الشعب السوري الغائب دوليا الحاضر بثورته

بعد زيارة وزير خارجية تركيا احمد داود اوغلو هذا الاسبوع الى سورية, وزيارة السفير التركي لحماة, خرج بعدها السيد أوغلو ليعلن انسحاب الجيش السوري من حماة, في هذه الاثناء تكاثرت التصريحات والتحليلات حول ما حمله وزير الخارجية التركي" للعصابة الأسدية" التي لم تكف عن الاستمرار في استخدام الاساليب الوحشية بالتعامل مع شعبنا السوري, فلا الجيش انسحب من حماة ولا حمام الدم توقف, فلقد سقط أكثر من 100شهيد, بعد زيارة أوغلو هذه, وجرى اعتقال مثقفين وشعراء في تظاهرة مدينة السويداء, الذين لم يهتفوا بأي شعارات وانشدوا النشيد السوري, ومنهم الشاعر فؤاد كحل, الملفت للانتباه أن تقارير الصحافة التركية تؤكد أنه رغم تهديدات اردوغان إلا أنه حاول إعطاء العصابة الأسدية فرصة أخرى

وليس مستبعداً أن يكون هذا الأمر قد تم بالتنسيق التركي -الإيراني -الإسرائيلي, كما أشارت بعض هذه التحليلات, وما هو ملفت للانتباه في هذا الأمر, هو ترافق كل فرصة يراد اعطاؤها لهذه العصابة مع حديث عن غياب البديل وعن انقسام المعارضة السورية. فهنالك من يرى من المعارضين أنه آن الأوان لتشكيل مجلس انتقالي لضمان الانتقال الديمقراطي السلمي, ولضمان وجود جهة أخرى غير هذه العصابة يحاورها المجتمع الدولي أو بالأصح يتفاوض معها, وإن هذه الدعوة, وإن كانت محقة يجب أن تكون أولوية, إلا أن الموضوع برأيي في سورية, ومن هذه الزاوية, يختلف كثيرا عن بقية البلدان, ففي سورية لدينا جيش متماسك, ولن يرضى حتى لو ذهبت العصابة خارج الحكم أن يكون على هامش المرحلة الانتقالية, وهذا سؤال للمعارضة ماذا لديها تجاه حل هذه المعضلة?

فقيادات هذا الجيش والمخابرات وبقية قطاعات القتل المستخدمة في حق ابناء شعبنا, لن تتخلى عن مواقعها, واحدى المشكلات الان برأيي التي تواجه بعض القوى الدولية الداعية لتغيير العصابة الأسدية أنها لم تجد الجهة التي تفاوضها من داخل نظام العصابة ككل, أو من داخل الجيش بشكل خاص وهم يعرفون أسباب ذلك, لا بل يعرفونه جيدا, وفي بعض احاديثنا معهم, يتحدثون عن جيش طائفي هو السبب في تأخير صدور موقف دولي حازم, وهذه ميزة تجعل سفاحي سورية مرتاحين, ولاسيما أنه يترافق, كما قلنا مع الحديث عن معارضة منقسمة لا تصلح كبديل? وبهذا الخصوص لم يقدم أردوغان تصور حكومة بلاده, عن أي مرحلة انتقالية, كل الدول التي يسمع لها رأي في الموضوع, نلاحظ أنها تغيب الشعب السوري أو الكتلة الرئيسية فيه, بأن مطلبها هو تغيير النظام واسقاطه, ولأن الضحايا فاقوا إمكانية التراجع وإمكانية بقاء أي من شخصيات هذه العصابة الضيقة في مستقبل سورية.

كما قلت مرارا وتكرارا, ان وحدة المعارضة في مؤسسة ذات طابع تمثيلي, أمر مهم لكنه ليس سببا لعدم صدور قرار حازم من المجتمع الدولي, وعلى فرض أن المعارضة السورية بقيت منقسمة كحال المعارضات الأخرى, ماذا يعني هذا? هل يعني أن تكافأ هذه العصابة على قتلها ومجازرها وعلى ما فعلته بشعبنا?

أعتقد وبمعزل عن وضعية المعارضة السورية, يجب أن يصدر قرار من مجلس الأمن بتحويل هذه العصابة الى محكمة الجنايات الدولية وكل الوثائق باتت بحوزة هذا المجلس, فلماذا التأخير إذا? لأنه مرتبط بفرص تعطى للعصابة, ويقابلها غياب مطلب الأكثرية الشعبية السورية.

على المعارضة أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية وتشكل أقله هيئة تأسيسية, من شخصيات سورية معارضة ومن شباب التنسيقيات, من أجل أن تكون الحاضن التشريعي والرقابي لعملية الانتقال الديمقراطي. وهذه لا تحتاج الى مؤتمرات, بل يمكن تداولها عن طريق وسائل الاتصال, وإقرارها أيضا, لا تتركوا المجال لكي يبقى شعبنا الثائر غائبا عن لوحة إعطاء الفرص هذه, وكاقتراح عملي يمكن تشكيل هذه الهيئة وهي فيما بعد تقرر من
لجان التنسيق المحلية واتحاد التنسيقيات عبر اقتراحهم لأسماء محددة, ومعهم مجموعة من تطرحها هيئة التنسيق, كذلك الحال بالنسبة الى علان دمشق ومؤتمر انطاليا وبروكسل ولقاء السميراميس, ومؤتمر الانقاذ, هل هذه قضية صعبة أن يتم طرحها وتداولها عبر الاتصالات ومن دون حاجة الى مؤتمرات?

يجب أن يعرف الجميع أن شعبنا صحيح غائب عن حسابات هذه الدول, لكنه هو الحاضر الأكبر ولولا قوة حضوره في مطلبه نحو الحرية, لما يتم إعطاء فرص لهذا النظام المجرم. ولهذا الموضوع معنى إسرائيليا وإيرانيا وتركيا خالصا, لهذا نحن نشكر دول "مجلس التعاون" الخليجي رغم تأخر موقفها, على أنها كانت صوتا مغايرا نسبيا? وشكل أساسا لتصريحات هيلاري كلينتون, كما أن على دول العالم أن تنضم للضغط من أجل رحيل هذه العصابة.
فلا تتركوا المجال لتركيا أو لإسرائيل أو لإيران أو لغيرها من الدول ان تغيب شعبنا ومطلبه الأساس في الحرية والكرامة بعد هذه الجريمة, وهي تصر على إعطاء الفرصة تلو الأخرى لهم. وهذا نداء شخصي من مجموعة من الأسماء المتواجدة في ساحة الفعل المعارض.

السابق
السفير: رصد الشبكات الإسرائيلية … وتجنّب استفزاز سوريا الحريري يساجل سليمان … وحزب الله يدعو لوقف التضليل المنظّم
التالي
الراي: اردوغان طلب من أوباما… فرصة أخيرة للأسد