفة متورطة في هذه الجرائم لا يمكن النيابة العامة التمييزية والأجهزة الملحقة بها ان تدّعي عدم العثور عليها وتسليمها الى القضاء.

الأمن مجدّداً

الى ذلك يرث الاسبوع الطالع من الاسبوع الماضي سلة من الملفات الامنية تضاف الى هموم سياسية ودبلوماسية وقضائية أخرى، من انفجار انطلياس الى فرار 5 من سجناء "فتح الإسلام" من رومية الى حادث إهدن المتمثل بإطلاق نار على قصر الرئيس سليمان فرنجية اوقع ثلاثة جرحى، بينهم اثنان من حراسه. ودعا رئيس تيار "المرده" النائب سليمان فرنجية الى عدم إعطاء الحادث أكثر من حجمه.

وتعليقا على المشهد الأمني، قال النائب جورج عدوان لـ"الجمهورية": "إن الحكومة سقطت في فخ القبول بوجود سلاح خارج الدولة"، مشيرا إلى "أنّ المشكلة التي يعانيها لبنان تكمن في عدم فرض الدولة اللبنانية شرعيتها على كل التراب اللبناني، إذ إن الأمن لا يمكن أن يستتبّ الا عندما تفرض الدولة سلطتها على كل اراضيها، والا سيظل الأمن مهتزا، فلا أمن مُجزّأ ولا أمن بالتراضي، بل الأمن هو وحدة متكاملة".

واعتبرعدوان "اننا نعيش في زمن تتراجع فيه هيبة الدولة، وهناك مؤشرات كثيرة على هذا التراجع، عدا عن الأمن، كالبناء في الأملاك العامة وعدم خضوع الجميع للقانون كما يحصل في لاسا، وعدم تمكّن الدولة حتى اليوم من إخبارنا عمن خطف الأستونيين السبعة وكيف أُطلقوا، كذلك لم تخبرنا عن طبيعة الانفجار الذي حصل في الضاحية الجنوبية لبيروت أخيرا، كلها مؤشرات تدل الى ان الدولة في تراجع، لأنه لا يوجد نصف دولة أو ربع دولة، فإما دولة كاملة وإما لا دولة".

وشدّد عدوان على ضرورة أن يدرك الجميع "ان قيام الدولة يفرض الا يكون هناك سلاح خارج سلاح الدولة، لا مع اللبنانيين ولا مع غير اللبنانيين"، مشيرا الى انه "كلما بقي سلاح خارج الدولة بقيت الحالة الأمنية على ما هي عليه اليوم"، لافتا الى وجود مشكلات لا تتطلب مسكّنات، بل حلول مثل مشكلة السجون التي لا نستطيع تركها بلا حل، وعلى الحكومة تسريع بناء سجون جديدة، لأن وضع السجون القائمة لا يطاق والتسريع في محاكمة الموقوفين الذين لم يحاكموا حتى اليوم وفي الاجراءات القضائية، ولكن نحن عندنا حكومة تقوم بردات فعل وليس بأفعال".

الحدود البحرية

وبعيدا من كل هذه التجاذبات، انشغلت الاوساط السياسية بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن حول ملف ترسيم الحدود البحرية، والذي كشف فيه وجود خطوات متقدمة لبنانيا وإسرائيليا بالنسبة إلى تحديد النقاط الخلافية على الخط الازرق، كذلك كشف عن وجود ترتيبات أمنية لانسحاب الجيش الاسرائيلي من شمال قرية الغجر.

وفي هذا الإطار، قالت مصادر في قوى 8 آذار لـ"الجمهورية" انها لم تتبلغ أي جديد على خط الاتصالات المفتوحة بين السراي الحكومي الكبير والأمم المتحدة ولا على مستوى العلاقات القائمة بينها ومكتب الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة مايكل وليامز الذي تعاطى بهذا الملف قبل ان يغادر فجأة الى إسرائيل عبر الأردن لمواصلة اتصالاته غير المعلنة بين الطرفين اللبناني والإسرائيلي.

واضافت: "إن الحكومة ستكون امام محطة خلافية جديدة إذا تبين ان هناك التزامات جديدة رتّبها رئيس الحكومة على لبنان من دون موافقة مجلس الوزراء".

واعترفت المصادر نفسها "ان تقرير الأمين العام احدث فجوة من الشكوك في العلاقات بين اطراف الحكومة، وخصوصا ما بين الداعية الى الحوار عبر الأمم المتحدة في شأن الحدود البحرية ومن يهدد بمعادلات عسكرية وامنية في شأن ملف الثروة البحرية اللبنانية".

السابق
السفير: تركيا تلوّح مجدداً بتدخل عسكري أوبامـا والملـك السـعودي يطالبان الأسـد بوقـف فـوري للعنـف
التالي
أنا شرعي..لكنّي لم أعد نظاماً!